* تحقيق - وسيلة محمود الحلبي:
أخلت التغيرات الاجتماعية التي حدثت في المجتمعات مؤخراً بطبيعة العلاقة التي تربط بين الأبناء وآبائهم ومخرجاتها باتت تتكاثر، فعندما نقارن بين الماضي والحاضر نجد أن هناك تفاوتاً بين الأجيال حيث إنهم في الماضي يعيشون في مسكن واحد على عكس ما هو حاصل في وقتنا الحاضر، فكيف يجرؤ بعض الأبناء على مجافاة آبائهم وأمهاتهم، وماذا سيحدث للجيل الحاضر، فكل الخوف أن يصبح الأبناء الذين يمارسون (الجفوة والعقوق) أو أي شيء من هذا القبيل يمثلون القدوة لأبنائهم في المستقبل. وبالتالي تصبح الظاهرة ليست فقط ظاهرة تغيرات اجتماعية، وإنما تصبح نموذجاً يشاهدونه، نموذجاً عاقاً، وبالتالي يصبح العقوق سمة بارزة في المجتمع.
فهل أصبح البر بالوالدين عملية صعبة بسبب تعقيدات الحياة، فمنهم من أصبحت لديه العلاقة مع الآباء والأمهات علاقة مصلحة شخصية (بحتة) رغم أن الجيل الحالي هو الجيل الذي عاش حياة الأجداد المتمسكين بالأسر المترابطة.
ولأهمية هذه القضية أجرينا اللقاءات التالية لنلامس الجرح ونعمل على تضميده من خلال هذه المحاور:
إلى أي حد يعد التفاوت الثقافي بين الأبناء والآباء سبباً في التباعد العاطفي بين الجيلين وأثر التفرقة الودية بين الأبناء وهو أحد أسباب تفاقم هذه المشكلة، والشعور بالإحباط كمقدمة للانحراف السلوكي ومسؤولية الآباء في ذلك، وما علاقة المسألة الزوجية باتساع الفجوة بين الأبناء و الآباء.
العدل والرحمة
الدكتور ميسرة طاهر الأستاذ بجامعة الملك سعود قال: لا بد من تأمين قدر معقول من العدل والرحمة والثبات في تربية الآباء للأبناء يمثل تربة خصبة ومساعدة على احتمال بر الأبناء بوالديهم، والمساعدة في تقليل فرص الإساءة والعقوق، مؤكداً على أن الأبناء بحاجة ماسة إلى الأمن والحب والتقدير والانتماء، وتمثل الحاجة للأمن (حجر الزاوية) في الصحة النفسية والمرض النفسي إذ إن عدم إشباعها إذا بلغ حداً معيناً يجعل الوالد يدخل في حالة مرضية مثل (الاكتئاب) خاصة إذا رافقها عدم إشباع للحاجات الثلاث الباقية.
بالمقابل فقد تم علاج العديد من حالات الاكتئاب لدى الآباء والأمهات من خلال إشباع هذه الحاجات وبأسلوب العلاج الأسري الذي يقوم أساساً على إعادة الدفء للعلاقة بين الأبناء والوالدين. (والفجوة والجحود) تولد شعوراً مؤلماً في نفس الآباء ولها أثر سلبي حتى على منظومة قيم الحب والعطاء التي بدونها يتعرض البنيان القيمي للمجتمع بأسره إلى هزة خطيرة تترك آثاراً مدمرةً على جوانب كثيرة من الحياة الاجتماعية وتعرض شبكة العلاقات الاجتماعية للخطر.
التباعد الثقافي
الأستاذ وصفي حمدان الحجاج من الأردن الشقيق يقول: إن التفاوت الثقافي بين الآباء والأبناء له دور مهم وكبير في وجود الفجوة واتساعها.. لأن البيئة التي عاش فيها الآباء تختلف عن بيئتنا، وكذلك طريقة التفكير تختلف بشكل كبير.. وإن وجود الأسرة الصغيرة والابتعاد عن الأسرة الممتدة يعد عاملاً مهماً في اتساع الفجوة.. وعدم التفاف الأسرة في أكثر الأيام مع بعضها البعض يساعد أيضاً في ذلك.
سمر الفوزان سيدة أعمال قالت: لا أعتقد أن التفاوت الثقافي بين الآباء والأبناء سبب في التباعد العاطفي بين الجيلين لأن العاطفة غريزة وليست شيئاً مقتبساً من الكتب والمقررات.
وتقول الأستاذة أسماء الخميس المحاضرة بقسم الدراسات الاجتماعية ومديرة العلاقات العامة والإعلام بجامعة الملك سعود، في هذا الخصوص: أستبعد هذا السبب نهائياً والعلاقات الروحية والعاطفية بين الآباء والأبناء لا يمكن أن يكون للتفاوت الثقافي دور فيها، فالقضية بعيدة عن هذا الجانب تماماً وتدخل فيها قضايا وجوانب أخرى قد تكون ضعف الوازع الديني، أو الخلل في التنشئة أو قسوة الآباء في شبابهم والآن يحصدون ما زرعوا أما التفاوت الثقافي فلا.
بينما تقول مديرة قسم الخدمة الاجتماعية بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون الأستاذ فريال الكردي: إن الأسرة هي النواة الأولى لأي مجتمع وعماد الأسرة هما الأبوان وبينهما ينشأ أبناؤنا، وقد تتباين هذه التنشئة مما يتلقاه الأبناء من توجيه وإرشاد.. وتلعب ثقافة الأبوين ووعيهما وإدراكهما بأهمية التأكيد على إنشاء جيل واعٍ يدرك أهمية ظروف العصر ويستلهم إيجابيات مراحل التربية الهامة التي يتعرض لها أبناؤنا، ومتى ما أُخِذَ بقول الحديث الشريف (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته) استطعنا أن نضع أسساً لمناخات تربوية ترتكز على العاطفة تارة وعلى الفكر الواعي الناضج تارة أخرى، وإنْ عُدِمَ إلمام الأبوين بحجم المسؤولية (التربية) وماهية المتطلبات الخاصة بها، فإنَّ على الأسرة السلام.
وتؤكد الاختصاصية الاجتماعية فادية العبدالواحد من مستشفى الملك خالد الجامعي في هذا المجال: إن التفاوت الثقافي بين الآباء والأبناء ليس هو السبب في التباعد العاطفي ووجود الفجوة، وإنما التربية وطرق التعامل مع الأبناء هي السبب، فالفارق العمري بين الآباء والأمهات وأبنائهن الذكور والإناث خاصة في مرحلة الشباب والمراهقة هو فارق طبيعي بين الجيلين لذا على الأبوين أن يقودوا دفة الفارق العمري بصورة سليمة لا تخلق تباعداً عاطفياً.
وتقول الأستاذة سهيلة زين العابدين حماد من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان: إن الأجيال الحالية من الآباء مثقفون ومتعلمون تعليماً عالياً ولكن للأسف لا توجد علاقات حميمة بين الآباء والأبناء لأننا نفتقد إلى ثقافة الحوار داخل الأسرة، فالأب مع أولاده (يصدر الأوامر) ولا يستمع لهم، ولا يتحدث معهم، بالإضافة إلى ابتعاد الآباء والأمهات عن الأبناء إما بسبب الانشغال والأعمال، وإما بسبب الزيارات والسهرات وترك الأبناء بين أيدي الخادمات مما يجعل عاطفة الأبناء تتحول نحو الخادمات أكثر لأنها تقضي معهم غالبية الوقت.. وهذا موضع الخطر ولا بد من العلاج.. لذلك لا بد أن يدرك الآباء أهمية مصارحة أولادهم والتحدث إليهم برفق، ولكن عندما يجد الطفل فقط العقاب الرادع يضطر إلى الكذب، بينما أنه إذا وجد أن الأب يستمع إليه وينصحه ولا يخيفه، يصارحه بالأخطاء ومن هذا المنطلق لا بد أن يحتضن الأب ابنه ويوجهه إلى الطريق الصحيح بدون العقوبة وتوجيه الألفاظ النابية فكان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يوصي بالرحمة على الأطفال بقوله (من لا يَرحَم لا يُرحم) وكان ينهى عن ضرب الأطفال وخاصة الضرب على الوجه، والأب الذي يدرك معنى الأبوة ومفهومها لا بد أن يكون رحيماً بأولاده وصديقاً لهم وبذلك تصحح الكثير من المشاكل (والعنف أساس وجود الفجوة).
وتقول الدكتورة حنان عطالله من جامعة الملك سعود ومعالجة أسرية: إن أسباب الفجوة بين الآباء والأبناء تعود إلى أسباب تربوية، فالآباء والأمهات غير معدين نفسياً وتربوياً في الطفولة.. فالزواج كان آلياً في السابق في كل المجتمعات ودور الأمومة والأبوة معقد وخطير وهام. وكذلك وجود العمالة المنزلية ساهم بوجود الفجوة لابتعاد الآباء والأمهات عن ملامسة أطفالهم وملامسة احتياجاتهم والحوار معهم والتقرب إليهم ومعرفة دواخلهم. كذلك إن وجود وسائل الإعلام المختلفة وخاصة القنوات الفضائية وألعاب البلاي ستيشن وعدم وجود أماكن ترفيهية تضم العائلة جميعها ساهم في اتساع الفجوة.
الأستاذة البتول الدباغ - مديرة التعليم المهني للإناث بالإشراف التربوي سابقاً - تتأسف قائلةً: للأسف في الزمن الحالي الذي كان المتوقع فيه زيادة التواصل بين الآباء والأبناء نظراً لأننا وصلنا إلى عصر ما بعد الألفية وما يحتويه من تقنيات علمية وحضارية ومفاهيم اجتماعية، إلا أنه بالرغم من ذلك تباعد الآباء، وانشغالهم بأمورهم الخاصة والعائلية جعلهم يهدرون حق أبنائهم في التعرف على مشاكلهم ورغباتهم مما يحد من ظهور مشاكل أسرية وربما عدوانية للطفل والشاب، فكان بالإمكان التغلب عليها لو أن ولي الأمر أعطى لأبنائه اهتمامه بعمله ومحاولته التوصل إلى أعلى الدرجات وهو في نظره أنه يبني أسرته ويهيئ لهم المستوى اللائق ولكن (هل المال يغني عن الحب والرعاية؟؟) إنني لا أحاول أن أسقط مرحلة الضياع التي يعاني منها بعض الشباب لتوافق عوامل عدة تدخل ضمن نطاق التطور التقني (الفضائيات وغيرها) ولكن لا ننسى أبداً أن الوقاية خير من العلاج وأبناءنا أمانة في أعناقنا وعلينا بذل قصارى جهودنا لتنشئتهم تنشئة إسلامة صحيحة بكل مفاهيمها.
المعاملة الخاطئة
وحول المعاملة الأبوية الخاطئة للأبناء والتفرقة الوجدانية والودية بينهم إذا كانت سبباً في تفاقهم المشكلة قالت الأستاذة أسماء الخميس: هذا مؤكد فكل ما نراه من أبنائنا هو ثمار ما زرعناه وما غرسناه، فكل أساليب التربية التي سلكناها تتضح لنا نتائجها عندما يكبرون وبشكل جلي، وإن المعاملة القاسية والتسلط، وعدم سماع الرأي الآخر وعدم وجود حوارات داخل الأسرة، والتفرد بالرأي كل هذه الأمور لا نتوقع منها إلا عقوقاً.
سمر الفوزان ترى أن المعاملة الأبوية الخاطئة سبب كبير في تفاقم الفجوة، ففي أكثر الحالات نجد أن الآباء يميلون لأحد الأبناء والبنات، ربما كانت العطايا التي يعطيها الأبناء الموسرون لآبائهم سبباً في التفرقة، أو يكون خضوع الآباء لبعض الأبناء ولأسباب لا ندركها سبباً حيث تقع الغيرة والحقد بين الإخوة وتتباعد الشقة بين الآباء والأبناء وتتسع الفجوة.
وتقول الإخصائية الاجتماعية فريال الكردي: يظل الاعتدال في التربية والتنشئة الجيدة للأبناء مطلباً أساسياً والتعامل بحذر فيما بينهم وبالتساوي وذلك لخلق مساحات من الرحمة ومناخ من الحب والود والتفاعل فيما بينهم وهذا بدوره يؤدي إلى أنه لا يجب أن نقوم بالتدليل المفرط في عملية التربية ولا نقوم أيضاً بالقسوة الزائدة ولا نتخذ من العقاب وسيلة لتعريف أسلوب وتركيز فكرة معينة في ذهن أبنائنا حيث إن هذا سوف يخلق جيلاً يعاني من أمراض نفسية مختلفة وبهذا الأسلوب نكون ومن غير أن نعلم نساعد باتساع الفجوة.
ويقول الدكتور ميسرة طاهر: إن التفرقة بين الأبناء تسبب الحقد والضغينة والحسد والغيرة والقهر بين الإخوة مما يسبب في اتساع الفجوة وإنَّ ضرب الأطفال من أسباب الفجوة بين الآباء والأبناء.
ويقول وصفي الحجاج: أيضاً لقد كشف مسح ميداني أن (68) سيدة لا يستغنين عن ضرب أطفالهن وتمثل هذه النسبة (72%).
المشاكل الزوجية
وحول علاقة المشاكل الزوجية باتساع الفجوة مع الأبناء ومدى الضرر النفسي الذي يلحق بهم تقول الأستاذة المحاضرة بجامعة الملك سعود أسماء الخميس: ما من شك أن الأسرة الهادئة والعلاقات الزوجية المنسجمة، والتفاهم بين الزوجين (قائدي المركب) سينعكس ذلك على الأبناء وعلى علاقة الأسرة والعكس صحيح، فإذا كانت الأسرة متوترة وفي غليان دائم ومشاكل لا حصر لها أمام الأطفال فكل هذا يُولِّد على المدى القريب والبعيد مشاكل لا حصر لها.. فعلى المدى القريب يؤثر على الاستقرار النفسي، والدراسة ونوع العلاقة مع أحد الطرفين حيث يميل الأبناء إلى واحد دون الآخر، وعلى المدى البعيد علاقة الابن بزوجته مستقبلاً، والبنت بزوجها فيما بعد إذ يدخل الجميع في دائرتها.
وتقول السيدة سمر الفوزان: إذا كانت الأسرة مترابطة والتفاهم موجوداً والاحترام متبادلاً والمحبة متوازنة وكذلك العطاء فسينشأ الأبناء في جو من الحميمية والمحبة والترابط الأسري الكبير ولو تفرقوا في البلدان.
فيما يرى الأستاذ وصفي الحجاج أن الابن إذا وجد مشاكل في الأسرة لا تنتهي ومستمرة، فإنه يفضل العزلة والوحدة، ويصبح خائفاً وقد يرتكب الأخطاء لأن بتحليله أنه (لم تقم المشكلة إلا إذا وجد الخطأ) وينكسر داخلياً وعاطفياً ويصبح أقل جرأةً، ويلحق به الضرر النفسي وتصبح علاقته مع الأبوين غير سوية.
وتقول الإخصائية فريال الكردي: يجب أن تستند الحياة الزوجية إلى عدة ركائز أساسية لكي تسير هذه الأسرة وتنمو في المجتمع وفق مناهج أسرية سليمة ومترابطة يستثمرها المجتمع لصالحه من جوانبه المضيئة، ومن هذه الركائز ما ورد في هذه الآية {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} والمودة والرحمة والتفاهم والتعاون أساس هذه الحياة.
ويقول الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد الشثري عميد كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: إن وجود المشاكل الزوجية أمر واقع لأن بني الإنسان مركب من عواطف وغرائز وهي تختلف من شخص لآخر، فإذا ما وقع شيء من هذا الاختلاف في وجهات النظر ووجدت المشكلة وكان الأولى في حلِّها وتلافيها، ويكون ذلك بين الزوجين فقط دون علم أو اطلاع من الأبناء لأن علمهم بذلك يؤثر على نفسياتهم وعقولهم ويقفون موقف الدهشة والحيرة وهم يشاهدون ما يقع من والديهم. ومن المؤكد أن اشتراك الأبناء في المشاكل الزوجية يقوي اتساع الفجوة والهوّة مع الأبناء فكان من الحكمة والعقل عدم إطلاع الأبناء على شيء من ذلك. وتوافق الأخلاق والطباع بين الزوجين قد يكون متعذراً في حالة، ومتقارباً في أخرى، ولكن الواجب على الأب والأم الحرص على عدم حدوث شيء من ذلك لئلا يؤثر على حياة أبنائهما وانتظام سير الأسرة.
الشعور بالإحباط
حيث يكون مقدمة للانحراف السلوكي وأين مسؤولية الآباء في ذلك؟ تقول الأستاذة أسماء الخميس: إن الانحراف السلوكي لا يمكن ففي علم الاجتماع فنحن لا نعترف بالسبب الأوحد، بل نرجع له ونحمله مسؤولية سلوك خرافي بشكل أو بآخر هي تداخل عدة أمور في آن واحد ظروف اقتصادية، مشاكل، إحباطات على مستويات مختلفة، استعداد شخصي لدى الإنسان، صداقات سيئة، تتداخل كلها لتصل به إلى الانحراف. وهناك مَنْ ينجح ويتغلب على الإحباط وهناك شكل معاكس لديه فيصبح الإحباط (تحدياً) فالإحباط ليس للأسرة دور فيه.
وتقول سمر الفوزان: إن الإحباط مقدمة للانحراف بالنسبة للفتاة ربما تبحث عمن يعطيها العاطفة خارج المنزل والأولاد يبحثون عن العاطفة من الشلل والأصدقاء وربما المخدرات لذلك فمسؤولية الوالدين كبيرة جداً فمن الأساس لو استطاع الوالدان التفاهم وإقصاء المشاكل عن الأبناء وتلمس احتياجاتهم، والحوار معهم، ومناقشة أفكارهم ومعرفة أصدقائهم واتجاهاتهم.
غياب القدوة
وحول علاقة غياب القدوة في انهيار الترابط الأسري أوضح الشيخ الدكتور عبدالله الشثري أن قدوة الأبناء في الحياة (الوالدان) فإذا كانا صالحين مستقيمين في حياتهما ومع أولادهما انعكس ذلك الصلاح على الأبناء وهذا أمر محسوس مشاهد، فصلاح الأب و صلاح الأم وتعاونهما في إصلاح أولادهما يحقق ثمرة عظيمة إذا صلحت النية واقترنت بالإخلاص لله في التربية، إما إذا غابت القدوة بين الأبناء في الأسرة داخل المنزل فالأمر خطير جداً فبمن يقتدي الأولاد؟ وكيف يصلح الأبناء؟ ما لم يكن ثمة قدوة توجه، وترشد، وتأمر، وتنهي. والله تعالى قد أخبرنا في كتابه أن الأنبياء كانوا يأمرون أبناءهم بما أمر الله قال جل ذكره عن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} وقال عن إسماعيل {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}. فالأولاد من الأهل. إن غياب القدوة الحسنة في الأسرة يعني الضياع والشتات وتوقع العقوق من الأبناء وتفتيت روابط الاتصال والتواصل لأن الطفل إذا نشأ على نهج قدوة حسنة تغذّى عقله وفكره بروح الإسلام ووسطية الاعتدال واتصف بالقيم العالية والمعاني العظيمة ثم لا يقبل غيرها ويسلم من كل آفة في المجتمع.
الحلول
ولكيفية القضاء على الفجوة بين الآباء والأبناء تقول الأستاذة أسماء الخميس: إن الحل الوحيد مجاراة المراحل العمرية للابن، ومراعاة متطلبات هذه المراحل وتوصيل كل فكرة تنجم عن تصرفات الابن أو تفسيرها وعدم كبح جماح فكرهم وتلبية حاجياتهم قدر المستطاع.
وتقول الإخصائية فادية العبدالواحد: إن الحديث عن الحلول كثير، ولكن باختصار زيادة الوعي بنفسية أبنائنا الأطفال والمراهقين وفهم سلوكهم واستيعابهم حتى وإن كان خاطئاً فاحتواء الأبناء مدعاة لاستقامتهم.
الدكتورة حنان عطاالله - المعالجة الأسرية والأستاذة بجامعة الملك سعود طالبت بضرورة إدخال مواد تثقيفية تؤكد على أصول تربية وتنشئة الأبناء من منطلق الحصول على مخرجات تعليمية تتمتع بسواء نفسي، وإدخال مواد تعليمية تؤكد على أهمية الجوانب النفسية والشرعية للأبناء على آبائهم ومراعاة حقوقهم.
|