يعلم الجغرافيون والجيولوجيون العارفون بطبيعة منطقة القصيم، أنّ الجزء الغربي من المنطقة واقع في منطقة الدرع العربي المشهورة بشح المياه، ونظراً لقلّة الأمطار في سنوات مضت مع كثرة إهدار المياه خاصة من قِبل المَزارع المنتشرة على صحراء المنطقة، خاصة ممن يهتمون بمحصول القمح وبعض الفواكه والخضار، ولا ننسى أصحاب الاستراحات والمنتزهات المتناثرة داخل وخارج بلدان المنطقة.
لذا سعت الدولة - أعزّها الله - بتعزيز مصادر المياه سواء بإنشاء محطات تنقية من الآبار الموجودة، أو إيصال المياه المحلاّة من محطات التحلية على الخليج العربي في الجبيل، أو على محطات التحلية على البحر الأحمر في الشعيبة والجار (البريكة حالياً) .. وبالرغم من ذلك لا تزال المصادر فيها غير كافية، خصوصاً وأنّ المنطقة مزدحمة بالسكان وهي بازدياد مطرد وهي منطقة تنمو بسرعة.
ونظراً لتأخُّر تشغيل المياه المحلاّة المجلوبة من الجبيل وضعف قطر خط الإمداد، إضافة إلى أنّ المحطات الموجودة قديمة وتحتاج إلى تطوير مع عدم وجود خطوط احتياطية، خاصة محطة البدائع التي توزع مياهها للرس والبدائع وغيرها والتي تسبب مشاكل كثيرة عند انقطاع خطوط الشبكة، لذا يفترض من وزارة المياه، وهي وزارة وليدة جديدة وشابة وطموحة، ولديها كفاءات إدارية وفنية ومالية، أن تهتم بتوفير المياه للمنطقة التي تعتبر من أهم مناطق المملكة خاصة في مجالي الزراعة والصناعة.
وبالرغم من الكتابات المطالبة بإيجاد مصادر مياه كافية لبلدان المنطقة التي تشتهر بقلّة المياه أو بعدم وجود شبكات كافية لها، يبدو والله أعلم أنّ المسؤولين في الوزارة والفرع خاصة غير متقنعين بتلك المطالبات أو كأنّ الأمر لا يعنيهم وإلاّ فإنّ السكوت على هذا الوضع قد يكلف الوزارة مستقبلاً مبالغ كبيرة ويضع الوزارة في حرج شديد، أقول ذلك من واقع حال المنطقة التي يستهلك أهلها كمية كبيرة من المياه، مقابل الزيادة في الكثافة السكانية السنوية.
في 16 مارس الماضي عُقد المنتدى العالمي للمياه في المكسيك لدراسة السبل الآيلة إلى الحد من هدر موارد المياه وتوزيعه بصورة عادلة على سكان العالم، ويرى الخبراء أنّ المعادلة التي يجب إيجاد حل لها تتمثَّل في:
1 - عدم المساواة في توزيع المياه على الأرض.
2 - عدم المساواة في الإمكانيات المادية للحصول على المياه.
والدولة - أعزّها الله - لم تقصر في خدمة المواطن ورقيه وسعادته، وتصرف بسخاء لا نظير له بين بلدان العالم في كلِّ المجالات دون استثناء أو منَّة.
لذا أرى أنّ الحل يكمن في اهتمام الوزارة بالمنطقة من خلال خطة زمنية لتوفير مصادر المياه للمنطقة وذلك بربط المنطقة الغربية من القصيم بالمياه المحلاّة من البحر الأحمر فهو قريب من المنطقة، إذ إنّ المسافة بينه وبين أقرب محطة في الجهة الغربية خمسمائة كم تقريباً، فهو سيخدم عدداً كبيراً من المحافظات والمراكز الواقعة على طريق المدينة القصيم والرابضة على قلب الدرع العربي غرب المنطقة والتي تعاني من قلّة المياه وسيكون مسانداً لخط المياه القادم من الجبيل فيحل مشكلة كبيرة لمعاناة بلدان المنطقة من قلّة المياه، ويعفي البلدان الأخرى من المطالبة بإيصال المياه المحلاّة القادمة من الجبيل أو إنشاء محطات تنقية جديدة، ويساعد على تقليل الاعتماد على المصادر الموجودة بالمنطقة، فتكون الوزارة قد حلّت مشكلة دائمة في نقص المياه وقدّمت خدمات جليلة لا تنسى لمواطني المنطقة.
ولا ننسى أنّ المنطقة الواقعة ما بين المدينة والقصيم خاصة وقت نزول الأمطار وازدهار الربيع، تكتظ المناطق الرعوية فيها بالبادية القادمين من شمال وجنوب المنطقة وغيرهما لرعاية جمالهم ومواشيهم طيلة أيام الربيع، حيث يقومون بجلب المياه من آبار المواطنين البعيدة عن مواقعهم، إضافة إلى مشاركتهم لأهالي المنطقة في مصادرهم الهامة والقليلة، مما قد يشكِّل أعباء كبيرة في المستقبل في قلّة المياه لا سمح الله، خاصة وأنّ هذه المناطق واقعة في قلب الدرع العربي المشهور.
ونظراً لوجود الدعم المالي من الدولة من وفر الميزانية للعام الماضي وهذا العام مما قد لا يتوفّر في الميزانية القادمة والعلم عند الله .. لذا على وزارة المياه التحرُّك وبسرعة لزيادة مصادر المياه في المنطقة المكتظة بالسكان قبل أن تبرز مشكلة في قلّة مصادر المياه مستقبلاً فتقع الوزارة في حرج.
أملي أن يجد هذا الرأي صدى وقبولاً جيداً واستجابة حسنة من المسؤولين في الوزارة والفرع .. حقّق الله آمال الجميع والله الموِّفق.
|