Tuesday 25th April,200612262العددالثلاثاء 27 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"عزيزتـي الجزيرة"

وللآباء حقٌ أيضا أيها (الراحمون)!! وللآباء حقٌ أيضا أيها (الراحمون)!!

تعليقاً على ما نشر عن الطفلة (رهف) التي ضربتها زوجة أبيها وتقديم زوجة الأب للمحكمة ومحاكمته مع زوجته مقابل تلك الجريمة، والخبر المنشور عن ذلك في جريدة الجزيرة يوم الأحد 18 من ربيع الأول 1427هـ لعدد 12253 الصفحة الأخيرة.. أقول:
الظلم بشتى صوره مرفوض رفضاً قاطعاً، وسوء المعاملة أمرٌ حرمته الشريعة الإسلامية وحذرت منه الأنظمة البشرية ووضعت له عقوبات رادعة.
والأطفال هبة الله لنا فعلينا أن نشكر الله على نعمه ونحسن تربيتهم ونجنَّبهم كل ما فيه أذى لأجسامهم أو أعراضهم.. كما يجب تنبيه من يسيء معاملتهم وتذكيره بواجبه والأخذ على يده إن تمادى وأسرف.. وتعاليم ديننا في هذا الباب مشهورة محفوظة وهنا أشير إلى الحديث الذي ورد فيه أن رجلاً رأى النبي - صلى الله عيه وسلم - يقبل الحسن أو الحسين ابني ابنته فاطمة فقال: أو تفعلون ذلك مع أبنائكم أو قال مع أولادكم؟ّ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم، فقال الرجل: إنَّ لي عشرة من الوَلَد ما قبَّلت منهم أحداً. عند ذلك قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة) رواه البخاري (1).
انظر هنا حيث صار عدم التقبيل علامة على عدم وجود الرحمة - التي هي فطرة في الإنسان والحيوان على حد سواء.. فما بالك بالعنف والأذى؟!!
على أنَّنا هنا لابد أن نشير إلى أنَّ الضَّرب غير المبرح قد يكون مطلوباً شرعاً لعلاج حالات (نادرة) يمر بها الأب أو الزوج.. قال الله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}(34)سورة النساء، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين وأضربوهم عليها وهم أبناء عشرٍ) (2). على أنَّني أؤكد هنا أن الضرب المقصود في الآية والحديث يكون علاجاً أخيراً وخاصاً بحالات لا يجدي معها غيره وبضوابط شرعية مقررة في الفقه الإسلامي.
ولكن الملفت للنظر في الحملة الإعلامية القويَّة التي صاحبت قضية الطفلة (رهف) تجاوزت الحد في اقتراحات من تناولوا القضية.. فقرأنا أقوالاً غريبة منها:
- متى يؤخذ على يد الآباء والأمهات؟!
- زوجات الآباء أعداء لأبناء ضراتهن!!
-أين القوانين التي تُجَّرم ضرب الأولاد وتحدد عقوباتها؟!
- العنف الأسري الخطر القادم!!
- إلى متى تستمر سلطة الآباء والأمهات؟!!
وطروحات أخرى تدور على صفحات الصحف وفي البرامج المباشرة في القنوات التلفزيونية، ولم أجد لكل ذلك ما يبرره لأسباب أهمها:
1- أن الحالات التي تدور حولها الحوارات حالات فردية شاذَّة فلم نسمع إلا عن حالات تعد على أصابع اليد الواحدة في بلد يزيد سكانه عن عشرين مليون نسمة!!
2- أن أغلب الاسباب هو فساد من حصل من العنف وهو فساد سببه المخدرات أو غيرها من المخالفات الشرعية.
3- أن مجتمعنا المسلم المحافظ ينبذ تلك الأعمال وينكرها ويستهجن من يعملها فلم نجد واحداً من الأقارب لأولئك يوافقهم على أعمالهم أو يقرهم عليها!!
فلماذا إذاً تلك الحملة؟ وما أهدافها؟ ولماذا تُستغل استغلالاً يهدف إلى نتائج لا علاقة لها بالموضوع ولمصلحة من تنزع سلطة الأبوين التي هي سلطة الرعاية والتربية والتوجيه لا سلطة العنف والظلم - كما يصورون - ، وكيف سوغ لأولئك أن يعدّو الأمر ظاهرة تهدد المجتمع والأجيال وهو لا يعدو حالات شاذة خاصة.إنني أسأل من ضخَّموا الأمر وكَبَّروه: ألم يسمعوا بالحالات الكثيرة التي ضرب فيها الأبناء والبنات آباءهم وأمهاتهم ووصل بهم الأمر إلى قتلهم وعرضت قضاياهم في المحاكم الشرعية ونفذ في بعضهم الحد الشرعي.. أينكم من تلك القضايا التي تُهدد أمن مجتمعنا وسعادة أفراده، وماذا قدمتم لعلاجها وهي أكبر وأكثر وأخطر من ضرب طفل أو طفلة؟ أين الدموع الحارَّة على هؤلاء الآباء
ممن يناقشون ما يسمونه (العنف الأسري)؟!! أوجه رجائي بأن يناقش العنف من الطرفين، والظلم من الجانبين، وأتمنى أن يكون الانصاف والعدل هو رائدها في علاج تلك الظواهر، وأولئك الأخوة والأخوات ممن يتمنى أن يكون أولادهم قُرَّةً لعيونهم ومصدر سعادة في مراحل الحياة كلها.. ولن يكون ذلك إلا بالتربية على تعاليم الإسلام والالتزام بأدابه والبعد كل البعد عن مظاهر الانحراف صغيرها وكبيرها.. ومع ذلك وفوقه بأن تتأكد أنَّ مجتمعنا يختلف تماماً عن مجتمعات الشرق والغرب.. وما يزعم اولئك أنَّه يصلح لشعوبهم لا يناسب مجتمعنا لأنَّ الله تعالى أكرمنا بالإسلام الذي سعد به المسلمون على مدى القرون، في حين أنَّ المجتمعات الأخرى - ومع وجود القوانين التي ينادي بها بعضنا - تشكون من مشكلات أُسريّة لا حد لها ولا يتمتع فيها الآباء والأولاد ولم بُعشر ما نعيشه من سعادة وأُنس وحب واطمئنان.فهل أدركتم إخوتي أنَّ للآباء حقاً قد نسيناه أو تناسيناه وما أحوجنا لتذكره، وعلاج المشكلات التي تظهر بيننا وتكون عقوقاً لآبائنا ونحن إن فعلنا بصدق وإخلاص أصلح الله أولادنا وحفظهم.. ولقد وجدت من فوائد بر الوالدين أنَّ والدتي جزاها الله خير ما يجزي به عباده الصالحين توصيني دائماً بالرحمة بأولادي والصبر عليهم، ومواصلة الإحسان لهم لأنّ كل معاناة أعيشها معهم ستكون نتائجها حسنة لي ولهم.أعانني الله وإياكم إخوتي القُرَّاء على بر آبائنا وأصلح ذرياتنا وبناتنا إنه سميع مجيب.
(1) ورد أن الرجل الذي رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقَبَّل الحسن بن علي هو الأقرع بن حابس التميمي وأنَّه هو الذي قال: إن لي عشرةً من الولد ما قَبَّلت منهم أحداً، فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال:( من لا يرحم لا يُرحم) رواه البخاري في كتاب الأدب برقم: 5997 ورواه مسلم في كتاب الفضائل باب: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرحم الناس بالصبيان والعيال. برقم 1579
(2) رواه أبو داود بإسناد حسن وروى مثله الترمذي وأحمد والدارمي وغيرهم. وأورده النووي في (رياض الصالحين) برقم 4-301

عبدالعزيز بن صالح العسكر

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved