Monday 1st May,200612268العددالأثنين 3 ,ربيع الثاني 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

الصحافة في ذهني بين الماضي والحاضر الصحافة في ذهني بين الماضي والحاضر
إبراهيم بن موسى الطاسان /الخبراء

استوطنت أعماق ذاكرتي رغم ضآلة معارفي، ومحدودية إدراكاتي الذاتية، وعدم القدرة على التمييز بين الثناء والمديح، والنقد والتجريح، تلك المقالة عن حاجة الخبراء لمياه الشرب، التي كتبتها حينذاك في جريدة كانت تسمى القصيم، والتي وقع عددها تحت يدي بعد صدوره بأكثر من عشرة أيام. فقد كنت من الجهل والغرة إلى حد الاعتقاد بأن لكل منطقة صحيفتها، وأن لكل صحيفة منطقتها ونطاقها. فلم تكن مداركي الجغرافية تتجاوز مراتع غنم والدي (أم الذهب، وأم الحلم، والنعيجات، والفويلق، وصاره، وساق) وهي حمى أهل ديرتي الخبراء. حينما كان المرعى والمعشب بحاجة لشجاعة الشجعان، قبل أن نستظل بدوحة الأمن الوارفة التي غرس بذرتها عقل وإيمان وساعد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه بالرحمات. كتبت بوازع مما كان من معاناة أهالي ديرتي. ولم أكتب إذ ذاك بوعي المثقف، وخبرة الشيخ، وبعد نظر المجرب. وربما لم تكن تهمني الكتابة في الصحف بشيء إلا بقدر ما كنت أسعى إليه من إثبات نجاح خطوتي الأولى. لما كنت فيه إذ ذاك من تحد صارخ (مع كيف ومتى أكون) فقد وضعت عصا رعي ألبهم (صغار الغنم) كأول انتصار لي على التحدث بتغيير الاتجاه من الرعي والحقل إلى حيث تشكل مصادر المعرفة (بدار التوحيد) بالطائف مستقبلي الذاتي. ولإثبات الذات بنجاح الخطوة الأولى انطلاقاً من أن جريدة القصيم التي خلتها وتخيلتها آنذاك ستتجلى على كل من في القصيم وخاصة الخبراء، كبدر في كبد السماء. رغم أن ما قد يزيد على 99% منهم يسافر سفر الجمع والقصر في الصلاة لمن يقرأ له (الخط) الرسالة.
كنت - بنشر ذلك المطلب المكتوب بجريدة القصيم - قد حققت أولى خطوات التحدي بالانتصار للذات، ثم هو نوع من تأكيد العزيمة بتحقيق الهدف، بصدق الحديث من حيث صدر إلى حيث بلغ.. فلم يكن الكل راض عن تركي عصا الرعي وفأس الحقل.. فبلغ ذلك المطلب مبلغه في نفوس من خالفوا اتجاهي. أما وقد بلغت بي التجربة والسنون ما ألغي تلك المحدودية لنطاق دور الصحافة في المجتمع. فأدركت أن الصحافة غايتها ووسيلتها الناس كل الناس -القارئ والمسؤول، والحرفي، والتاجر، والمزارع وراعي الفلاء في الخلاء، وكلهم يعانون ظروف حياتهم. وهي بهذا يجب أن تعكس هم الناس كل الناس حسب شرائحهم وهمومهم واهتماماتهم المختلفة، وتنقل معاناتهم لمن يتصدى لها بالنظر والحلول، وتتبنى بإيجابية شكاواهم ومعاناتهم كما لو كانت القضية قضيتها. فلم يعد القارئ اليوم مأخذوا بحسن اختيار العبارة، مسلوب اللب بالبلاغة، رغم قيمتها وأهميتها فالمتلقي قارئ اليوم هو كل الناس، وبما أنه كل الناس فهو قارئ عملي يؤمن بالواقع لم يعد ينتظر ليقرأ ما كتب رئيس التحرير أو كاتب الزاوية، إنما يقرأ ما يمس همه ومعاناته. وحيث إن الواقع أصبح هو موضع اهتمام الناس وهو بنفس القدر هو مصدر همهم، فإذا كان الواقع مهموماً بالكثير من هموم الناس فإن الصحيفة التي لا تهتم باهتمامات الناس وتتصدى لمصادر همومهم بالإشارة إليها بوضوح وصراحة وشجاعة بتشخيص الواقع لا تستطيع تشخيص المشكلة التي تؤرق شريحة عريضة من الناس- إن لم يكن كل الناس- تكون فقدت الغاية والوسيلة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved