Thursday 25th May,200612292العددالخميس 27 ,ربيع الثاني 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"عزيزتـي الجزيرة"

جائزة التويجري للتفوق العلمي جائزة التويجري للتفوق العلمي
إثارة شجون.. وامتداد لسجل حافل بالبذل والعطاء

اطلعت على مقال الأستاذ عبدالعزيز بن حمد العبدان المشرف التربوي في إدارة التربية والتعليم بمحافظة المجمعة، وذلك في العدد رقم 12262 في صفحة الرأي بجريدة الجزيرة الذي يقترح فيه عمل جائزة للتفوق العلمي في المجمعة باسم معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، وذكر في مقاله من جميل الثناء على الشيخ مالا يستطيع أحد تفهم معانيه أو إدراك مقاصده، أو حتى مجاراته أو ذكر ما يوازيه إلا من يعرف فيمن كتب، وعن من ذكر، حيث أثار ذلك المقال شجوني وحرك مشاعري، وجدد رغبتي في الكتابة، وأخرج خواطر كنت قد كتبتها عن شيخنا منذ زمن، ولكنها ظلت حبيسة الأدراج سنوات، فكلما أخرجتها لترى النور داريتها خجلا، فكيف لمن مثلي يكتب عن شخصية بقامة ومكانة ومنزلة عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري فماذا أملك يا ترى من أدوات؟ وماذا لدي من قدرات؟ ومن أين سأستمد العبارات؟ وكيف أرتب الكلمات؟ فلن أستطيع ولن يستطيع أحد غيري أن يوفي شيخنا بعضا من حقه أو يصف ما قدم لوطنه وأمته ومدى تأثيره في مسيرة بلده وتاريخ مدينته المجمعة، لذا فمهما بذلت من جهد واستعنت بالقادرين واستشرت المطلعين وسألت العارفين، فثنائي سيكون ناقصا، ووصفي يبقى قاصراً، ولن أصل لما أريد، ولن أحقق ما أتمنى، ومهما بلغ حديثي من الوضوح والصراحة والدقة في الصياغة لن يعبر عما تكنه قلوب أبناء المجمعة من حب، وما يختلج في صدورهم من ود، وما يودون تقديمه من شكر، وما يحملونه من تقدير عرفان بالجميل لما قدمه هذا الرجل للمجمعة (فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله)، لذا أكتب بقلم انتماؤه مجمعاوي، ودوافعه وطنية ومداده الحقيقة المجردة مع تحمل أمانة الكلمة، لنقل مشاعر صادقة وأحاسيس عفوية متراكمة، وخواطر متواضعة تمكث في قلوب محبيه من أبناء مدينته، ومن حقي أن أجتهد قدر المستطاع في أظهرها رغم التردد في وقت سابق، فحيازة مساحة من جريدة للكتابة عن التويجري مسؤولية تشوبها روح المغامرة وطعم المخاطرة والجرأة، وإن كان يكفي لقلمي أن يحوز شرف الكتابة عن هذا الشيخ الكريم المعطاء، وهذا وربي ليس استصغارا لذاتي ولا نزع ثقة من نفسي ولا تواضعا أدعيه، إنما فوارق ندركها لكي ننزل الناس منازلهم، رغم أنه لاينتظر من أحد مدحا أو ثناء أو كلمات إطراء، ولن تزده الكتابات مكانة أو رفعة، ولن تضيف لمن مثله جديدا.
فالشيخ الجليل عبدالعزيز التويجري ليس شاعرا تتناقل الناس أشعاره، ولا أديبا ينظر لأدبه، ولا مثقفا تدرس توجهاته، ولا مفكرا تؤاخذ بأفكاره، ولا عالماً تستعرض علومه، ولا مربيا تعرف نظرياته، ولا حكيما تردد حكمه، ولا سياسيا قال عن حنكته، ولا كاتبا تشترى كتبه، ولا مسؤولا تناقش قراراته، إنما هو باختصار عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري المدرسة المتكاملة الشاملة الجامعة من حيث تبدأ لا تنتهي. له في كل مجال روائع تذكر وتحفظ، وفي كل ضرب من ضروب الحياة إبداعات تتجلى، وفي كل مرحلة من سيرته تاريخ يكتب بمداد من ذهب، فهو الذي تردد الرجال اسمه، وتقف المجالس عند ذكره، وتتنافس الناس في مدحه، فقد جمع من الأخلاق أرفعها، ومن الأفكار أنضجها، ومن المواقف أبرزها، ومن المبادئ أشرفها، ومن العطايا أجزلها ومن الحكم أثمنها، ومن المكانة أهيبها، ومن الثقافات أوسعها، ومن المآثر أكثرها، ومن المفاخر أعظمها، مع وقار عظيم وتواضع جم. (وليس يصح في الأذهان شيء.. إذا احتاج النهار إلى دليل).
فمجلسه عامر بالعلم والفكر والأدب والشعر والثقافة والسياسة والذكر، يحضره جهابذة الرجال ونخبة المجتمع وعامة الناس، فهذا أديب ومثقف عربي، وذلك سياسي غربي، وآخر شاعر وطني، وهناك مفكر وكاتب إسلامي، وهنا عالم شرعي، وقد تجد في صدر المجلس فقيرا يطلب حاجة أو قاصدا يريد شفاعة أو حاضرا يريد شرف الحضور لمجلس دخوله فخر ومعزة والخروج منه فقد متعة وخسارة.
وفي مدينة المجمعة أسقانا آباؤنا وأجدادنا- رحمهم الله- حب المجمعة فشربناه مع حليب أمهاتنا، وأشعلوا في قلوبنا روح الانتماء لهذه المدينة ورووا لنا عن سيرة رجال المجمعة علوما راسخة وقصصا من العطاء والبذل والسخاء والتضحية، ولكنهم أعطونا درسا خاصا ومختلفا ومتميزا انطبع في ذاكرة الطفولة، فلا ننساه أبداً وهو أن هناك في مدينة الرياض شيخ اسمه (التويجري) هو المرجع لأهالي المجمعة.
أو كما قال آباؤنا بالعامية (منصى الجماعة) ترجع له الأمور بعد الله إذا استصعبت، فهو الرجل عند المهمات، والمسعف عند الملمات إن حل عليهم ضيف فهو المستضيف، وإن مرت بهن نائبة فهو المعين بعد الله، وإن احتاجوا لفزعه كان أول الفازعين، وإن أرادوا رأيا أو فكرا أو مشورة فالتويجري الحاضر الدائم.
فرسخت في أذهاننا تلك الصورة الرائعة عن هذه الشخصية الرائدة، وكبرنا عمراً وزادت مداركنا شيئا فشيئا، فقرأنا عن سيرته، ولمسنا مواقفه، واطلعنا على أفعاله وشهدنا عطاءاته، وعرفنا عنه أكثر وأكثر.. فأصبحنا إذا شاهدنا صورته أشرنا بأصابعنا (التويجري) وعندما يلقي كلمة في احتفال أو لقاء تلفزيوني أو إذاعي ننصت مستمعين فيتردد صدى صوته في كل بيت، وكأن المجمعة تتحدث، وعندما يذكر في صحيفة نقرأ أدق التفاصيل حتى حفظنا أسماء مؤلفاته وتواريخ تعييناته ومناصبه المتعددة، ارتباط فطري وتوافق عاطفي وانسجام حس، فهو الجزء الأساسي والمفضل في أحاديث أهالي المجمعة والقصيدة التي يستمتعون بترديدها فمطلعها قوة انتمائه وأساس أبياتها نسيج من عطائه وقافيتها دلائل وفاته، وفي كل بيت معان جديدة لسخائه، فكم من مدينة تغبطنا على انتماء التويجري للمجمعة، وكم من نقاش دار لمن يتمنون في مدينتهم مثله.
فلم تلهه كثرة المشاغل وعظم المسؤوليات، وتعدد الارتباطات عن مدينته، فمنهجه (خير الناس أنفعهم للناس) حيث تجد له في كل ركن من أركان المجمعة بصمة، وله في كل بيت وقفة، وله مع كثير من الرجال فزعات، فنجد له مع المعاق مركز تأهيل شامل، ومع طالب العلم صرحا تعليميا متكاملا، ومع المصلي مسجدا، ومع المزارع إنشاء سدود وإصلاح ما أفسدته السيول، ومع شباب نادي الفيحاء مبنى إداريا، وكل هذه منشآت تتحدث عن كرم العطاء، وتبرهن عن قيمة البذل، وتؤكد مقدار السخاء لترد على قول الشاعر (كل قول لم يؤيد بدليل.. ادعاء وافتراء وهراء). فالشجرة التي ثمارها طيبة لا بد أن تكون خرجت من أرض خيرة، وارتوت من بيئة صالحة، لتبقى تصارع تقلبات الزمن بصبر وقوة وثبات، وتتحمل ليؤخذ من ثمرها ويستظل بظلها.
لذا لا غرابة إذا اقترن اسم التويجري بالمجمعة، واسم المجمعة بالتويجري مدينة تشتكي همومها لرجل، ورجل يحمل في قلبه هموما أهل مدينته فهو الشمعة التي أضاءت المجمعة سنوات وسنوات، ولن تنطفئ بإذن الله فعندما مرض التويجري تنفست المجمعة ريح المرض، واشتكت الهموم وعانت الأوجاع، وأنت مع أنين الشيخ صبح مساء، ورفعت الأيادي بالدعاء له بالشفاء والعافية.
ومن المواقف الراسخة في الذاكرة حين اجتمع أبناء المجمعة وشباب الفيحاء في نادي الفيحاء جمعتهم مبادرة تكريم الشيخ عبدالعزيز التويجري التي سعد الناس بطرحها، وعمل تسابق الجميع لتنفيذه، فكرة راودت الجميع سنوات فأصبحت حقيقة على أرض الواقع، فرح الجميع بالمشاركة، فطرحت اقتراحات عديدة وآراء سديدة، وبدأ العمل، وكونت اللجان ووزعت المهام، والكل في همه ونشاط واستعداد كبير، ولكن توقف العمل!! لماذا؟؟ لقد جاء الاعتراض ممن حاز الحب والاحترام، جاء الاعتراض من عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري حين أرسل قائلا، أنا منكم، وجميعنا نسعى لهدف واحد فلا تكريم أخ لأخيه، ولا يوجد ما يستوجب التكريم تواضع جم ومثالية لا يضاهيها شيء وإنكار للذات.
فكم نشعر بالتقصير لما نراه من قلة الوفاء مع شيخنا الجليل رغم أن أهل المجمعة هم أهل الوفاء والواجب عبر التاريخ، فكل ما نقدمه له كلمات محسوبة وأسطر معدودة وعبارات محدودة على صفحات الجزيرة، وهذا ليس أقصى ما نستطيع، فأقل ما يقدم لهذا الاسم تكريم يليق بمكانته ويوازي ما قدمه، أما اقتراح جائزة عبدالعزيز التويجري للتفوق العلمي لتكريم البارزين من أهل العلم والموهوبين من الأبناء والبنات والمعلمين والمعلمات فإنها فكرة رائدة لها فوائدها ومنافعها، والأجمل لو تكون شاملة لتكريم جميع المميزين من أصحاب العطاء الطيب والتأثير الإيجابي في المجمعة من مديري دوائر حكومية وموظفين وأصحاب الأعمال الاجتماعية والتطوعية المختلفة، لتستمد هذه الجائزة قوتها من اسم عبدالعزيز التويجري ليرسخ هذا الاسم في أذهان الأجيال القادمة مثلما انطبع في ذاكرتنا، ولتكون الجائزة امتدادا طبيعيا لاسم التويجري المدرسة التي تخرج منها أبناؤه الذين أصبحوا رموزا في هذه البلاد حيث يشهد ويلمس الجميع كيف أصبحوا امتدادا من الوفاء ونهرا متدفقا مع العطاء وتاريخا متوارثا من البذل السخاء ودربا مرسوما للعلياء لن يترددوا مع رجال المجمعة في أن تخرج هذه الفكرة لحيز الوجود، وتشاهد على أرض الواقع خصوصاً أن أبناء المجمعة يشهد لهم بالنجاح والتفوق والتميز في تنظيم الاحتفالات والمناسبات والإخلاص في العمل الوطني والمواقف الإيجابية، سائلين الله العلي القدير لشيخنا الجليل موفور الصحة والعافية، وأن يحفظه بعنايته ويكلأه برعايته، وأن يسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ويزيده من فضله.

ناصر إبراهيم اليوسف -المجمعة

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved