Sunday 30th April,200612267العددالأحد 2 ,ربيع الثاني 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

ورحلت جدتي ورحلت جدتي
نورة بنت عبدالرحمن بن عبدالعزيز الصويلح / شقراء

ورحلت جدتي الغالية.. نعم رحلت.. وأودعت الجراح في قلوبنا.. كانت أسطورة رائعة نقشت أروع الذكريات في حياتنا.. وبعدها رحلت.. نعم رحلت شئنا أم أبينا.. رحلت وتركت أماكنها خالية.. هنا كانت تجلس وهناك تنام.. هنا رأيتها وهناك ضحكت معها.. ولكنها الآن رحلت وتركتنا في متاهات الزمن نتقلب مع مفاجآت القدر.. وبعد رحيلها استجمعت قواي لتوديعها.. وبدأت قصة وداعي لها.. قررت في لحظة سريعة أن أكون آخر يد تمس جسدها الغالي.. وطلبت تغسيلها رغم صعوبة الموقف.. تماسكت وقررت الذهاب.. شعرت برهبة وخوف رهيب لأني لم أعهد تلك المواقف.. وعند باب المغسلة وقفت.. تثاقلت خطوتي وتسارعت نبضات قلبي.. وتحركت أجر خطواتي المتثاقلة.. وها أنا أدخل المغسلة.. قلبت ناظري فيها.. آآه ما أصعب الموقف.. هنا أكفان وهناك سدر وبينهم كافور.. وعندهم جدتي الغالية.. آآه ثم آآآه ليتها جدتي.. إنها جثة جدتي.. رأيتها وشعرت بالأحزان تتزاحم داخلي.. اقتربت ببطء.. وصلت إليها.. لا أرى سوى لفافة بيضاء مددت يدي لأزيلها.. ربااااه ألهمني القوة.. بدأت آثار جسدها تظهر وآثار دمعي تتسابق عليها.. حينها دعوت لها.. وشرعت في تغسيلها.. وأنا أنظر إليها غاليتي ليتك تشعرين بي لما رحلت.. عودي أرجوك عودي.. لا تتركيني كنت دائما تتمنين أن أكمل حفظ القرآن وأبشرك بختمته وها أنا أوشكت على ذلك.. لا ترحلي عودي.. حتى أشعر بفرحتك عودي.. رفعت يدي بعد أن انتهيت وها هو الكفن قد غطى كامل جسدها وحين أوشكت على تغطية وجهها ودعتها الوداع الأخير.. لن أراها بعد ذلك ستذهب بعيداً رغماً عنا.. خرجت وأنا أحمل جسدي المنهك بالجراح وهم خلفي حملوها على الأكتاف فوق الألواح.. صلينا عليها ودعونا لها وأودعناها التراب..
وعدنا.. نعم عدنا ولكن بدونها.. لم يتبق لنا سوى العزاء وبعدها ستنتهي وتبقى ذكرياتها.. والآن حان وقت لملمت ما تبقى لها يا إلهي أشعر بأني سأنهار لن أقدر ولن استطيع.. أريد الهروب من عالمي الحزين لا أريد أن أقف على أعتاب رحيلها.. أجبرت نفسي على الصمود واتجهت إلى غرفتها.. احساس قوي انتابني يأمرني بالعودة والرجوع.. فجأة رفعت يدي وفتحت غرفتها وقد تغلبت على احساسي ودافعت شعوري.. وقعت عيني على سريرها.. تقدمت.. ربااااه كل شيء في مكانه لم يتغير.. لم استطع الصمود.. وقعت على سريرها ومكان نومها مسكت بآثار ملابسها وبكيت.. أخرجت ما في نفسي الحزينة.. بكيت بقوة لعلي أرتاح.. لعلي أخرج ما في نفسي لها.. رفعت رأسي ونظرت إلى أماكنها وحاجاتها الغالية.. لممتها مع جراحي وأذرف دمعي وخرجت بعد أن ودعت مكانها بلا رجعة.. اللهم اغفر لها وارحمها وأبدلها داراً خيرا من دارها وأسكنها الجنة واجمعنا بها يا أرحم الراحمين..

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved