أعيش وقع المطر على التراب والأرصفة الممزقة
أعيش تساقط الأوراق الصفراء على قارعة الطريق
أهو زمن الانكسار يحل بي من جديد؟!
ممداً كُنْتَ على سرير أبيض بلون قلبك الطاهر المتعب
فجئناك نسليك فسليتنا
جئناك نضاحكك فضاحكتنا
مددت يدك بكأس عصير لنشربه
فشربت كأس المنايا فجأة ففجعنا وأي فجيعة تحل بكبيرنا
صديقي راشد هل أنت فعلاً انتهيت؟
ومن ذا الذي يستقبلني إذا جئت إلى بيتكم في يومٍ ما؟
ومن ذا الذي يرد على اتصالي إذا اتصلت؟
بل أجبني: كيف لي أن أقوى أن آتي يوم خميس
وأنت لست في مجلسك المعتاد؟
وحشة للبيت بعد رحيلك يا راعي الجود
وحشة للوجوه بعد رحيلك يا سمح الملامح
وحشة حتى للكلمات البسيطة التي لم تفِ حقك من الثناء مهما كُتِبْ
لقد عشتَ غربة الموت قبل أن تموت
فنقلوك إلى غرفة وصرت وحيداً
تتمنى من يرافقك في تلك الليلة ولم تجد
لبى أمنيتك ملك الموت فدنى منك واقترب
سأكون رفيقاً ووفياً لك عند قبرك
ولن أخون المطر
لن أخون الشجر
سأحزن معهم عند قبرك ألف مرة
سأبكي معهم عند قبرك ألف دمعة
سأسليك هذه المرة وأنت وحدك في ظلمة القبر
آه يا أبا عمر لو تعلم أي دموع سالت مني وأنا أضع اللبنات في قبرك
آه يا أبا عمر لو تعلم أي مرارة وأي خوف وأي هلع ووجع أصابني وأنا أحثو التراب بكفي على قبرك.
صديقي أبو عمر: يقول الله تعالى في كتابه: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً}.. فموتك، كحياتك، لم يكن عبثاً فقد أذن الله أن تُقبض روحك وأن ترتاح من دنيا جاهدت فيها بكل كفاح وعزيمة حتى رفعت أسماء واسر كانت مهيأة أن يطويها كف النسيان.
ولهذا حقيق عليّ.. حقيق على أبسط إنسان يعرفك.. حقيق على من انفرج همه بعطائك ألا ينساك.
أرفع كفيّ المرتعشين وأقول: إلى لقاء بك في الجنان يا أبا عمر.
|