أولت حكومتنا الرشيدة اهتماماً كبيراً بمسيرة التعليم العالي سواء من حيث نوعية التعليم، أو من حيث سوية أو كفاءة الخريجين، وذلك بهدف رفد وتغذية مؤسسات الدولة المختلفة بكوادر مبدعة ومثابرة من حيث المختصين في كافة الحقول العلمية والمعرفية التي تحتاجها المملكة في مسيرتها التنموية الشاملة، وبما يعود على الوطن والمواطن بالخير والتماس سبل الرفعة والتقدم والتنمية البشرية المستدامة.
وعبر السنوات القليلة الماضية تضاعفت أعداد الطلبة السعوديين الذين يدرسون في الجامعات سواء الوطنية منها أو العربية والأجنبية.
وعكست هذه الزيادة المطردة أمرين مهمين:
الأول: يعكس حقيقة تمسك أبناء وطننا الغالي بخيار التعليم باعتباره رافعة أساسية من روافع الرقي والتقدم والتطور الذي يؤهل بلدنا خوض منافسة واثقة مع العالم من حولنا حيث العلم والأخذ بأسبابه يعد الرأس مال الرمزي الحقيقي للوطن والمجتمع على حد سواء.
أما الأمر الثاني: فإن مملكتنا بما تمتلكه من إرادة وتصميم قويين بخصوص التطلع إلى المستقبل وامتلاكه لصالح أبنائها تدرك بأنها دولة شابة، وهذا يتطلب المزيد من التوسع في مجال التعليم العالي وتنفيذ استراتيجية تأهيل كوادر بشرية مصقولة علميا وأكاديميا وتمكينها من أخذ دورها المناسب في مسيرة التنمية والتطور، وصولا إلى مرحلة يكون فيها الوطن معتمداً بشكل حاسم على عقول وأفكار وسواعد أبنائه في كل الحقول والمجالات.
إن انطباعي كطالب دراسات عليا في إحدى الجامعات الرسمية الأردنية يحتاج إلى شرح مستفيض تعجز عنه هذه المقالة الصغيرة القصيرة.
وتدور هذه الانطباعات أساساً حول حجم عبء المسؤولية الكبيرة التي تقع على الملحقية الثقافية السعودية في الأردن ممثلة بشخص الملحق الثقافي الدكتور سلطان العويضة، وأنا أجده بسيرته المعهودة دائماً يصل الليل بالنهار من أجل متابعة قضايا وشجون وهموم الطلبة السعوديين، ويقف على أحوالهم ومشكلاتهم، وكل ما يتعلق من شؤونهم الأكاديمية وحتى الشخصية.
وقد دلت الأرقام التي استطعت رصدها حول أعداد الطلبة السعوديين الملحقين بمؤسسات جامعية على مقدار العبء الذي يقع على عاتق سعادة الملحق الثقافي.
حيث إن هناك ما يزيد على ثلاثة آلاف طالب منهم ما يقارب من سبعمائة وخمسين طالبا مبعوثين، كما أن هناك مايزيد على ألفي طالب سعودي يدرسون على نفقتهم الخاصة.
إن هذه الأعداد المذكورة والمرشحة للزيادة تطرح قضيتين: الأولى هي أن هذه الأعداد تلقي هموماً ثقالاً في الحقيقة على الملحقية الثقافية من حيث متابعة قضاياها وتذليل العقبات التي تصادفها، والواقع الذي ألمسه شخصياً ان سعادة الدكتور سلطان العويضة يبذل جهوداً مميزة واستثنائية بهذا الخصوص.
وما يعزز ثقتنا به أكثر أنه رجل أكاديمي يحمل شهادة الدكتوراه الأمر الذي يجعله أكثر التصاقا ودراية ومعرفة بقضايا الطلبة، وأن خبرته في هذا المجال تؤهله إلى مزيد من التقدم.
أما القضية الثانية: فإننا نتمنى على كل من السفير السعودي والملحق الثقافي تشجيعهما وضرورة إنشاء ناد للطلبة السعوديين في الأردن، أسوة بإخواننا الخليجيين الذين لهم أندية طلابية ثقافية واجتماعية خاصة بهم.
ولا يخفى عن بال أستاذنا الدكتور سلطان أهمية ودور مثل هذا النادي الذي نسعى كي يكون منتدى وطنياً يجمع أبناء الوطن من كل جهاته يتسامرون فيه ويحتفلون بالمناسبات الوطنية، ويقيمون الأمسيات والندوات الثقافية، ويتواصلون عاطفياً ونفسياً مع الوطن.
فلنا كبير الأمل أن يرى هذا المشروع النور قريباً.
|