* ما الممارسات الخاطئة في تغيير المنكر؟ وكيف يمكن علاجها؟
- الممارسات الخاطئة في تغيير المنكر تتلخص فيما يلي:
1- أن يقوم بتغيير المنكر من لا علم عنده بما يحل ويحرم وما هو منكر وما ليس بمنكر، فإن هذا يفسد أكثر مما يصلح، وقد يُحرَّم حلالاً ويُحِلُّ حراماً. ولا يستطيع دفع الشبهات التي توجه إليه، فلا بد أن يكون القائم بذلك عالماً بما يأمر عالماً بما ينهى عنه، يستطيع المجادلة بالتي هي أحسن ودفع الشبهات التي توجه إليه من أصحاب الشهوات والمغالطات.
2- أو يقوم بتغيير المنكر من ليس عنده حكمة ووضع للأمور في مواضعها وترتيب للأولويات، فقد يقوم بإنكار منكر صغير وهناك ما هو أكبر منه وأولى بالبداءة بتغييره، أو يقوم بإنكار منكر يخلفه منكر أعظم منه، فلا بد من الحكمة في ذلك.
3- أو يقوم بتغيير المنكر بطريق العنف والشدة، ثم يقابل بمثل ذلك أو أشد، فلا يحصل المقصود، فلا بد أن يكون الآمر الناهي رفيقاً فيما يأمر به رفيقاً فيما ينهى عنه.
4- أو يقوم بإنكار المنكر وتغييره من ليس عنده صبر وتحمل فينقطع في أول الطريق ويترك التغيير لأنه أصيبَ باليأس، ولا بد في الآمر الناهي من الصبر والتحمل، قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3) }سورة العصر، وقال تعالى عن لقمان: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}(17)) سورة لقمان.)
5- أو يقوم بذلك من لا يتقيد بدرجات الإنكار التي بينها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فربما ينزل إلى درجة وهو يستطيع التي قبلها، أو يصعد إلى درجة وهو ليس من أهلها.
6- قد يكون من بعض الآمرين بالمعروف تسرع في بعض الأمور المهمة، بأن تكون له مبادرات لا يرجع فيها إلى أهل العلم والرأي والمشهورة الذين يقومون بدراسة الأمور ويعملون تجاه كل شيء ما يناسبه، إن ارتكاب هذه الأخطاء أو بعضها يعوق مسيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تُحدِث أموراً عكسية، وقد يحصل منها نتائج غير كافية، فمثلاً الذي يقوم بإنكار المنكر الخفيف ويترك المنكر الذي هو أعظم منه لا يُنتِج عملهُ كبير فائدة، فالذي يترك إنكار الشرك والبدع وينكر أكل الربا والسفور وغير ذلك من الأمور التي يوجد ما هو أعظم منها يكون قد بدأ من آخر الطريق وعالج جسماً مقطوع الرأس وخالف منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقد كانوا يبدؤون بإنكار الأهم فالمهم، كانوا يبدؤون بإنكار الشرك وعبادة غير الله، فإذا صححوا العقيدة أولاً التفتوا إلى إنكار المعاصي الأخرى.
خذ هذا مثلاً في منهج نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد بقي في مكة ينكر الشرك ويدعو إلى التوحيد ثلاث عشرة سنة قبل أن ينكر الربا والزنى وشرب الخمر ويأمر بالصلاة والزكاة.
قد يقول قائل: هذا كان في مجتمع المشركين، أما نحن، ففي مجتمع مسلم عنده بعض المخالفات.
فنقول: إن ما كان موجوداً عند المشركين في الجاهلية يوجد اليوم في غالب بلاد المسلمين ما هو مثله أو أعظم منه من الشرك بالله المتمثل في عبادة الأضرحة والطرق الصوفية والبدع في الدين، فالواجب على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في تلك البلاد أن يهتموا بذلك وأن يبدؤوا بإنكاره بجد وعزيمة حتى تطهر البلاد منه ثم يواصلوا مسيرتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بقية المخالفات.
عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان
|