قرأت في اليوم التالي لرحيل الأديب المبدع عبد الله نور كلاماً يؤكد مكانة ذلك (الأديب)، ويجسد عطاءه، ودوره في المشهد الثقافي، ويؤكد أنه (كان قامة ثقافية كبيرة) - كما قال وكيل وزارة الثقافة والإعلام د. عبد العزيز السبيل، كما يؤكد أنه (كان من الشباب البارز في الثقافة والعميق في الفكر) - كما وصفه د. محمد عيد الخطراوي، وأنه كان (أجمل وأكمل كاتب) عرفه محمد القحطاني، وأنه كان (غنياً بكل ما تعني الكلمة في المجال المعرفي، منح الساحة الأدبية عبر الصحافة عصارة ذهنه وحافظته التي أدهش الجميع بها، وأسس قاعدة للحوار عن منجزنا الثقافي في اللقاءات الخاصة بين ضيوف الجنادرية والمناسبات الفكرية) - كما نعته محمد منصور الشقحاء.
وكم هو رائع وجميل أن يُصار إلى تكريم المبدعين المتميزين الذين قدموا شيئاً ذا بال في مجال اهتمامهم وخدمة وطنهم وهم على قيد الحياة؛ لأن التكريم التأبيني الذي نمارسه بعد الوفاة - رغم أهميته - إلا أنه يوجّه إلى ذوي المتوفى وأصدقائهم، ولا يؤدي ما يؤديه تكريم الأحياء الذي يفرح القلب، ويبهج النفس، ويسرّ الخاطر!!
وكم هو جميل ورائع أن تتنادى بعض الجهات وأصدقاء المبدع المتميز في أي مجال من مجالات الإبداع والتميز لإلقاء الضوء على أبرز محطات إبداعه وأبرز ألوان نتاجه الفكري أو الأدبي أو الفني الإبداعي بعيداً عن الخطابة الجوفاء، وبعيداً عن المجاملة الفجة؛ لأن تكريم المرء وهو على قيد الحياة تجسيد للاهتمام بالمثقف والثقافة والإبداع، وتقدير لدور المكرم في بناء وعي أبناء الأمة وتطوير ثقافتهم في مجال اختصاصه!! وهذا لا يعني إغفال تكريم المبدعين بعد رحيلهم؛ وإنما هو دعوة إلى أن يحظى المبدعون بالتكريم، وهم على قيد الحياة، ثم بنشر نتاجهم وإلقاء الضوء عليه بعد رحيلهم؛ تقديراً لجهودهم في إثراء المشهد الثقافي والإبداعي في أوطانهم.
(*) جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. |