للمسجد مكانة عظمى في المجتمع المسلم تجعله يحمل لواء الدعوة إلى الله، فهو ساحة للعبادة ومصدر للعلم، بل هو جامعة يتلقى فيها المسلمون قواعد الإسلام وشرائعه وتوجيهاته، ففي كل مسجد تقام مدارس فكرية وعلمية، وتربوية، بل المسجد هو المكان الأول الذي احتضن حلقات تعليم القرآن الكريم تلاوة وحفظاً، فخرَّج العديد من القراء والحفظة. وكثيراً من تُلقى المواعظ والمحاضرات في المساجد وهي وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله. ولو تأملنا حال أسلافنا المشهود لهم بالعلم والصلاح لوجدنا أن لهم ارتباطا وثيقا بالمسجد بدءا بالصلاة وتلاوة القرآن وانتهاءً بالجوانب المعرفية الأخرى من أمور الدنيا والدين. ثم إن أداء الصلاة في المسجد بطمأنينة وخشوع لها دور كبير في الوعظ والإرشاد والتوجيه وهذا من أبرز وسائل الدعوة إلى الله، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر إضافة إلى ما يشعر به المصلي وهو يقف بين يدي الله بسكينة ووقار قد أخبت لربه وخشعت جوارحه، وتذللت نفسه، ولا يخفى ما لهذه المعاني والصفات من تأثير في الجانب الدعوي، مما يجعل المسجد من أهم مؤسسات الدعوة إلى الله لاهتمامه بأبرز الجوانب الدعوية التي منها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولاشتماله على الخطاب الدعوي المتمثل في الموعظة والكلمة الطيبة، والندوة والمحاضرات والخطابة، فمبدأ الحسبة في الإسلام ليس قاصراً على فئة من الناس، فالإمام في المسجد عليه مسؤولية التوجيه والإرشاد والنصح لكل مسلم وتعليم الجاهل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته وهو في المسجد (ارجع فصلِّ فإنك لم تصل) فوظيفة إمام المسجد لا تنحصر في الإمامة فحسب بل هو داعية وخطيب ومعلم في وقت واحد.
أما منبر الجمعة، فهو منطلق الدعوة، وأحد وسائلها المهمة، فهو خير وسيلة لإبلاغ الخطاب الدعوي للناس حيث جموع المصلين وهو أكثر الوسائل فعالية في نشر الدعوة لمكانته في الإسلام منذ بدء الرسالة. ولما يتميز به من البلاغة في التأثير على الناس، ولما يشتمل عليه من الجوانب الدعوية المهمة التي منها:
1- الوعظ والتذكير بالله تعالى واليوم الآخر، والدعوة إلى الخير، والعناية بسلامة العقيدة من الخرافات والعبادة من المبتدعات، وسلامة الأخلاق من الانحراف.
2- تفقيه المسلمين وتعليمهم حقائق دينهم من الكتاب والسنة.
3- تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام ورد الشبهات والأباطيل بأسلوب مقنع حكيم، ومواجهة الأفكار الهدامة بتقديم الإسلام الصحيح.
4- العناية بشؤون الحياة وواقع المجتمع وحل مشكلاته.
5- العمل على وحدة الصف وجمع الكلمة ومحاربة التعسف والغلو.
هذه أبرز الوظائف التي تعنى بها الخطبة في الإسلام مما يجعل منبر الجمعة أداة فاعلة في تبليغ الدعوة إلى جميع فئات المجتمع.
كلما وجد التحدي من وسائل الإعلام والاتصال لمواجهة الدعوة يجب أن يتضاعف عمل الدعاة ويكثر تواجدهم في عدد من القنوات الدعوية التي من أهمها منابر الجمعة.
(*) وكيل المعهد العالي للقضاء بالرياض |