* جدة - المكتب الإقليمي - صالح الخزمري:
سيطرت الحداثة والقضايا النقدية على مساء الاثنينية أثناء الاحتفاء بالدكتور حلمي محمد القاعود - الأستاذ بكلية الآداب بجامعة طنطا والمعار إلى كلية التربية للبنات بحفر الباطن منذ 2003م.
القاعود اعتبر أن الزمن القادم أجمل من حيث القراءة التي ستكون من اختياره عكس ما كان يفرض عليه قراءته، مشيداً بمنبر الاثنينية حيث تحتفي وهي جهة غير رسمية بالأدباء والمثقفين من داخل وخارج المملكة.
يلازم القراءة الكتابة التي ستكون حرة طليقة أيضاً من خلال الكتابة الإبداعية من قصة ورواية.
ويقف الضيف عند أهم حدث في الساعة وهو الإساءة التي تعرض لها شخص الرسول صلى الله عليه وسلم موضحاً أن تلك الإساءة صدمت المسلمين ولكنها أسهمت في وحدتهم لنثبت بذلك أنها أمة واحدة مصداقاً لقوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (52)سورة المؤمنون.
ويتوقف القاعود عند هذا الأمر الذي يعني له الكثير، فقد شغل بحبه عليه السلام دراسة وتحليلاً وكانت رسالة الدكتوراه عنه عليه السلام في الشعر الحديث، موضحاً أن أمتنا حية لا تموت.
القاعود يسهب الحديث حول تجربته الإنسانية المليئة بدءاً من قريته الواقعة على ضفاف النيل مروراً بتدريسه لمختلف المراحل حتى وصوله إلى المملكة يصاحب ذلك كله الكتابة الإبداعية والنقدية.
موضحاً أنه عمل في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية وأشرف على طلاب الدراسات العليا، ولكن حرفة الأدب أدركته فكانت التجربة الإبداعية وكان نشر الإبداعات في عدة صحف منها الرسالة.
اتجه إلى المنطقة المزعجة (النقد) الذي وصفه بأنه نادراً ما يبقي لك صديقاً، ويضيف: ولعلها سذاجة الاستمرار في هذا المجال.
ويقف عند محطة نقدية في غاية الأهمية وهي تساؤله في منتصف السبعينات عن وجود أدب عن التصور الإسلامي وكتب في الأهرام وأثار آراء حوله.
موضحا في ذات السياق أن الرواية من منظور إسلامي محدودة جداً وذلك ما لاحظته رابطة الأدب الإسلامي عندما أعلنت عن مسابقة فيه.
وعن اهتمامه بالرواية الإسلامية والتاريخية أرجع ذلك إلى أنه كان يصب في توجيه الأدب الإسلامي حيث يبدو ضحلا.
وربما كشف القاعود عن جانب من حياته قد لا يبدو للبعض وهو الجانب الإعلامي الذي يتوازى مع الجانب الإبداعي حيث كان أول من كتب عن الصحافة المهاجرة وألف فيها كتاباً.
القاعود كانت له إسهامات في بعض المؤسسات الأدبية والثقافية حيث كان عضواً مؤسساً في اتحاد الكتاب بمصر 1976م وعضواً مؤسساً لرابطة الأدب الإسلامي.
ويقف القاعود عند مصطلح الحداثة الذي يقر بأننا كبشر لا نرفض أن نتحدث (من الحداثة) ولكن المشكلة أن البعض طرح الحداثة بالمفهوم الغربي الذي يتعدى الأدب.
ووصف الحداثة بأنها كلمة مراوغة فهي تعني ضد القدم ونحن في حاجة إلى التحديث فهي سنة الله في خلقه، ولكن ما يتعلق بالقيم والهوية له حسابات أخرى.
دارت بعد ذلك حوارات بين د. القاعود حول معظم القضايا النقدية التي كان له دور فيها وكان شفافاً في إجابته.
فعن مقالاته في الاعتصام قال: جمعت بعضاً منها في كتب ولا زال كثير منها في المجلات مضيفاً أنهم أصبحوا يلجؤون إلى الإنترنت لأنه أسرع في الوصول إلى أوسع قاعدة.
وعن تطور الحس الوطني عند الفرد أوضح أنه أقرب إلى الفطرية في أبنائنا، والمشكلة أن بعض المناهج في بعض الدول العربية أصبحت تتنكر للغة العربية والتاريخ.
وعن تقييمه للصحوة أوضح أنها موجودة وفي مقالاته في الاعتصام كان الإلحاح على ترشيدها بحيث تأخذ منهجاً وسطياً بعيداً عن العنف.
وعن مفهوم الأمة أوضح أن هناك مفهومين: قرآني يجعل المسلمين أمة واحدة وهو أشمل وأنضج تعبر عنه الأحداث والوقائع التي جرت منذ 14 قرناً.
ومفهوم لدى علم الاجتماع وهو مستمد من الغرب، موضحاً أنه بحكم المفهوم القرآني فنحن أمة واحدة وهذا لا يعني أن نكون دولة واحدة فكل شعب يدير أموره بنفسه، وكان يجب الاستفادة من تجارب الآخرين في الوحدة الاقتصادية والثقافية.
وعن الرواية التاريخية قال: من خلال المجلد الضخم الذي أصدرته عنها هي محاولة لفرز هذه الروايات وبيان سبب ازدهارها في النصف الأول من القرن العشرين.
وفي تعليق له على نجيب الكيلاني أوضح أن نجيب محفوظ شهد له وقد قدم الرؤية الإسلامية في رواياته من خلال الواقع ويحقق معادلة جيدة تتمثل في الأسلوب (السهل الممتنع) مع سلامة التصور وفنية الأداء، وله أكثر من كتاب في مجال التنظير لكتابة القصة ولم ينزلق إلى الخطابة أو الوعظ، وقد كتب عنه القاعود أكثر من دراسة.
وفي تعليق له على رابطة الأدب الإسلامي أوضح أنه ليس له تأثير من الناحية الإدارية مع أنه من المؤسسين لها، والرابطة تقدم الآن مجلة ويرى القاعود أنها يجب أن تكون أكثر فاعلية وتصدر كل شهر.
وفي إجابته عن سؤال عن إمكانية استحقاق بعض مبدعينا لجائزة نوبل أوضح أن العالم العربي فيه قمم كثيرة وجائزة نوبل ليست بالضرورة مقياساً وجائزة الملك فيصل تقوم بدور جيد في هذا المجال.
وعن الصراع بين الحداثة والقديم أوضح أننا مع كل جديد ما لم يمس الثوابت والمشكلة هي تلك المحاولات التي يقوم بها أشخاص غير مهيئين، فالواقع الثقافي هو الذي يبقي الصالح وينفي الطالح.
من جانبه عبر الشيخ عبد المقصود خوجة عن سعادته بالاحتفاء بالدكتور القاعود الذي أثرى المكتبة العربية بأكثر من ثلاثين مؤلفاً، واعتبره من طبقة الأساتذة الذين طبعوا على حب العلم حيث لم يشغله الهم الأكاديمي عن ملاحقة الشأن الثقافي بمعناه الواسع حيث خاض معترك الكلمة وسط تيارات تعج بكثير من المسائل التي نتفق أو نختلف معه حولها.
مشيداً بكتابه الورد والهالوك الذي اعتبره الناقد د. مصطفى هدارة - كتاب العام في مصر 1993م.
مشيراً إلى قاموسه الذي تفرد بأسلوب مباشر وكلمات وتعابير ينتقيها بحرص وعناية فتغني عن فضول الحديث، ونجده لا يكرر نفسه أو يتكئ على أفكار غريبة فيترجمها من مصطلحات الفكر الغربي، واعتبر الشيخ خوجة أن د. القاعود كان ملتزماً بالمنهج الوسطي في تناول القضايا الإسلامية والنقدية.
أدار الأمسية د. جميل مغربي وشرفها قنصل جمهورية مصر بجدة الأستاذ عفيفي عبد الوهاب ومن المثقفين الأساتذة عبد الله خياط وعبد الله الشريف ومحمود زيني وأحمد طاشكندي.
سيرة ذاتية
الاسم: الأستاذ الدكتور حلمي محمد محمد القاعود.
من مواليد البحيرة - مصر عام 1946م.
حصل على دكتوراه في النقد الأدبي والبلاغة والأدب المقارن - دار العلوم، جامعة القاهرة 85- 1986م.
عمل مدرساً بالتعليم العام.. ثم التحق بالعمل مدرساً مساعداً بكلية التربية - جامعة طنطا، 1982م.
مدرسا بكلية التربية، جامعة طنطا، 1986م.
مدرسا بكلية الآداب، جامعة طنطا، 1999م.
رئيس قسم اللغة العربية وآدابها، بكلية الآداب، جامعة طنطا، 1999-2002م.
معار إلى كلية التربية للبنات بحفر الباطن منذ عام 2003م.
المؤلفات:
أكثر من ثلاثين مؤلفاً في التخصص والقضايا الإسلامية والإعلام والإبداع الأدبي، منها:
1 - الغروب المستحيل - سيرة كاتب.
2 - مدرسة البيان في النثر الحديث (طبعتان).
3 - محمد صلى الله عليه وسلم - في الشعر العربي الحديث (طبعتان).
4 - القصائد الإسلامية الطوال في العصر الحديث.
5 - الرواية التاريخية في أدبنا الحديث (طبعتان).
6 - الرواية الإسلامية المعاصرة.
7 - الورد والهالوك: شعراء السبعينيات في مصر (طبعتان).
8 - الحداثة: المفهوم والمصطلح.
حصل على جوائز تقديرية من مصر والمملكة العربية السعودية كما شارك في كثير من المؤتمرات داخل مصر وخارجها وأشرف على رسائل ماجستير ودكتوراه وناقش العديد منها في السعودية وجامعات مصر المختلفة.
|