** سامحينا يا رزان..
كنت قريبة.. منا.. لكنا.. رقبناك وأنت تخاتلين الحياة
لم أبعث لك وردة.. لم أهاتف أمك لأواسيها..
جئتِ مثل وردة فل بيضاء..
أصابها الذبول..
حاربت يا رزان..
كنت شجاعة.. رأيتك على الشاشة.. تعبرين الممرات..
تقفين أمام الكاميرات..
تبتسمين وتقولين: هل كان لا بدَّ من الألم لأحظى بهذا الاهتمام.. هل كان لا بدَّ من الشاش والقطن المنسي في جوفي كي أكون هنا؟!
** سامحينا يا رزان..
كنت بيننا مثل نبتة جيزانية مهصورة بملح البحر ورواء الأشجار الجنوبية.. ورائحة الفل التي لا تنقضي..
كنت تحلمين..
وترسمين على جوانب سريرك وأرديته البيضاء أمومتك القادمة عبر الدمى الجميلة..
كنت تقولين لدميتك: الحياة غداً أجمل..!
** لمَ لمْ تقاومي يا رزان؟
لمَ تركتِ الأحلام..
وعقود الفل..
ودميتك الصغيرة؟
لمَ تركت حرقة أبيك المهزوم فيك؟
** يعرف أنه خُلق ليحميك
ليقف مثل جبل السراوات
صامداً إزاء الرياح
التي تؤذيك..
لم رحلتِ وتركته وهو ما زال يحارب
يناضل..
لا يكف عن الحديث مع الصحف..
ولا تكل يداه من كتابة الخطابات
لديوان الصحة؟
** لم تركتِ قلب أمك؟
وهل قلب الأم يُترك يا رزان؟!
لم رحلتِ وأبقيتِ لها
حزناً عظيماً..
تعرفه الأمهات الفاقدات؟
حزن له (جضيض) مثل ذئب مصاب
يعوي في الليالي المظلمات
** ياه.. يا رزان..
رحلتِ..
وتركتِ جراحنا مفتوحة..
والبكتيريا التي داهمت أمعاءك
تتربص بنا..
تتكاثر.. حول أوراقنا ونحن نرثيك
هل فعلنا شيئاً غير رثائك؟
كان بإمكاني على الأقل..
أن أهديك وردة في صباحات المرض التي داهمتك..
كان بإمكاني أن أجلب لك حلوى..
أن أواسي أمك وأباك بكلمات مني..
لكننا أناس لا نفعل مثل هذا.. الصحراء يا رزان
لم تعلمنا المبادرة..
إننا مثلها.. ننتظر.. مرور السحابة
لنعيش..
وإن لم يمر القطر..
تاهت قوافلنا في السراب!
** لكِ يا رزان كل السجادات التي بكيت عليها من أجلك..
ولك يا أم رزان وأباها.. كل دعواتي بالثبات والصبر والقوة.. والاستمرار في طرق الأبواب حتى تنفتح على مصاريعها.. لتنالوا حق رزان وحق أطفال الوطن!!
|