آخر الخيارات في السيناريوهات التي وضعتها إسرائيل للتعامل مع وصول حركة حماس للسلطة في الأراضي الفلسطينية المحررة، هو الخيار الرابع (الحرب الآن).. يقول المحلل الإسرائيلي الأشهر زائيف شيف في بحثه عن سيناريوهات إسرائيل، والتي نشرها في هارتس التي اعتمدنا عليها في كتابة هذه السلسلة من الموضوعات، إن خيار الحرب الآن هو الخيار العسكري الأكثر تطرفاً، وهو يقوم على أساس تقدير للوضع يفيد بأن لا مجال ولا أمل في التوصل إلى اتفاق أو حلول وسط مع حماس وأهدافها.. فإذا كانت حماس تريد تغيير أهدافها الإستراتيجية، فهذه لن تعود حماس بل تنظيم آخر.. هذا الخيار له مؤيدون كثيرون في هيئة أركان حرب جيش إسرائيل.
فإذا ما استمر (الإرهاب) حتى على مستوى منخفض ينبغي الإعلان الآن عن الحرب المُبادر لها ضد المهاجمين، بدل عمليات رد فعل وانتقام.. هكذا كانت كل دولة عادية ستفعل، بمعنى: يجب أن نرى في حماس عدواً تجب إبادته.!!
يقول شيف: المؤيدون لهذا الخيار يقولون: يجب عمل ذلك في أقرب وقت ممكن وعدم السماح لحماس بتنظيم نفسها وجمع قواها.. المواجهة العسكرية مع حماس ستقع على أي حال في المستقبل، ومن الأفضل إدارتها في أقرب وقت ممكن.. على إسرائيل أن تستبق وتختار الطريقة والنهج الأكثر راحة من ناحيتها.. وإذا لم تفعل ذلك في أقرب وقت ممكن يحتمل جداً أن يكون هناك أمور لا يمكن عملها أو تسمح لنفسها بها في المستقبل.
العيب البارز لهذا الخيار هو أنه ليس فيه تفكير حقيقي عما ينبغي لإسرائيل أن تفعله بعد أن تبيد حماس.. فقد بتنا نعرف منذ الآن أن احتلال غزة أسوأ من تبادل النار معها. هكذا يعلق شيف على ذلك ولا يكتفي بعرض الخيارات الأربعة، بل يطرح عدداً من السيناريوهات الأخرى، فهو يرى أن السيناريو المحتمل الذي سينشأ سيتضمن عناصر مختلفة من كل الخيارات.
إذ إن ما يقلق إسرائيل اليوم أكثر من أي شيء آخر، هو أن حماس ستختار خياراً خاصاً بها يُسمى (الهدنة من طرف واحد).. في مثل هذا الوضع لن تقبل حماس الشروط التي طرحها عليها المجتمع الدولي، لكنها ستمتنع عن أعمال الإرهاب وستنتظر التطورات في المستقبل، وهذا يأتي انطلاقاً من الافتراض بأن الإسرائيليين العطشى إلى الهدوء الأمني الفوري سيقبلون بذلك حتى مع العلم بأنه من خلف الهدوء ستتسلل إيران إلينا وتهدد الأردن أيضاً.
وهنا ويذكر شيف إمكانية أخرى هي أن حكومة إسرائيل، برئاسة إيهود أولمرت ستحث خطوة كبرى من فك الارتباط - الانطواء الإضافي.. مثل هذه الخطوة ستقلص الاحتلال الإسرائيلي والسيطرة على الشعب الفلسطيني.. وسترى حماس في ذلك هرباً إسرائيلياً آخر.. والفلسطينيون، وليس فقط حماس سيرفضون أن يروا في خط (الانطواء الجديد) حدوداً متفقاً عليها.. من الناحية العسكرية الانطواء سيسهل على إسرائيل، لكن الواضح أن الخط الجديد سيكون أيضا أساساً جديداً لمواصلة الحرب ضد إسرائيل مثلما حصل في قطاع غزة.. وإذا كانت هناك فرصة لتأييد دولي لإسرائيل، فإنها تكمن قبل كل شيء في موافقتها على خريطة الطريق حتى إن لم تكن مثالية.
رأي زائيف شيف هذا يتفق عليه معظم اليساريين الإسرائيليين ويدعمه حزب العمل الشريك في الحكومة.
|