يحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على زيارة مناطق المملكة للالتقاء بالمواطنين عن قرب وتفقد الأحوال المعيشية، فضلا عن ذلك متابعة المسيرة التنموية في مناطق المملكة وما تتطلبها من جهود لمواصلة عجلة النمو والتطور في مختلف المجالات لمزيد من التقدم والازدهار الذي يعود على الوطن والمواطن بالخير والنفع والرخاء والرفاهية.
لذا فإن الزيارة الميمونة المباركة التي يقوم بها قائد المسيرة لقصيم النماء والتطور تعد حدثا تاريخيا مهما ينتظره الأهالي، حيث تظهر الفرحة والبهجة والغبطة والسرور لرؤية ولقاء المليك خادم الحرمين الشريفين، وما ذلك إلا دلالة واضحة قوية على صدق الأحاسيس والمشاعر القلبية المليئة بالحب والوفاء، وتعبيرا عن روابط الثقة المتبادلة والتلاحم القوي المتين بين الراعي والرعية بين المليك ومحبيه المخلصين بين خادم الحرمين الشريفين والمواطنين. وهذا أمر طبيعي لأنه نتاج الغرس الطيب الحميد للقائد المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - الذي خلص المجتمع من الفرقة والتشاحن والتباغض ليعيش أبناء الوطن في كل ارجاء المملكة في دوحة واحدة نمت وترعرعت وأينعت على يد الملوك أبناء عبد العزيز : سعود وفيصل وخالد وفهد ثم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، مما كان لها آثار عظيمة في العلاقات الأبوية والأخوية وتوطيد الروابط بين ولاة الأمر والرعية بين القيادة الرشيدة والمواطنين بين خادم الحرمين الشريفين وأبناء المملكة، مما كان دافعا قويا لتشجيع الجميع لتقديم المزيد من الجهد، فساعدت كثيرا في تسريع عجلة النماء والتطور في مختلف ارجاء الوطن الحبيب فكانت النهضة.
فالمملكة اليوم تعيش نهضة عصرية شاملة تزيد قوة وشموخا وتميزا في مختلف المجالات عاما بعد الآخر فها هي المنجزات الحضارية القائمة على احدث وسائل التقدم العلمي والتقني تتلألأ وضوحا في النهار بضوء الشمس وفي الليل بضوء الأنوار الكهربائية التي انتشرت في مختلف مناطق المملكة في المدن والمحافظات والمراكز، ليتمتع المواطن بكل هذه الإنجازات التي تتعلق بحياته المعيشية فينعم بالحياة الطيبة التي تتلاءم وشريعتنا الإسلامية السمحة ولا تتعارض مع خصائص المجتمع السعودي لأن دستور البلاد هو القرآن الكريم. لذا فقد عرف الجميع الطريق الصحيح الذي يسير فيه فشعاره العمل الجاد الصادق. وهذا ما جعل للمملكة خصائص وميزات نسبية امتزجت فيها القيم والأصول العربية بالمنجزات الحضارية فأصبح للمملكة المكانة الخاصة المميزة بين الدول العربية والإسلامية والصديقة لوجود المنهج الثابت الواضح الصريح لسياسة المملكة التي تنتهجها في مختلف العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والدولية.
سياسة الباب المفتوح
فحكومة خادم الحرمين الشريفين تتبع سياسة الباب المفتوح للجميع دون استثناء بمعنى أنه ليس هناك حاجز بين الراعي والرعية لأنه لا يوجد ما يحول بين الملك والمواطن، بل في المقابل هناك دوافع تحفز لتلاقي خادم الحرمين الشريفين مع أبناء الوطن فالعلاقة واضحة ركائزها راسخة لأنها مزجت بعناصر الحب والإخاء والولاء.
فالملك رغم المسؤوليات الجسام خصص موعدا لمقابلة المواطنين لعرض مطالبهم وشكواهم بكل حرية؛ لأن الهدف من اللقاء هو حل القضية الخاصة لأن الموضوعات العامة يتم إنجازها من قبل المختصين والمسؤولين في كل منطقة.
من هنا يمكن القول إن غياب الحواجز بين الملك والمواطنين له الأثر الطيب الفعال في نفوس الناس ودافع قوي لزيادة أواصر المحبة والترابط والتآخي والولاء والإخلاص بالفعل والعمل.
إن هذه العلاقة الحميدة تؤتي ثمارها في نجاح وتسريع عمليات النمو والتطور التي تطلبتها المملكة فالمال وحده لا يكفي لبناء الأوطان. ولكن هناك ركائز أساسية للنمو والتطور وهو بذل الجهد البناء المبني على قوة العزيمة والإرادة الصادقة والإخلاص والولاء للوطن.
فحب المواطن لبلده جعله عاملا محفزا لتقديم ما يتوافر لديه من إمكانات يشارك بها للنهوض بالوطن. فالجميع يعمل بجد وإخلاص وطيب خاطر لأنهم يحتذون بالقدوة وهم ولاة الأمر الذين يسارعون في بذل الجهد والعطاء، فالكل يتعاون ويتكاتف من أجل الوطن والمواطن فتسارعت عجلة البناء والنمو والتطور في مختلف القطاعات الحكومية والأهلية. فها هم رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال يقدمون على بناء المشروعات العديدة والمتنوعة في مختلف الأنشطة بكل قوة وحزم وإرادة وعزيمة، لأنهم وجدوا الدوافع الحقيقية للنهوض من تخطيط وجهد بناء متمثل في الدعم والمحفزات التي تشجع رجال الأعمال للمشاركة الإيجابية في عمليات التنمية، حيث توافرت عوامل الجذب الاستثماري فضلا عن توافر الأمن والاستقرار في كل ربوع المملكة فكانت النهضة التي تعيشها البلاد.
هذه هي القيادة الرشيدة التي توالت بعد القائد المؤسس فكانت خير خلف لخير سلف، قيادة تحكم البلاد بالحب والصدق والإخلاص لأنها تربت وترعرعت على يد الملك المؤسس - رحمه الله - فتحملت المسؤوليات وتحملت أمانة الوطن والمواطن فكان الطريق واضحا. فها هو الملك عبد الله بن عبد العزيز ينتهج نفس السياسة التي عرفناها منذ أن كان رئيسا للحرس الوطني ثم وليا للعهد وقد برز في الكثير من المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية قبل توليه حكم البلاد لأنه يعمل من واقع حب الوطن والمواطن. ويترجم هذا الحب بصدور العديد من القرارات منذ تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم. سأطرح بعض النماذج التي تتعلق بمصلحة المواطن في تلك الفترة القصيرة من وقت لآخر صدرت قرارات بالأمر السامي منها زيادة المرتبات بمعدل خمسة عشر في المائة لكل العاملين في الدولة في مختلف الأجهزة والإدارات والمنشآت الحكومية والعسكرية والأمنية بهدف رفع مستوى الحياة المعيشية للمواطنين. وإذا انتقلنا إلى التنمية البشرية فالنهضة التعليمية تزيد تألقا وشموخا في المملكة لتؤهل المواطن لسوق العمل، فقد تم بأمر ملكي افتتاح جامعات جديدة لسد حاجة المجتمع من القوى العاملة الوطنية.
أوامر ملكية كريمة
وبالأمس القريب صدر أمر ملكي بخفض أسعار المحروقات رغم ما تعانيه الكثير من الدول إزاء الارتفاع المتزايد لأسعار النفط وما يتبعه من ارتفاع كبير في أسعار المحروقات. وإن كان هناك نفع حقيقي على المواطن بخصوص خفض أسعار المحروقات إلا أنه لو نظرنا من الوجهة الاقتصادية فهناك منظور أشمل للمنفعة التي تأتي بجانب منفعة المواطن بذلك الشأن وهو المنظور الاقتصادي الذي يتمثل في كل ما يرتبط ويتعلق بوسائل النقل المختلفة التي تستفيد من ورائه الكثير من الأنشطة العديدة والمتنوعة من مشروعات زراعية وصناعية وعمرانية وتجارية، لأنه سيترتب عليها خفض تكلفة الإنتاج في المشاريع الإنتاجية والخدمية حيث تزيد حركة النقل والتجارة وما يتبعها من تنشيط لحركة بيع وشراء السيارات الجديدة والمستعملة وما تتطلبه من قطع غيار وصيانة وإصلاحات مما تعد حركة اقتصادية متكاملة تعود على الوطن والمواطن بالخير والمنفعة.
وإذا انتقلنا إلى تهيئة المسكن الملائم للمواطن فسوف يجد بيسر وسهولة هذا المطلب الحيوي المهم لأنه صدر مرسوم ملكي ببناء ستة عشر ألفا من الوحدات السكنية بمختلف أنحاء المملكة. وقد زادت فرحة المواطن أكثر عندما صدرت قرارات جديدة تخص هيئة سوق المال السعودية وذلك بعد أن حدثت هزة في البورصات ترتب عليها ظهور هبوط مفاجئ في أسعار الأسهم؛ مما أضر بالكثير من المواطنين وبات هاجسا في سوق المال السعودية وتعالت النداءات والصيحات في البورصات.
ولقد كان لصدور القرار الملكي دور إيجابي في إعادة السوق لحيويتها، ليس هذا فحسب بل وقد صدر أيضاً قرار ملكي بإنشاء صندوق استثماري لذوي الدخل المحدود وأصحاب رؤوس الأموال التي لا تزيد على نصف مليون ريال بشرط أن لا يترتب عليه خسارة رأس مال المساهمين.
مدينة الملك عبد الله الاقتصادية
ولا يغيب عنا المشروع العملاق المتكامل الذي سيعود على الوطن والمواطن - بإذن الله - بكل خير ونفع. هذا المشروع الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين في بناء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ وهي مدينة متكاملة الخدمات والمرافق والإسكان فضلا عن المشروعات الصناعية التي ستقام على أحدث وسائل وأساليب التقدم العلمي والتقني. إن هذه المدينة الجديدة تعد إضافة كبيرة للمشروعات العملاقة في المدينتين الصناعيتين الجبيل وينبع ليس فقط لفتح آفاق فرص العمل العديدة والمتنوعة لتوظيف الخريجين والشباب في مختلف الأنشطة المتعلقة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية فحسب بل لما يعود على الوطن والمواطن بالخير والرفاه والنفع بعد استكمال الإنشاءات والتجهيزات والمرافق والإسكان وسائر الخدمات بهذه الصورة العملاقة وما يلزمها وتتطلبها من أنشطة ذات علاقة بعمليات البناء والتشييد والتجهيزات، وحتى بعد الانتهاء وبدء تشغيل المشروعات التي ستعود بالمنافع المشتركة كعمليات النقل والتسويق لسد متطلبات الشركات الصناعية وغيرها.
إنها حنكة القيادة الوفية المخلصة التي تهتم بأمر المواطن وشؤونه إزاء تلمس الملك عن قرب لحياة الأهالي ومعرفة احتياجاتهم المعيشية وما هذا إلا تعبير عن صدق العلاقة ومدى الاهتمام المتزايد بالمواطن.
فأهلا وسهلا بقدوم الملك عبد الله لمنطقة القصيم وهنيئا لكل منطقة من مناطق المملكة عندما تتاح الفرص المناسبة لزيارتها والالتقاء بالمواطنين الذين تدب في قلوبهم الفرحة والغبطة والسرور .. فمرحبا وأهلا يا خادم الحرمين الشريفين فلقد أثلج قدومكم صدور أهالي وأبناء القصيم وأعيانها ومشايخها. الكل يستعد لهذا اللقاء التاريخي المهم للزيارة الميمونة المباركة التي يقوم بها الملك الذي أحب أبناء الوطن فأحبوه وأخلص لهم فكان الولاء والطاعة للوالد والأخ الكريم الحنون الذي يبذل الجهد من أجل تحقيق المزيد من التقدم والازدهار والحفاظ على أمن الوطن ومكتسباته التنموية من شرور الحاقدين وأعداء الحق والأمن والأمان.
إنها لمسؤوليات جسام لا يتحملها إلا القادة العظماء المخلصون الأوفياء. فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عرف بالتحلي بصفات القيادة الحكيمة وخير دليل على ذلك هو اختيار ملك المملكة العربية السعودية الشخصية الخليجية الأولى لعام 2005م وإزاء هذا الاختيار يكفي المواطنين أبناء المملكة فخرا واعتزاز بهذا النبأ السار العظيم وإني أتقدم بأسمى آيات التهنئة والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز وإلى كل أبناء الأسرة المالكة وإلى الشعب السعودي بهذه المناسبة الجليلة متمنين للقيادة الرشيدة التوفيق ونسأل الله أن يسدد خطاهم ويحفظهم من كيد الأشرار والحاقدين.
لقد شهدت منطقة القصيم تقدما حضاريا مميزا في شتى المجالات التنموية الإنتاجية والخدمية. فها هي النهضة العمرانية الحديثة تتلألأ شامخة في كل ربوع القصيم والغبطة والسعادة والسرور تملأ قلوب أبناء وأهالي مدن ومحافظات ومراكز وقرى القصيم لقدوم خادم الحرمين الشريفين.
زيارة ميمونة
إن هذه الزيارة الميمونة المباركة تعد مناسبة سعيدة وذكرى تاريخية خالدة لأن الجميع يحب القائد خادم الحرمين الشريفين فالحب الخالص كامن في قلوبنا وراسخ في صدورنا وهي نعمة من الله لوجود هذا الحب المتبادل والوفاء والإخلاص النابع من القلب وهو ما قد حرمت منه قيادات وزعماء في دول كثيرة. إن خير دليل على أن المناسبات السعيدة ذكريات خالدة هو ما يتذكره أهالي القصيم منذ تسع سنوات عندما قام الملك عبد الله آنذاك بزيارة منطقة القصيم لوضع حجر الأساس لمشروع مبنى إمارة منطقة القصيم على أحدث طراز معماري تكلف نحو مائة مليون ريال، وقد افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية. وقبل هذه الزيارة بشهر نتذكر أيضاً زيارة منطقة المدينة المنورة لوضع حجر الأساس لمشروع الطريق السريع بين القصيم والمدينة المنورة وينبع وهو مشروع حيوي مهم، وكذلك طريق القصيم - حائل الذي يربط شمال المملكة بجنوبها فشبكة الطرق السريعة تضفي على القصيم دورا حيويا وفعالا لسائر أنشطة القطاعات التنموية ليس لربط منطقة القصيم بمناطق المملكة فحسب بل أيضاً لوجود الطرق السريعة داخل المنطقة، فربطت بين كل مدن ومحافظات ومراكز القصيم. وهكذا تتواصل مسيرة البناء والتعمير مسيرة الخطط التنموية التي نجحت في قيادتها حكومة خادم الحرمين الشريفين بقيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين.
ولا يغيب عنا الدور الكبير الذي ألقي على عاتق صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود لما يبذلانه من جهود بناءة. ولا يسع أهالي منطقة القصيم سوى تقديم آيات الشكر والعرفان والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لهذه الزيارة الميمونة المباركة، سائلين الله العلي القدير أن يوفق قادتنا الرشيدة والأسرة المالكة لما فيه الخير وأن يسدد خطاهم لمزيد من النمو والتطور وأن يديم علينا جميعا نعمة الإسلام والأمن والأمان ويحفظ مملكتنا الحبيبة وقيادتها الحكيمة من شرور الحاقدين ومن كيد أعداء الحق والدين.
د. عبد الرحمن بن عبد الله المشيقح عضو مجلس الشورى -رئيس مجلس إدارة كليات القصيم الأهلية |