إن ظاهرة الغياب عن المدرسة من الظواهر التي تعاني منها مدارسنا وخاصة في الأسبوع الذي يسبق الامتحانات.
وذلك لأسباب خاصة بالطالبة وأخرى خاصة بالمدرسة مما يؤثر بشكل مباشر في شخصية الطالبة يتمثل في حرمانها من فترة المراجعة التي تنظمها المدرسة في هذا الأسبوع والذي يسبقه، ففيه تسترجع الطالبة كثيراً من الدروس بإشراف معلمتها مما يسهل عليها المذاكرة وبالتالي إحراز نتائج جيدة في الامتحان، كما أن الغياب في ذلك الأسبوع يحرمها من الجو المدرسي المحبب الذي تبثه بعض المدارس من خلال العلاقة المهنية الجيدة لبعض المعلمات وطالباتهن أثناء اختتام العام الدراسي وإقفال المناهج من كلمات وداعية ومشاعر صادقة إيجابية وذكريات طيبة بين الزميلات وبين الطالبات ومعلماتهن تتخللها توجيهات لكيفية استقبال الإجازة الصيفية واستغلال أوقاتها فيما ينفع ما بين ترفيه ولعب وصلة وبر وبذل وعطاء.
ولعل أبرز أسباب الغياب في هذه الفترة عدم قيام أولياء الأمور بدورهم المناسب بمتابعة بناتهم في المدارس، تدني الأداء التحصيلي للطالبة مما يثبط دافعيتها للحضور إلى المدرسة، عدم تلبية المدرسة لحاجات الطالبة النفسية كالحاجة للأمن والاطمئنان والانتماء والمحبة والحاجات الاجتماعية كالحاجة إلى اللعب والمزاح والانطلاق والصداقة والحوارات الهادفة، إشغال طالبات المدرسة بمهام ليست من اختصاصهن استعداداً للامتحانات من ترتيب القاعات وإزالة وسائل الإيضاح المنهجية ونقل الكتب والدفاتر من مكان إلى آخر وقد تقلص هذا السبب في كثير من المدارس لارتفاع وعي المديرات وإدراكهن بمهام كل فرد من منسوبات المدرسة وقيام الإدارة بدورها المأمول بحسن توزيع المسؤوليات.
كما أن بعض مديرات المدارس يستشعرن مسؤوليتهن حيال غياب الطالبات قبل الامتحانات في الأسبوع الأخير فيولينه جل اهتمامهن فيحرصن على متابعة الاتصال بأولياء الأمور هاتفياً للتبليغ عن غياب بناتهن ويا حبذا لو كونت لجنة من الهيئة الإدارية والتعليمية في المدرسة مهمتها حصر ومتابعة غياب الطالبات في هذه الفترة وتبليغ أولياء الأمور أولاً بأول باستخدام جميع وسائل الاتصال المتاحة، وللأسف توجد فئة أخرى من المديرات لا تولي هذا الموضوع اهتماماً متعللة بكثرة أعداد الطالبات الغائبات في هذه الفترة وانشغالها بأعمال الامتحانات من تصوير وإعداد للقاعات وغير ذلك من الأسباب التي لا تعفيهن من المسؤولية الأهم ألا وهي حسن الرعاية لفلذات الأكباد وأن التربية تسبق التعليم في كل الأحوال وأن الامتحانات هي وسيلة من وسائل التعليم وليست غايته، وأذكرهن بأن الطالبات أمانة في أعناقنا وهن رعيتنا التي سنسأل عنها يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته حفظ أم ضيع).
إن عدم متابعة المدرسة والأهل لغياب الطالبات في هذا الأسبوع قد تستغله بعضهن للعبور إلى سلوكيات غير سوية لقصور إدراكهن أو تعرضهن لإغراءات معينة وما أكثر الإغراءات التي تستهوي فئة الشباب في عصرنا الحاضر. هذا والله أسأل أن يصلح بناتنا الطالبات، أمهات المستقبل الواعد بكل خير إن شاء الله.
|