|
انت في"الرأي" |
|
ورحلت جدتي الغالية.. نعم رحلت.. وأودعت الجراح في قلوبنا.. كانت أسطورة رائعة نقشت أروع الذكريات في حياتنا.. وبعدها رحلت.. نعم رحلت شئنا أم أبينا.. رحلت وتركت أماكنها خالية.. هنا كانت تجلس وهناك تنام.. هنا رأيتها وهناك ضحكت معها.. ولكنها الآن رحلت وتركتنا في متاهات الزمن نتقلب مع مفاجآت القدر.. وبعد رحيلها استجمعت قواي لتوديعها.. وبدأت قصة وداعي لها.. قررت في لحظة سريعة أن أكون آخر يد تمس جسدها الغالي.. وطلبت تغسيلها رغم صعوبة الموقف.. تماسكت وقررت الذهاب.. شعرت برهبة وخوف رهيب لأني لم أعهد تلك المواقف.. وعند باب المغسلة وقفت.. تثاقلت خطوتي وتسارعت نبضات قلبي.. وتحركت أجر خطواتي المتثاقلة.. وها أنا أدخل المغسلة.. قلبت ناظري فيها.. آآه ما أصعب الموقف.. هنا أكفان وهناك سدر وبينهم كافور.. وعندهم جدتي الغالية.. آآه ثم آآآه ليتها جدتي.. إنها جثة جدتي.. رأيتها وشعرت بالأحزان تتزاحم داخلي.. اقتربت ببطء.. وصلت إليها.. لا أرى سوى لفافة بيضاء مددت يدي لأزيلها.. ربااااه ألهمني القوة.. بدأت آثار جسدها تظهر وآثار دمعي تتسابق عليها.. حينها دعوت لها.. وشرعت في تغسيلها.. وأنا أنظر إليها غاليتي ليتك تشعرين بي لما رحلت.. عودي أرجوك عودي.. لا تتركيني كنت دائما تتمنين أن أكمل حفظ القرآن وأبشرك بختمته وها أنا أوشكت على ذلك.. لا ترحلي عودي.. حتى أشعر بفرحتك عودي.. رفعت يدي بعد أن انتهيت وها هو الكفن قد غطى كامل جسدها وحين أوشكت على تغطية وجهها ودعتها الوداع الأخير.. لن أراها بعد ذلك ستذهب بعيداً رغماً عنا.. خرجت وأنا أحمل جسدي المنهك بالجراح وهم خلفي حملوها على الأكتاف فوق الألواح.. صلينا عليها ودعونا لها وأودعناها التراب.. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |