سعادة رئيس تحرير جريدة (الجزيرة) الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تعقيباً على ما كتبه الأخ غازي عماش الصالحي بعنوان (البطالة ليست من صنعنا) في العدد 12252 بتاريخ 17-3-1427هـ رداً على ما كتبه الأخ عبد الله العريني حول موضوع البطالة، أقول: لقد تطرق الصالحي في مقاله إلى بعض الجوانب التي تعالج هذا الموضوع التي طرحها العريني، الجانب الأول إيقاف ضخ البطالة من جامعاتنا، والثاني إعادة النظر في تعليمنا الفني والمهني، وقد انتقد الجانب الأول وأيد الثاني، وفي الحقيقة كان العريني محقا في ما كتب في كلا الجانبين.
ومما لا شك فيه أن موضوع البطالة موضوع في غاية التعقيد وهناك عدة عوامل أدت إلى (صناعة البطالة)، العامل الأول المؤسسات التعليمية كالجامعات والمعاهد، والعامل الثاني القطاعان العام والخاص، والعامل الثالث المواطن نفسه.
فالعامل الأول: المؤسسات التعليمية ظلت تخرج الطلاب والطالبات أفواجا بدون دراسة لسوق العمل إذ إن هناك أقساما لا علاقة لها بسوق العمل كقسم التاريخ والآداب وهلم جرا من الأقسام، والسؤال هنا: بمَ سيوظف طلاب تلك الأقسام وأين يجدون أنفسهم؟ وكما قال الصالحي فإن (كثيراً من الدول العربية التي تعد إمكاناتها ضعيفة لم تغلق تلك الأقسام إيمانا منها بأهمية تلك الأقسام) فقد جاوبت نفسك بنفسك فدليل ضعفها هو اهتمامها بتلك الأقسام وترك الأقسام الأخرى، ثم أين وصلت تلك الدول العربية؟ هل وصلت إلى مصاف الدول المتقدمة؟ بالتأكيد لا. وأنا لست طاعنا في الأقسام الأدبية ولا مهمشاً أهميتها بل نحن شعب لنا حضارة وثقافة ولكن لا بد من وجود توازن في التركيبة الاجتماعية بحيث نركز على الأقسام العلمية والتقنية كما نركز على الأقسام الأدبية، بل نركز جل اهتمامنا على البحث العلمي، والحقيقة أن سجل الدول العربية ضعيف في هذا الجانب والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي أوصل دولة صغيرة مثل فنلندا إلى مصاف الدول المتطورة؟ باختصار إنه البحث العلمي حيث إنها طورت أبحاثها بجهاز الهاتف الجوال NOKIA الذي يعد من أفضل الأجهزة على الإطلاق لسهولته وتطوره، وغيرها من الشركات العالمية كشركة سوني التي تنفق ما لا يقل عن ملياري دولار وهو مبلغ يساوي أضعاف ما تنفقه الدول العربية في البحث العلمي.
أما العامل الثاني (القطاعان العام والخاص) فعليهما أن يسهما في التوظيف، وأتمنى لو أن تشكل لجنة مشتركة بين وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل ووزارة التعليم العالي لدراسة احتياجات الوظائف المطلوبة بحيث يكون قبول الطلاب في الجامعات مرتبطا بالتوظيف في الخدمة المدنية ووزارة العمل بعد التخرج كما كان في كليات المعلمين (سابقا) كي لا نكون في وضع لا نحسد عليه، فما ذنب الطالبات والطلاب الذين التحقوا بالجامعات والمعاهد وكافحوا وتعلموا بأن يكون مستقبلهم في مهبّ الريح، فبالأمس القريب كانت هناك خريجات معاهد المعلمات واليوم خريجو كليات المعلمين وربما غدا خريجو المعاهد الصحية وخريجات كليات المجتمع، وعلى الشركات ألا تبحث عن بديل أجنبي وأن تكف عن الشروط التعجيزية للتوظيف كحال بعض الشركات (إلا ما رحم ربي). أما العامل الثالث فهو المواطن فيجب عليه أن يكون لديه خبرة وإلمام بمتغيرات الزمن وليس كل مجال يدوم الحال عليه، ويجب أن يتغير الفكر السائد لدى بعض المواطنين بالتفكير في بعض التخصصات كالتدريس والتمريض فالحياة مليئة بالتخصصات، بل يجب عليه البحث عن العديد من الفرص وأن يكون ذا تطلعات مستقبلية؛ فبلدنا مقبل على تغيرات اقتصادية عديدة كالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية التي توفر العديد من فرص الوظائف. إن هذه العوامل إذا ما توافرت معالجتها فحتماً سيصبح وطننا خالياً بإذن الله من البطالة.
عبد العزيز نايف الطريسي جامعة القصيم - كلية اللغة الإنجليزية والترجمة |