القيم الإنسانية في كل الحضارات تجعل الوفاء واحداً من أبرز شيمها كما أنه يعتبر كما يقول المعري مقياساً دقيقاً على أخلاق المرء ومكانته.
هذا المقياس يجعلنا نفتخر برجل جعل الرياض تسكن قلب ساكنيها وتملأ بالبهجة والحب عين زائريها.. أفنى وقته واستغرق جهده؛ لتكون درة العواصم العربية وواحدة من أرقى وأجمل مدن العالم، وإحدى الحواضر ذات التأثير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في العصر الحاضر ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى الإقليمي والدولي.
فما إن تذكر مدينة الرياض، الرمز السيادي الأول، وقلب الوطن ومحوره الإستراتيجي، وقاعدة الملك، العاصمة السياسية إلا ويتبادر إلى الخاطر اسم مهندس نهضتها وباني حضارتها الأمير الفارس سلمان بن عبدالعزيز.
لقد لخص عالم النفس (ماسلو) الصفات المميزة للقائد الفارس في أنه يدرك الحقيقة بكفاءة، ويتقبل ذاته كما هي والآخرين كما هم، وأنه تلقائي في تفكيره وسلوكه ويركز اهتمامه في المشاكل أكثر من تركيزه على ذاته، وأنه مبدع وخلاق، ويقاوم التشكل الحضاري الدخيل ولكن دون تحفظ متزمت، وأنه يهتم بسعادة الإنسان والبشرية، وقادر على التقدير العميق للتجارب الأساسية في الحياة، وينظر للحياة نظرة موضوعية.
وأبو فهد - الذي يذكرني طلوع الشمس وغروبها بطلته الوقورة، ومحياه البشوش- هو نموذج مثالي لهذا القائد الفارس إذ حمل على كاهله تحقيق حلم الرياض وحلم أهلها وحلمه. وحق له وواجب علينا أن نثمن جهوده ونبارك خطواته لأن مكافأة المعروف بالشكر والثناء من أخلاق الإسلام. فهو الذي أعطى الكثير من وقته لشؤون محافظات منطقة الرياض المترامية الأطراف وتلمس احتياجات المواطنين فيها. مما جعلها تسجل تطوراً كبيراً في بناء نهضة حديثة متطورة تدعمها القوة الحقيقية والحضور المتميز لرجل الرياض، وبما حباها الله من رجال مخلصين يعملون بجد وإخلاص لتكون منارة في الدين والخير.
لقد تفرغ هذا الرجل -مع إخوانه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين- لأشرف المهام وأنبل الغايات ألا وهي البناء والتعمير، بناء الدور وتعمير العقول.. وتقدم الأوطان.. وهيمنة المبادئ والقيم.. ليبقى الوطن على الدوام عزيزاً مهيباً ومحترماً.. يسوده التقدم الحضاري والسلام الاجتماعي.. وأصول الدولة الحديثة وتحكيم الشرع المطهر، وتسيطر فيه كل مبادئ الشرف والأمانة.. والكفاءة وسلامة القرار.. على كل جوانب الإدارة الحكومية والإدارة الخاصة.
وقد أهلته تربيته الدينية والعلمية واطلاعه الخاص لأن يكون وجهاً ثقافياً مميزاً، واسع الاطلاع في شؤون السياسة والاتجاهات الدولية. حيث يقرأ كثيراً وله ذاكرة قوية، تجعله حجة في تاريخ المملكة، ومرجعاً لأسرة آل سعود في شؤونهم كافة.
ويكفي أن ما حققته الرياض اليوم من إنجاز عمراني وحضاري غير مسبوق جعلها من أسرع مدن العالم نمواً وازدهاراً، وأصبحت في أقل من نصف قرن من الزمان نموذجاً فريداً لنشأة مدينة عالمية كبرى، تضاعفت مساحتها أكثر من مائة ضغف، إذ انطلقت حركة التعمير السريعة في أنحاء المدينة والمناطق المحيطة بها بصورة مذهلة، موجدة عدداً كبيراً من الأحياء الجديدة، رافق ذلك خطط ضخمة لإقامة مختلف المشاريع البلدية من الطرق والجسور والتقاطعات الحديثة والإنارة وأنفاق السيارات والمشاة، والمواقف متعددة الطوابق والحدائق والمنتزهات، وملاعب الأطفال، والنوافير والأشكال الجمالية، والأسواق العامة والمراكز التجارية، والمسالخ الصحية، وغيرها من التجهيزات والمرافق الحديثة، هذا إلى جانب منشآت الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية وخدمات الاتصالات والنقل بأنواعه.
وكانت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي يرأسها سموه وينوب عنه سمو نائبه الأمير سطام بن عبدالعزيز مشرفة على تخطيط الأحياء وإيصال جميع الخدمات وتنفيذ الشوارع الفسيحة. ولا تكاد تشرق شمس يوم جديد إلا ويكون فيها أكثر من حدث اقتصادي... مؤتمر أو منتدى أو ندوة أو إبرام اتفاقيات، أو مذكرات تفاهم أو زيارة مسؤولين اقتصاديين من مختلف دول العالم، أو حتى افتتاح منشأة اقتصادية سواء كانت شركةً أو مؤسسةً أو مجمعاً تجارياً.
كما تضاعف عدد سكانها من 20 ألف إلى ما يزيد على أربعة ملايين نسمة، يشكلون خليطاً عجيباً من سكان المملكة، حيث لا توجد قرية أو مدينة في هذه الدولة القارة إلا وفي الرياض منها عائلة أو أسرة.
ويعتبر كل السكان في هذه المدينة بأن الرياض هي بيتهم الكبير الذي احتضنهم، وهي الرمز الحقيقي للسعوديين بين عواصم العالم، مما استوجب التكاتف من سكان المدينة في الحفاظ على ثرواتها العمرانية والتزامهم معاً بأن تكون مدينتهم مثالاً حقيقياً للمدن المتقدمة.
وقيادة الأمير سلمان لمدينة الرياض قيادة حكيمة قادرة على قيادة الآخرين من أجل تحقيق إنجازات متميزة وهذا النوع من القيادة يكون له السبق في فهم الوضع الحالي وما يؤثر عليه من مستجدات كما أنها تكون قادرة على فهم ما سيكون عليه المستقبل حيث تنظر إليه بطريقة ذكية وتعمل على تطويعه لخدمة أهدافها.
لهذا نراه يتابع جميع التطورات التي تشهدها الرياض، ويحرص على متابعة هذه التطورات عن قرب من خلال ترؤسه للمجالس العليا المهتمة بالمدينة.
ومع الأهمية الكبيرة لكل جزء من أراضي المملكة، تبقى للرياض مكانتها وأهميتها التاريخية والجغرافية والإستراتيجية في قلب الأمير وقلب كل مواطن سعودي باعتبارها المركز الذي قامت عليه المملكة، ومنها انطلق موحدو المملكة لفتح باقي الأجزاء وبسط السيادة عليها، فهي نقطة الالتقاء والتجمع الأساسي بالنسبة للسكان المقيمين في وادي حنيفة في وسط نجد، أي أنها المركز الحضري الرئيسي في هذه الأقاليم، وتقع وسط إقليم نجد، حيث يمر وادي الدواسر إلى جنوبها بحوالي 700 كم في أطراف نجد الجنوبية، بينما يقع جبل شمر في الأطراف الشمالية لنجد بحوالي 650 شمال المدينة، وبالتالي فهي في موقع وسط بين منطقتين رئيسيتين في وسط شبه الجزيرة العربية. كما تقع في مكان شبه متوسط في شبه الجزيرة العربية، وفي مكان وسط تقريباً بين منطقة الخليج العربي شرقاً، وإقليم الحجاز غرباً، وكذلك في منطقة وسط بين اليمن في الجنوب، والعراق والشام إلى الشمال والشمال الشرقي.
ومع أن مدينة الرياض حظيت بجهد خاص من الأمير سلمان باعتبارها عاصمة البلاد ومنطلق وحدتها، إلا أنه لم ينسَ بقية مدن ومحافظات ومراكز منطقة الرياض، حيث كان يتابع تطورها ويقوم بزيارات تفقدية لها بين الحين والآخر حتى أصبحت مدناً عصريةً تنعم بكل مظاهر التقدم والحضارة.
ولم تقتصر جهوده على الاهتمام والمتابعة للأعمال العمرانية والعلمية والإنسانية والخيرية في منطقة الرياض، أو في داخل المملكة فحسب، بل كان حريصاً على مد يد العون لكل المسلمين الذين هم بحاجة إلى دعم ومساعدة، اقتناعاً ومبادرةً منه شخصياً، وتحقيقاً لمبدأ التكافل الاجتماعي الذي نادى به الإسلام، وتتويجاً لسياسة المملكة منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ولا أعتقد أن أحداً، داخل المملكة أو من رعايا البلدان التي نالها عطف سموه، يجهل مثل هذه الأعمال الخيرية والجهود الموفقة لخدمة أناس صعبت عليهم الحياة.
|