شهد هذا الأسبوع تذبذباً في نطاق ضيق للغاية لدرجة أنه تسبب في ملل المتداولين الذين ظهر عليهم نوعٌ من اليأس في تحريك المؤشر سواء لأعلى أم لأسفل. فزاد حجم التداولات أم نقص، وزادت قيمة التداولات أم قلت، واشتدت المضاربات أم ركدت لا تأثير لها جميعاً على حركة المؤشر. فماذا حدث؟ ولماذا هذا المسار الصفري؟ وهو هو لصالح السوق أم ضده ؟ فضلاً عن ذلك، فقد لُوحظ هذا الأسبوع ارتباك في التقرير الأسبوعي للتداول، حيث شهد التقرير الأسبوعي الأخير أخطاء في طريقة حساب نسب التغير الأسبوعية التي جاءت في كثيرٍ من الحالات إيجابية ربما أنها في الحقيقة سلبية أو جاءت إيجابية أكثر من واقعها الحقيقي. ولا يوجد تفسير سوى أن إلغاء تداول يوم الخميس لم يتم تعديله في نظام تداول على النحو السليم للقيام بحساب النسب بشكلٍ صحيح.
ومن جانبٍ آخر، برزت خلال الأيام الأخيرة ظاهرة صحية تمثلت في بروز تأثير واضح وقوي للمساهمين في التأثير على قرارات مجالس إدارة الشركات المساهمة.
التذبذب الممل للمؤشر:
شهد الأسبوع المنصرف حالة محيرة للمستثمرين نتيجة تذبذب المؤشر داخل نطاق ضيق للغاية، حيث افتتح التداول على 11994 نقطة، وأغلقت تداولات الأسبوع على 12046 نقطة، أي أن حصيلة التغير خلال أسبوع تداول هي زيادة بنحو 52 نقطة، أي بما يعادل 0.43%.
فقد أغلق المؤشر يوم السبت الماضي على مستوى 11692 نقطة بانخفاض بنحو 302 نقاط، ثم استرد المؤشر بعضاً من خسائره في يوم الأحد، حيث أغلق على 12061 نقطة بزيادة بنسبة 3.2%، ثم استقر إلى حد ما يوم الاثنين، حيث زاد بنسبة طفيفة بنحو 0.15%.
ثم عاود الهبوط مرة أخرى يوم الثلاثاء ليغلق عند مستوى 11936 نقطة بخسارة بنحو 1.18%.
وأخيراً صعد يوم الأربعاء إلى مستوى 12046 نقطة، محققاً زيادة بنحو 0.92%.
وعلى الرغم من حركة الصعود والهبوط التي شهدها المؤشر خلال هذا الأسبوع إلا أن حركته في حد ذاتها تسبب حيرة وإرباك المستثمرين الذين لا يجدون إجابات مفهومة لهذا التذبذب الذي وصل لحد الملل. المسار الصفري... حصيلة تغير المؤشر خلال عشرة أيام تقل عن 1%:
من أبرز الظواهر التي شهدها الأسبوع المنصرف، والأسبوع السابق له، هي أن حصيلة تغير المؤشر خلالهما لا تتجاوز الـ 1% تقريباً. فقد بدأ المؤشر خلال الأسبوع قبل الماضي على مستوى 11639 نقطة، ومنذ ذلك الحين والمؤشر يتأرجح ما بين هذه النقطة وحتى مستوى 12100 نقطة.
الأمر الذي جعله يصنع مساراً ربما يعادل الصفر، أو جعله يتخذ مساراً أفقياً في حركته.. لا صعود ولا هبوط. ونحن نتساءل هل هذا التذبذب يوصف بأنه ممل أم منضبط ؟ وهل يعمل لصالح السوق أم ضده؟
هل تذبذب المؤشر ممل أم منضبط؟
على الرغم من وصف الكثير من المحللين لحركة المؤشر بالمملة، وأنها تتسبب في حالة من اليأس لكثير من المتداولين، إلا أنني أجزم بأن هذه الحالة من الملل هي ذاتها التي كان يفتقدها المؤشر والسوق ككل منذ شهر تقريباً من الآن، وقبل تكليف الرئيس الجديد لهيئة السوق المالية، حيث اتخذ المؤشر اتجاهاً نزولياً عنيفاً، ولم يستطع أحد إيقاف هذا النزول.
بل إنه منذ سبتمبر من العام الماضي وحتى 25 فبراير من العام الحالي اتخذ المؤشر اتجاهاً صعودياً بشكل مبالغ فيه، ولم يستطع أحد أيضاً إيقافه. فأيهما أفضل، وأي الأوضاع في صالح السوق والمستثمرين؟، بل أي من هذه الأوضاع تمثل الوضع المستقر للسوق؟... هل من صالح السوق ترك المؤشر ليتحرك بحرية ومرونة حسب أهواء المضاربين الذين لا تحكمهم سوى مصالحهم الشخصية، وأهوائهم ربما المزاجية في إرهاب صغار المستثمرين، وجني رؤوس أموالهم بحركات وهمية، وغيرها؟ بالطبع أن حالة الملل التي يتسم بها المؤشر حالياً أفضل من ترك المجال لصعود حسب مضاربات عشوائية لا تحكمها معلومات ولا أداء شركات، ولا حتى أي أسسٍ حالية ولا مستقبلية لشركات الأسهم. وأيضاً حالة هذا الملل أفضل كثيراً من ترك المؤشر ليحمله المضاربون على عرباتهم لانفاق تهبط بأسعار الأسهم إلى ما تحت أسعارها الدفترية، ثم يتركون المؤشر ويصعدون بهذه الأسهم بأسعار زهيدة.
إن حالة التذبذب الضيق التي يمر بها المؤشر هذه الأيام تمثل أكثر الأيام استقراراً للمؤشر وللسوق. فاليوم لا خوف من إحمرار المؤشر، ولا قلق من إخضراره، الجميع يعلم بأن هناك من يراقب ويتابع، ومن هو قادر على لجم جماح المؤشر للسير في اتجاهه الصحيح. لكل ذلك، فإنه يمكن تسمية هذا التذبذب بالتذبذب المنضبط.
السوق يعوض جزءاً من خسائره في الماضي:
كما هو موضح في الجدول رقم (1)
على الرغم من حركة التذبذب الحاد داخل نطاق ضيق التي يشهدها المؤشر هذه الأيام، إلا أنه يسير في الاتجاه الصحيح.. اتجاه تعويض خسائر الماضي على نحو تدريجي رائع.
فقد ارتفعت قيمة رسملة السوق من 1731 مليار ريال حسب إغلاق الأسبوع قبل الماضي إلى نحو 1787 مليار ريال في إغلاق الأسبوع الماضي، ثم ارتفعت إلى مستوى 1799 مليار ريال خلال هذا الأسبوع.
ورغم انخفاض مستوى الزيادات التي تحققها القيمة السوقية للأسهم، إلا أن استقرار وثبات الاتجاه الصعودي يعتبر مكسباً كبيراً للسوق بعد فترة طويلة من الخسائر المتواصلة. بالتحديد، فقد استرد السوق على مدى الأسبوعين الماضيين حوالي 68 مليار ريال من خسائره في الماضي.
أداء القطاعات السوقية:
جاء أداء الأسبوع الحالي للقطاعات السوقية مغايراً إلى حدٍ ما عن أداء الأسبوع الماضي، حيث برز قطاعا الزراعة والكهرباء كأعلى أداء بنسب 9.2% و5.6% على التوالي.
يليهما قطاعا التأمين ثم الصناعة، كما يتضح من الجدول رقم (2).
أما على مستوى السيولة المتداولة في هذه القطاعات، فعلى النقيض للأداء الأسبوعي برزت قطاعات الصناعة والخدمات كأعلى قطاعات توجهت إليها السيولة النقدية بنسب 41.6% و28.4% على التوالي. بمعنى أن أعلى أداء كان لقطاعي الزراعة والكهرباء، في حين أعلى تداول كان في قطاعي الصناعة والخدمات.
سهم الكهرباء يقود المؤشر:
لا يزال سهم الكهرباء وللأسبوع الثاني تقريباً على التوالي يقود المسار الصعودي للمؤشر العام للسوق.
ويوضح الشكل المرفق أن تحركات المؤشر تكاد تنطبق تماماً على تحركات سهم الكهرباء منذ يوم 4 يونيه الماضي.
أيضاً برزت ظواهر غربية في تحركات سهم الكهرباء وبخاصة هذا الأسبوع، حيث مضاربات مشتعلة على الدوام، وجني أرباح يمكن القول إنه سريع وقوي، ربما بشكلٍ يومي.
خمسة أسهم تستحوذ على 21% من السيولة المتداولة:
بشكلٍ مشابه للأسبوع الماضي، استحوذت خمسة أسهم هذا الأسبوع أيضاً على ما يعادل نحو 21% من قيمة التداول، حيث شارك سهم الكهرباء وحده بنحو 6.4% من قيمة التداول، يليه المواشي بنحو 3.8%. وهنا نتساءل هل يستحق سهم المواشي بالفعل أن يستحوذ وحده على نحو 3.8% من قيمة التداول؟ وكيف يمكن تفسير تحركات السهم من مقدار أقل من قيمته الدفترية (وصل إلى أقل من 10 ريالات خلال أزمة النزول الحاد) إلى مستوى 28.25 ريالاً خلال هذا الأسبوع.
فلا دلائل على أن السهم حقق أو سيحقق أرباحاً نستطيع القول إنها رائعة، ولا يوجد خلاف على أن كثيراً من الأسهم في السوق اليوم خفيفة السعر، فلا تميز فيه.
ولا يبقى لنا سوى اشتعال المضاربات العشوائية عليه التي تسير بكثيرٍ من المستثمرين في طريق المجهول، وعندما يحدث نزول يسعى الكثير منهم إلى تركيب أخطائهم على الجهات المسؤولة وغيرها.
كما هو موضح في الشكل رقم (3)
مضاربات عشوائية وانخفاض ملحوظ في القيمة المتداولة:
برز خلال هذا الأسبوع اشتداد حدة المضاربات العشوائية عما ذي قبل، وبخاصة على بعض الأسهم التي لا يمكن وصفها بالأداء الجيد، حيث جاءت أسهم الكهرباء والمواشي وحائل، والأحساء والكابلات كأعلى نشاط من حيث الكمية.
في حين جاء أسهم الكهرباء والمواشي وسابك والأحساء وصافولا كأعلى أسهم من حيث قيمة التداول. أيضاً من الملاحظ هذا الأسبوع انخفاض القيمة المتداولة عن الأسبوع الماضي، حيث انخفضت من 15.4 مليار ريال إلى 120.1 مليار ريال.
ويفسر إلغاء تداول يوم الخميس جزءاً من هذا الانخفاض، ولكن في ظل معرفة أن تداول الخميس كان لفترة واحدة وكان متوسط التداول فيها لا يتجاوز مستوى الـ 15 مليار ريال، نجد أن هناك انخفاضاً ملحوظاً يفوق تأثير إلغاء تداول الخميس.
فهل هناك انسحاب جزئي من بعض المحافظ الكبيرة أم هي الإجازة الصيفية أم غيرها؟؟؟
جاذبية مكررات الربحية لبعض الأسهم:
لا تزال أسهم عديدة في السوق تتصف بتميز وجاذبية مكررات ربحيتها. فكما يتضح من الشكل المرفق يوجد العديد من الأسهم التي تقل مكررات ربحيتها عن مستوى 20 مرة.
وجميع الأسهم على الشكل المرفق من الواضح أنها تنتسب للقطاع البنكي أو قطاع الأسمنت أو بالأحرى غالبيتها أسهم قيادية أو من الأسهم ذات الأداء المتميز. الغريب أننا نفتقد هذه الأسهم في حركة التداول بشكلٍ جزئي ملحوظ!!
توقعات الأسبوع المقبل:
لا يزال السوق في حالة ترقب لصدور إعلانات الشركات عن أرباحها للنصف الثاني، هذه الأرباح تحديداً هي التي ستوجه المستثمرين في الفترة المقبلة.
وفي اعتقادي أن صدور إعلانات الأرباح هذه الفترة بالذات يمثل اختباراً حقيقياً للسوق وللمستثمرين هل كلاهما يسير في الاتجاه الصحيح أم لا؟ ففي حال تم الإعلان عن خسائر للشركات التي تشتد عليها المضاربات العشوائية الآن، واستمرار المضاربات عليها.
هنا تكمن الخطورة في تأكيد حالة الانفصام بين أداء الشركات وبين حركة التداول عليها.
أما كون يتم الابتعاد عن الشركات الخاسرة، وانخفاض أسعارها السوقية بناء على ذلك، فإن ذلك يمثل الاتجاه الصحيح للسوق.
وعليه وتحت افتراض رشادة المستثمرين، فإن كافة أسهم المضاربة التي شهدت ارتفاعات شديدة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية يتوقع أن تشهد نزولاً وربما بنسب كبيرة حال الإعلان عن خسائر شركاتها في تقارير النصف الثاني، وبخاصة لتك الشركات التي لم تتأثر إيجاباً بانخفاض أسعار البنزين.
د. حسن أمين الشقطي محلل اقتصادي ومالي
|