سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة المكرم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على مقال قيم بتاريخ 12-1-1427 بصفحة وراق الجزيرة بقلم الأستاذ حسان إبراهيم الرديعان.
والمقال التعقيبي القيم بتاريخ 19-2-1427 بقلم الأستاذ أيمن بن سعد بن محمد النفجان، وكلا المقالين يدور حول تحديد قبر الكريم الجاهلي حاتم الطائي، والحقيقة إن اطلاعي على هذين المقالين متأخر وعبر موقع الجزيرة في الإنترنت - وهذه الخدمة سهلت وحفظت لنا الرجوع للمقالات والمعلومات المنشورة بالجريدة - فشكراً لإدارة الجريدة الموقرة على هذه الخدمة الجليلة.
وبما أني من المهتمين بتاريخ أجا أحببت أن أدلي بدلوي في هذا الباب، ولي زيارات متعددة لهذه المواقع بشكل دائماً - بحكم قرب السكن - الجواد الجاهلي الطائي حاتم بن عبد الله من بني عدي من بني جرول (أحد بطون ثعل)؛ وثعل أكبر بطون الغوث وهم أهل أجا بالجاهلية والإسلام واليوم، إذ إن شمر من بني ثعل، والغوث أكبر فرعي طي وفيهم رئاسة طي بالجاهلية، هذا بالنسبة إلى نسب حاتم، وما أريد التعقيب عليه هو مقال الأستاذ الرديعان، أن القارئ العارف لتاريخ أجا عندما يقرأ مقال الأستاذ الرديعان يجد الرجل للأسف تعسف في تفسير النصوص وأخذ منها ما يريد وترك ما لا يريد، ولم يتقيد بما أخذه على الشيخ العلامة حمد الجاسر - رحمه الله - بأنه لم يعضد كلامه أن قرية توارن هي قرية حاتم بشواهد من أقوال المتقدمين، بل إن الأستاذ الرديعان يخالف أقوال المتقدمين فضلاً عن أن يتعضد بها، مثل تحديده لقرية تنغة أنها الخطة بينما تحديد المتقدمين أنها في (بطن وادي حائل)، وهو اليوم ما يعرف بوادي الأديرع - ينطقه البعض الديرع - وأين بلدة الخطة من وادي الأديرع؟
فهو خالف نصوص المتقدمين في تحديد تنغة. يقول ياقوت في رسم تنغة: (تُنغَة: بضم أوله، والغين معجمة: ماءٌ من مياه طيئ، وكان منزل حاتم الجواد، وبه قبره وآثاره.
وفي كتاب أبي الفتح الإسكندري (الكلام لياقوت) قال: وبخط أبي الفضل: تنغة منهل في بطن وادي حائل لبني عدي بن أخزم، وكان حاتم ينزله) (1)
فتنغة منهل - آبار مياه - في بطن حائل - الأديرع - لبني عدي بن أخزم - رهط حاتم - ثم يقول الحموي في رسم جبل أظايف: (بالضم، وبعد الأَلف ياءٌ مكسورة، وفاءٌ، ويُرْوى بالفتح، وقد تقدم في الهمزة والطاء المهملة، ولا أَدري أَأَحدهما تصحيف أَم هما موضعان؟ وبالظاء المعجمة ذكره نصر، وقال: هو جبل فارد لطَيءٍ، طويل أَخلَقُ أَحْمَرُ على مغرب الشمس من تُنْغَةَ، وكان تُنْغَةُ منزلَ حاتم الطائي) (2).
إن هذا الجبل - أظايف -غرب تنغة - التي في بطن الأديرع - ومن صفة أظايف أنه فارد طويل أخلق أحمر، وهذه الصفات هي صفات الجبل المشهور جبل القاعد - شمال حائل بنحو 35كم، وقد أقيمت عنده اليوم بلدة بنفس الاسم - هذا الجبل والواقع شرق أجا وجنوب النفود هو جبل طويل فارد - يوجد جبل صغير بالقرب منه يكاد يتصل به لا يرى معه - والقاعد جبل أحمر - أغلب الجبال التي شرق أجا سمر بركانية، أذن أظايف ينطبق على جبل القاعد، وأهل تلك النواحي اليوم يقصرون الاسم على أحد الجبال الصغيرة شمال القاعد، وربما أن تلك الجبال كان اسمها كلها أظايف ثم اقتصر على أحدها وغير اسم أكبرها القاعد والاسم يبدو أنه مأخوذ من القعود، لنفرده عن جبال أجا المشابهة له بالطول القريبة منه - وقال لي رجل من أهل تلك الناحية إنه سمي بذلك لأن رجلاً من إحدى القبائل واسمه قاعد دفن عنده فقيل جبل قاعد - ولكن الأرجح أن العامة سمته بالقاعد لاعتقادها بقعوده في مكانه عن جبال أجا وللعامة في هذا الباب شواهد. نعود لتنغة، يرجح الأستاذ عبد الرحمن السويداء ان تنغة في أسفل وادي حائل شمالاً من السويفلة، مستشهداً بأبيات حاتم الطائي وهي:
إذا الريحُ جاءَتْ من أَمَامِ أظايفٍ وَأَلْوَتْ بأطناب البيوت صدورها |
يذكر أنه جلس في هذا الموقع - الذي رجحه - ثلاثة أيام يتابع حركة الرياح محاولاً تطبيق كلام حاتم وانه وجد بعض الآثار التي يرجح أنها آثار بناء قديم! (3)
ولكن هذا الموقع الذي ذكره لا ينطبق مع وصف البلديين القدماء لقرية تنغة، وخصوصاً أن السويداء يؤيد أن أظايف هو القاعد، وكما أن وجود بعض الآثار ليست دليلاً كافياً - وبخاصة أن قوم حاتم أهل بادية وبيوتهم كما في بيت حاتم السابق بيوت شعر بسيطة - فالموقع الذي رجحه السويداء لا يكون أظايف عنه مغيب الشمس بل في شماله يميل إلى الغرب قليلاً، ما أرجحه أنا أن موقع تنغة هي آبار الحميمة - التي فيها مشروع مياه حائل الآن - وهي غنية بالماء وفي بطن وادي حائل عنها القاعد (أظايف) مغيب الشمس؛ وهذه الآبار معروفة من قديم بوفرة مائها ما يجعلها مرغوبة للقبائل ومورداً لهم وهو ما يفهم من نقل ياقوت بقوله: (تنغة منهل في بطن وادي حائل)، من ضمن اعتراضات الأستاذ الرديعان أن قرية توارن لم تكن لبني عدي رهط حاتم، إنما لبني شمر بن زهير- أهل أجا اليوم - وهذا الاعتراض من الأستاذ الرديعان لا صحة له من وجوه أولاً - من ذكر أن توارن هي لبني شمر بن زهير هو العلامة ياقوت الحموي - رحمه الله - والمتأخر عن زمن حاتم بنحو ستة قرون - توفي ياقوت عام 621هـ وحاتم توفي أول الإسلام - ولا شك أن فترة زمنية تقدر بستة قرون كفيلة بتحرك وتغير مواقع بطون وشعوب، فكيف بقبيلتين هما أبناء عم متجاورين؟
ثانياً: توارن لم تكن بالجاهلية من منازل بني شمر بن زهير بدلالة أن الشاعر الجاهلي امرؤ القيس والقريب من عهد حاتم - امرؤ القيس متقدم على زمن حاتم بحدود النصف قرن إلى القرن - عندما اشتاق أن يلقي حي قيس بن شمر بن زهير تمنى أن يمشي بين شوط وحية؛ وهما أقصى منازل شمر شرقاً وغرباً؛ وهذا يدل على أن منازل شمر كانت محصورة بين هذين الواديين اللذين تمنى امرؤ القيس أن يسير بينهما لعله يلقي حي قيس بن شمر! كما في قوله:
فهل أنا ماشٍ بين شُوطٍ وحَيَّةٍ وهل أنا لاقٍ حَيَّ قيسِ بن شَمَّرَا |
وشوط مجاوراً لتوارن في جهته الغربي - شمال أجا - ويفصل بينهما جبل عوارض، فلو كانت توارن من منازل قبيلة شمر - في ذلك الزمان - لكن الواجب أن يتمنى امرؤ القيس أن يسير بين توارن وحية لكي يلقي حي قيس بن شمر.. ترتيب هذه الأودية لمن لا يعرفها من الشرق للغرب توارن ثم شوط ثم حية، فنجد أنه بدأ بشوط ولم يبدأ بتوارن ما يدل على أنها في زمن امرئ القيس لم تكن لبني شمر. وفي تعليق الأستاذ الرديعان على جبل عوارض قال ما نصه: (إن عُوارض المذكور عند المتقدمين والمشهور في الأبيات كما سبق هو المقرون برسم قنا ما بين بلاد غطفان) إلى آخر كلامه، بعد أن نقل كلاماً وأشعاراً جاءت في كتب البلديين، مع أن ما نقله يدل صراحة وبكل وضوح أنه جبل عوارض الذي في رأس أجا شمالاً الذي يحيط بوادي توارن في جهته الشمالية والغربية، فعند البكري رحمه الله (قال أبو رياش عُوَارِض: جبل في بلاد طيِّئ، وعليه قَبْرُ حَاتم، وهذا هو الصحيح)(4).
فالبكري يشهد بصحة ما ذهب إليه أبو رياش بكون الجبل في طيئ، وعند ياقوت بعد أن نقل أقوالاً في تحديده يقول: (والصحيح أنه ببلاد طيّئ)، ثم ينقل ياقوت كلاماً واضحاً لنصر: (وقال نصر: عوارض جبل أسودُ في أعلا ديار طيئ وناحية دار فزارة) (5).
كلام نصر واضح جداً في أعلا ديار طيئ؛ وهو جبل أسود وديار فزارة كانت غرب عنه - وليس بعد هذا الوصف وصف! فكيف يقول: (إن المشهور هو المقرون برسم قنا)؟
وهل هناك أوضح من هذه النصوص وتخصيصه بكونه في بلاد طيئ؟
نعم هناك أبيات لشعراء قرنت عوارض بأمكنة بعيدة عن توارن مثل جبل قنا، وهناك أبيات لشعراء من طيئ ذكروا عوارض في بلادهم، والجمع بين ذلك سهل جداً؛ وهو أنه يوجد في بلاد العرب أن يحمل موضعين أو أكثر - سواء كانا جبلين أو واديين - نفس الاسم وهذا كثير جداً، وفي كتب البلدان الشيء الكثير من الأمثلة على ذلك، كما أن اسم الجبل مشتق من صفة الاعتراض - جمع عارض - لذا تسمية جبال بهذا الاسم وارد جداً، ثم إن العلامة الجاسر - رحمه الله- عندما قال إن توارن قرية حاتم عضدها بمنقولاته لأقوال المتقدمين: إن قبر حاتم عند عوارض وهو عند توارن (6).
وهو خلاف ما اعترض عليه الأستاذ الرديعان، بقوله: (إن الجاسر لم يعضد قوله بأقوال المتقدمين)، وأما بخصوص مقاله العلامة الجاسر في - معجم شمال المملكة - ونقله الأستاذ الرديعان بخصوص (مداخلَ سُبُلاَّتٍ) الحقيقة أني أخالف العلامة الجاسر فيما ذهب إليه بتحديده لسبلات وتخيله لطريق الذي سيسلكه ملك الحيرة لو أتم قسمه بغزو وإحراق قرية حاتم بأجا، قبل كل شيء الملك الذي توعد حاتماً بحرق قريته جاء في بعض المصادر ومنها الأغاني - ونقل ذلك الجاسر ص 260 الجزء الأول من معجم شمال المملكة - أن المتوعد هو أحد ملوك آل جفنة من الغساسنة - ملوك عرب الشام - وهذا عندي أقرب لعدة أسباب:
أولاً: ملك الحيرة سيكون في خطر لو سلك الطريق الذي تخيله الشيخ الجاسر في غزوه الجبلين وهو أن يضع رمال النفود عن يساره حتى يلتف عليه، وعند انتهاء النفود غرباً سيتجه جنوباً نحو الجبلين ويأتي أجا من جنوبه، وهذا الطريق فضلاً عن أنه بعيد عن الحيرة فيه خطر مهاجمة ملوك الغساسنة - الأعداء التقليديون للمناذرة - ومستحيل أن يسمحوا لأحد ملوك المناذرة المرور بالقرب من بلادهم جنوب الشام دون أن يعترضوا له؟
فالعداء بينهم مستحكم كما هو معلوم، ولا شك ستصلهم أخبار هذا الجيش لو خرج.
ثانياً: إن الطريق المعقول والقصير هو طريق الحج العراقي - الذي عرف واشتهر وزيد في إصلاحه فيما بعد الفتوحات الإسلامية للعراق - هذا الطريق كان عابراً من قبل وليس هناك مشكلة لعبوره من قبل جيش غازٍ إذا استعد له وأمن الماء أو كان في وقت الأمطار - عبرته الجيوش الإسلامية المتجهة لفتح المشرق.
كما أن الشيخ الجاسر في تعليقه على قول الهجري عن وادي حائل: (يفلق بين الرمل وأجا، يصب في حزن بني يربوع)، يعلق الجاسر: (قد يكون صب الوادي بالحزن قبل تراكم الرمال، الحاجزة بين الوادي والحزن) (7).
فهو يرى أن تراكم الرمال حديث بعد زمن الهجري - القرن الثالث - ما يعني أن الطريق نافذ ولا رمال تعيقه وتراكم الرمال متأخر، وهذا الطريق السالك بين الحيرة ونجد سبق للمناذرة أن سلكوه في غزوة لهم إلى وسط الجزيرة، ومن ذلك ما ذكره ابن الأثير في الكامل، فقال: (وكان عمرو بن المنذر غزا قبل ذلك (نجد) ومعه زرارة، فأخفق، فلما كان حيال جبلي طيئ قال له زرارة?:? أي ملكٍ إذا غزا لم يرجع ولم يصب، فمل على طيئ، فإن بحيالها فمال إليهم فأسر وقتل وغنم فكانت في صدور طيئ على زرارة) (8).
والشاهد قوله: (فلما كان حيال جبلي طيئ)، ولا يكون حيال الجبلين ألا يسلك طريق الحج العراقي الذي اشتهر فيما بعد، والذي أرجحه أن المتوعد لحاتم هو أحد ملوك الغساسنة - كما نقل الجاسر عن الأغاني - وسبب ترجيحي أن هذا الملك سيكون غزوه عن طريق الجوشية؛ وهو طريق قديم معروف يسلكه الذاهب أو القادم من الجبلين إلى الشام يمر بالقرب من بلدة تيماء ومنها يتجه جنوباً يميل نحو الشرق تاركاً النفود عن يساره وماراً بشرقي جبال المسماة - المحجر قديماً - وعندها ينتهي النفود جنوباً ويتجه القادم عندها شرقاً نحو أجا ماراً ببلدة موقق ومنها شرقاً إلى أجا - هذا الطريق سلكه عدي بن حاتم(9).
ومن بعده طليحة الأسدي (10) عند فرارهما إلى الشام - فهذا الطريق وعند وصوله إلى غرب أجا ستكون هناك عدة مداخل لأجا في غربه، منها صيحان وحية وغيرهما من مداخل أجا الغربية - ومن هذه المداخل كان الطريق القديم بين حائل وتيماء يمر بصيحان ثم ريع السلف ثم حائل - وطريق، حائل تيماء، القديم ذكره مؤلف موسعة كتاب دليل الخليج المستشرق الإنجليزي ج ج لوريمر ضمن طرق الجزيرة العرب الثانوية، وكما أن هناك طريقاً يخرج من غربي أجا إلى وادي مسطح ثم شرقي أجا سلكه الرحالة الألماني يوليوس أويتج (11).
والخلاصة إن عند الوصول إلى غربي أجا ستوجه القادم عدة مداخل لأجا بعضها يفضي إلى سلف وبعضها إلى بلطة وإلى جو وبعضها إلى الصلعاء وبعضها إلى أعلا شوط وبعضها إلى أعلا توارن وغيرهن من الأمكنة بأجا، ومن هذا المداخل أيضاً تتفرع عشرات المداخل الثانوية ذات المسالك الملتوية والوعرة والخطرة بما يشبه المتاهة - والسهلة على من داخل أجا حمايتها - وهي ستكون صعبة مجهولة لمن لا يعرف أجا، ولا شك أن قوم حاتم سيلجؤون إلى وسط أجا وسيكون صعباً جداً بل ربما مستحيلاً ملاحقتهم للقادم من غرب أجا، وبهذا ينطبق فعلاً مقولة: (جهل مداخل سُبُلاَّتٍ) لصعوبتها على غير أهلها، كما أن الأستاذ الرديعان قال في حاشية تعليقه ما نصه: (الدكتورة وفاء السنديوني جعلت امرأ القيس ابناً ينحدر من عمرو بن درماء، وهذا بعيد لسببين: الأول: إن في طيئ أربعة؛ أسماؤهم امرؤ القيس، أقربهم إلى عمر بن درماء جد الجرنفش الطائي ينتهي إلى زهير أخي عوف جد عمرو، الثاني: إن البيت سياقه سياق الضيف الزائر، والنازل للقوم) انتهى كلامه، وهو يقصد هذا البيت:
نزلتُ على عمرو بن درماء بلطةً فيا كرم ما جارٍ ويا حسن ما فعل |
والحقيقة إن هذا التعليق من الأستاذ الرديعان غير واضح، ولم أجد الدكتورة وفاء أن جعلت لعمرو ولداً يقال له امرأ القيس (12).
والبيت كما قال سياقه سياق الضيف الزائر، هذا البيت قائله هو الشاعر الجاهلي الكندي امرؤ القيس عندما حل ضيفاً على عمرو بن الدرماء الثعلي الغوثي الطائي، ففيمَ معارضة الأستاذ الرديعان للدكتورة وفاء؟
ولعلي قبل الخاتمة أذكر رأياً عن قبر حاتم المزعوم، فأنا لا أرجح - بل الحقائق الثابتة هي التي لا ترجح - أن القبر المزعوم في توارن، وهو أحد قبرين مفرطي الطول بحدود تسعة أمتار لكل منهما متجاورين في صف واحد في مقبرة سُوِّرت حديثاً، هذا القبر ليس لحاتم لسببين الأول: إن القبر إسلامي- أي إن الميت مدفون حسب الطريقة الشرعية بتوجيه الميت جهة مكة- وهذا خلاف الحقيقة التاريخية المقطوع بها، وهي ما نص عليها بعض طرق الأحاديث المروية بالسير (مثل ما جاء في قصة بنت حاتم - رضي الله عنها - مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوله: (ولو كان أبوك مسلماً لترحمت عليه) (13).
هذه الحقيقة أن حاتماً مات على جاهليته تتعارض مع كون هذا القبر الإسلامي له كان يكفي الأستاذ الرديعان لو استشهد بهذا بدلاً من تعسفه في تفسير أقوال المتقدمين وتفسيرها على غير حقيقتها. والسبب الثاني: إن الحجارة المصفوفة على القبر حديثة الترتيب وبارزة بشكل واضح ما يجعلها قريبة العهد، والله أعلم بصحة ذلك، والحقيقة إن قبر حاتم وقرية توارن تحتاج لحديث ثانٍ - ولعلي إن شاء الله أفعل - وما استنتجته من مشاهدتي لآثار قرية توارن أرجح كونها عبر تاريخها القديم بلدة صغيرة ومجمعاً لقبائل شمال وشرق أجا مثل بني جرول - ومنهم بنو عدي رهط حاتم - وبني شمر بن زهير- القبيلة الطائية التي تسكن الجبلين اليوم - وبني ثعلبة وبني سنبس وبني بحتر وبني عنين وبني عوف وبقية قبائل ثعل الشمالية، وهذا لا ينفي سيطرة أحد هذه الفروع على البلدة في فترات ما، ومن الأدلة على صحة ما ذهبت إليه هو وجود قلعة كبيرة الحجم نسبياً في مدخل الوادي لحراسة البلدة ما يجعلها ذات أهمية، بالإضافة إلى كثرة مبانيها القديمة وضخامتها، وكثرة آبارها وحبوسها ونخيلها ومقابرها، كما أنه في العهد القريب بوجود مبانٍ يرجعه العامة إلى آباء بعض بطون شمر المختلفة والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
محمد رشيد الشمري - حائل
1 معجم البلدان لياقوت الحموي مادة تنغة.
2- المرجع السابق مادة أظايف.
3- أهل المناخ في منطقة حائل لعبد الرحمن السويداء، ص (197).
4 - معجم ما استعجم للبكري مادة عوارض.
5- معجم البلدان مادة عوارض.
6- معجم شمال المملكة للعلامة حمد الجاسر مادة توارن.
7 - المرجع السابق ص (1- 382).
8- الكامل في التاريخ لابن الأثير - الجزء الأول.
9 - معجم البلدان مادة الجوسية ونص الخبر (موضع بين نجد والشام، عليها سلك عديّ بن حاتم حين قصد الشام هارباً من خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما وطئت بلاد طيئ) والجوسية تصحيف الجوشية بالشين كما نقل ياقوت تصحيح ذلك بنفسه في نفس المكان فقال: (وقال الحازمي: جُوشِيَّة، بعد الجيم المضمومة واو ساكنة ثم شين معجمة مكسورة بعدها ياء تحتها نقطتان مشدّدة مفتوحة).
10- معجم شمال المملكة ص1 201/ وخبر هروب طليحة نقله من تاريخ ابن جرير.
11- رحلة داخل الجزيرة العربية ليوليوس أويتنج ص (135).
12 - شعر طيئ وأخبارها للدكتورة وفاء السنديوني، مشجرة طيئ آخر الجز الثاني.
13- السيرة الحلبية لعلي الحلبي ص (3-222).
|