تحدث رواة الأحاديث النبوية الشريفة أن الصحابي الأنصاري أحد رجال بيعة العقبة مالك ابن التيهانا - رضي الله عنه - هَمَّ أن يذبح شاة يكرم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، حيث ذهبوا إلى هذا الأنصاري، فقال له النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: إياك وذات اللبن لا تذبحها. كلام كريم من المعلم الأول صلى الله عليه وسلم، وهو أمر منه لنا إلى اليوم، وإلى أن تقوم الساعة ما دمنا نأكل ونشرب من لبن هذه الأنعام التي قال الله - عز وجل - فيها: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}(5) سورة النحل. وما دام هذا الدين الإسلامي مد العون لكل إنسان يسير على تعاليمه، فقد أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصون إناث هذه الأنعام من الذبح. هذا الأمر الكريم فيه تعليم للأمة بأن نحافظ على كل ذات لبن، لا تذبح الولود تكثراً لنسلها وانتفاعاً بلبنها وما يصنع منه، وإبقاء الحيوانات ذخراً للأمة في معاشها وتربية إناثها لا لزينة ولا لصيد كما يفعل غيرنا في حقول الغابات، إنما هو لحفظ الإناث من الغنم والضأن والبقر والإبل، وهذا من أجل أن تتكاثر لتلد ذكوراً تذبح وتؤكل وإناثاً تلد كما ولدت أمهاتها، وتصبح هذه الأمهات إذا ما صنّاها من الذبح ثروة كبيرة لدى الأمة لكي نستغني عن الاستيراد من الأقطار البعيدة.
ولهذا فإن الحياة تصبح قاسية في بعض الأوقات إذا لم نحتفظ بالحيوانات.. لدينا المأكل والمشرب وغير المأكول لهذا الإنسان الذي لا يستغني عن أكل اللحم والجبن وشرب اللبن والزبدة. وفي هذا العصر نجد أننا في كل يوم غلاء مشتعل لقيمة شرائها وبخاصة أوقات المناسبات المتكررة من مواسم الزواجات وجميع الولائم بأنواعها وأوقات الأعياد، ومنها الأضاحي.. إن الأمر خطير جداً وهو ما جعلني أكتب ما رأيته في أغلب المسالخ المجهزة للذبح من قبل البلدية التي تقوم بذبح الإناث من الغنم والضأن وغيرها من إناث الحيوانات رغم أن الحكومة - وفقها الله - قد أصدرت أوامر بمنع ذبح إناث الحيوانات تجنباً لانقراضها وقلة توالدها، بل إنه قبل هذا قد شجعت الدولة ممثلة بوزارة الزراعة على تنمية المواشي وساعدت مربي هذه المواشي على استيراد الشعير وإقراض أصحابها من البنك الزراعي قروضاً مبسطة وذلك للحفاظ على تنمية هذه المواشي بما في ذلك إناثها حتى تكثر ثروة الأنعام عندنا. وإن ما يحز في نفسي عندما أرى بعض المواطنين - ومع شديد الأسف - يقومون بشراء الإناث من أسواق الغنم ويذهب بها للمسالخ، وهذا ما شاهدته في الرياض هنا بحيث يتجنب ارتفاع القيمة للذكور منها وتكون الإناث بأرخص قيمة، والأهم من هذا تكون بعض الإناث تحمل داخل بطنها أولاداً، وقد حصل هذا كثيراً أمام عيني في بعض المسالخ. والمواطن غير مبالٍ بهذا الأمر - أقول بعضهم ولا أعمم - ولهذا فإنني أناشد مسؤولي البلديات الذين أوكلت إليهم الدولة مهمة مراقبة المسالخ لكي يمنعوا المواطنين من الدخول بالإناث من الغنم وجميع المواشي وكذلك أناشد المواطن، أين غيرته الوطنية التي يتغنى بها ويحب هذا الوطن؟ ولماذا لا يأخذ في حسبانه أنه آثم من قبل الله عز وجل في هذه الأنثى الحامل؟
|