Tuesday 25th April,200612262العددالثلاثاء 27 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"لقاءات"

وزير الدولة بالخارجية السودانية: وزير الدولة بالخارجية السودانية:
سلفاكير لم يفشل وليس له أجندة خفية.. وما أثير عارٍ من الصحة!

* حوار - فتح الرحمن محمد يوسف
أهم ما افرزته المجهودات التي بذلها كل من حزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم وشريكه الحركة الشعبية لقيام حكومة وحدة وطنية هو تولي قيادات جنوبية مراكز سيادية حساسة، ليس فقط على مستوى وزارة الخارجية التي هي مفتاح لإقامة علاقات مع أصدقاء قدامى وأخرى مع آخرين جدد، فضلاً عن ترميم ما أفسده الدهر من علاقات مع من أصبحوا أعداء فيما بعد، ولكن على مستوى النائب الأول لرئيس الجمهورية الذي لم يظهر حتى الآن أي نوع من الامتعاض من الشراكة السياسية الجديدة.
في هذه المساحة كان لنا هذا اللقاء مع وزير الدولة بالخارجية السودانية السماني الشيخ الوسيلة الذي فتحنا فيه كافة الملفات السياسية الساخنة لوضع النقاط على الحروف بدون أي تحفظات.
* تقلد الدكتور لام أكول منصب وزارة الخارجية كقيادي جنوبي يتولى هذا المنصب لأول مرة في تاريخ السودان.. ماذا يعني ذلك في سياسة السودان الخارجية وماذا سيكون مردوده على وحدة السودان مستقبلاً؟
- أعتقد أن تولي الأخ الدكتور لام أكول زمام أمر وزارة الخارجية السودانية أمر طبيعي، جاء نتيجة عملية إنفاذ اتفاقية السلام السودانية التي تم توقيعها في التاسع من يناير هذا العام، فهو أتى مشاركاً ضمن تشكيلة الحركة الشعبية، وقد كانت وزارة الخارجية إحدى الوزارات الأخرى التي كانت من نصيبها.
أما فيما يتعلق بسياسة السودان الخارجية فهي محددة المعالم وفق الاتفاقية والدستور الانتقالي لذلك نحن نأمل كثيراً في أن تكون حكومة الوحدة الوطنية الممثلة في قطاع عريض جداً من ألوان الطيف السياسي، أن تعمل على إنفاذ هذا البرنامج الذي يعود في نهاية الأمر إلى تحقيق مصالح السودان العليا بأقل خسائر ممكنة، ولما لي من معرفة شخصية بالدكتور لام أكول خاصة وأنا كنت قد أعقبته وزيراً لوزارة النقل، فهو سبقني على هذا المنصب، فكان يعمل ضمن تركيبة حزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم).
أستطيع أن أقول: إنه رجل مقتدر ومؤهل علمياً وسياسياً وعلى درجة من الالتزام تمكنني من أن أقول: إننا جميعاً في وزارة الخارجية (ثلاثتنا، الأخ لام أكول، والأخ علي كرتي، وشخصي الضعيف) أي الوزير المركزي ووزيري الدولة نعمل وفق منظومة متجانسة وتعرف كيف تنفذ السياسات الخارجية للسودان التي يتحقق بها مكاسب سياسية مقدرة للشعب السوداني في المرحلة المقبلة.
* يعتقد بعض أرباب السياسة السودانية أن الحكومة الانتقالية التي تشكّلت لم تكن حكومة وحدة وطنية بينما يرى البعض الآخر أن حشد أكثر من مستشار لرئيس جمهورية السودان ما هي إلا ترضيات على حساب الشعب الذي كان ينتظر ميلادها بفارق الصبر واحتكار للسلطة بعيداً عن أركان أحزاب كانت فاعلة في الساحة السياسية السودانية.. ما قولكم في ذلك؟
- إن الاتفاقية حددت النسب والأهداف والأعداد ولا مجال لزيادتها أو نقصانها، ومن ارتضى الاتفاقية فهو من ضمن هذه التشكيلة حسب الآلية المعمول بها وأنا كاتحادي ديمقراطي أقول ان الوزن المفترض المشاركة به وزير ووزير دولة ومستشار ورئيس لجنة في المجلس الوطني ومجموعة وزراء ومعتمدين في الأقاليم وأعضاء في المجلس الوطني بنسبة نواب في المجلس الوطني ولكن هي مرحلة عمل قومي وطني يجب أن ينظر إليها بأنها جهد يدفع فيها بكوادر تعبر عن رأي الساحات السياسية التي تؤمن بالتحول الديمقراطي التي تؤمن بأن هذا الاتفاق سينعكس خيراً على السودان، ولذلك فالذين ينظرون لها بأنها ليست حكومة وحدة وطنية قد يرون أنها ليست حكومة إجماع وطني بالمعنى العريض أي أن ليس لها معارضة، ولكن من ارتضى بالميثاق والدستور الانتقالي واتفاقية السلام، أهدافه محددة في تحوّل ديمقراطي يوصل إلى صناديق الاقتراع ضمن هذه الحكومة وهي حكومة وحدة وطنية بهذا المعيار وبالعدد المتوفر لديها من الحركة السياسية التي وافقت على هذه المواثيق التي ستعمل على إنفاذ هذه السياسة التي تؤدي إلى تحوّل ديمقراطي، وعليه فالمطلوب من الآخرين الذين حددوا رؤاهم وفكرهم وموقفهم السياسي بعدم الدخول في هذه الحكومة، أن يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى لكي يسعوا للوصول إلى صناديق الاقتراع التي تمكننا جميعاً من الوصول بالسودان إلى بر الأمان.
* لماذا في رأيكم تريد أمريكا إبقاء العقوبات على السودان؟
- هذا موقف مرفوض مبدأ لأن فيه ازدواجية في القرار وفيه كثير من الإجحاف، حتى لوسلّمنا بأن هناك ظروفاً أدت إلى فرض هذه العقوبات، الآن تغيرت، خاصة وأن أمريكا بذلت جهداً كبيراً في التوصل إلى اتفاق السلام، ولذلك لا أجد أي مبرر لاستمرار مشروع العقوبات القائم الآن.
* روبرت زوليك مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية كان قد افتتح في زيارته التي قام بها للسودان ثلاث قنصليات جديدة لبلاده في جنوب السودان.. لماذا هذا التركيز الأمريكي على الجنوب بدلاً من الخرطوم عاصمة السودان؟
- فيما يختص بالقنصليات فهي بالمناسبة ليست لأمريكا فقط وإنما هناك أيضاً النرويج والسويد وهولندا وإيطاليا وبريطانيا وجمهورية مصر العربية وكثير من الدول تسعى لأن تفتتح قنصليات لها هناك وذلك لارتباط تلك الدول بمشروعات التنمية في الجنوب وما يتطلبه من وجود عناصر أو مواطنين من دولهم في تلك المنطقة وذلك لعملية التنسيق ووجود جهة ترعى رعاياهم هناك في تلك المناطق، ولا أرى في ذلك ضرراً وإنما هي تسهيل لمهمة كبيرة خاصة والسودان بلد مترامي الأطراف وما سيجري في الجنوب في الفترة القادمة سيكون بحجم كبير، ومع أنه تعامل يخص حكومة الجنوب، لكنه تحت شرعية الحكومة القومية.
* إلى أين وصلت الحكومة الحالية فيما يختص بقضية شرق السودان وجماعته الخارجة عليكم؟
- بالنسبة للطلبات، يمكن لأي جهة أن تطلب ما تريد، ولكن هناك واقع يحكمنا جميعا، أما فيما يتعلق بملف الشرق هناك عمل يتم فيه التشاور بين الحكومة وبين الأخوة حاملي السلاح في الشرق وفي الداخل أيضاً بغية التوصل إلى عقد مؤتمر، كما أن هناك دولاً أوروبية مثل بريطانيا إضافة إلى أمريكا، حاولت أن تقوم بعقد ورش عمل، مستفيدة من الأخطاء التي صاحبت مشكلة حاملي السلاح في دارفور بغرض توحيد رؤاهم وتهيئتهم لعملية التفاوض لتمكّنهم من توضيح الممكن وغير الممكن وأسلوب طرح الحوار والنقاش ومن ثم التوصل إلى اتفاق.
ونحن نتوقع أن يبدأ منبر الشرق في عملية الدخول المباشر في صلب الموضوع قريبا، أما فيما يختص بأوجه الشبه بين قضيتي دارفور وشرق السودان، فهناك قضية مشتركة بين كل مناطق السودان وهي عملية ضعف التنمية والإحساس بضعف المشاركة في السلطة، ولكن هذه ليست أخطاء الحكومات السابقة بقدر ما هي نتيجة طبيعية لضعف البني التحتية والتعليم والصحة والتي توقفت في كثير من الأحيان بسبب الحروب وانشغال البلد بالخلاف السياسي وما يتبع ذلك من قضايا.
وأود أن أشير هنا إلى أن هناك عملاً تنموياً ضخماً جداً تقوم بها لجنة الشرق تحت رئاسة الأخ وزير المالية بالأخص فيما يتعلق بقضايا المياه والتعليم والصحة وتطوير المؤسسات الكبيرة، كما أن هناك عملاً ضخماً آخر وهو استكشافات نفطية وصناعات مصاحبة بالإضافة إلى توسعة الميناء والطريق البري الذي يربط بين مدينتي عطبرة وبورتسودان مقتصراً 40 كيلومتراً، وهذا في مجمله عمل تنموي ضخم جداً لا تخطئه عين ولا يجحده شخص وهو يفوق الـ 12مليار دينار ولذلك ففرصة علاج شرق السودان في وقت قياسي أكبر بكثير مما عليه في دارفور.
* التزام العالم العربي والغربي من التعمير والتمويل لمشاريع التنمية في السودان وخصوصاً الجنوب.. أين يقف؟
- هذه رغبة أبداها العالمان الغربي والعربي وشكرناهم عليها ولكن مضت عليها الآن أكثر من 9 شهور من دون أن نرى أي شيء محسوس، وكل ما في الأمر كانت هناك تأكيدات شفهية، ونحن كمسؤولين في وزارة الخارجية تحدثنا في مقابلاتنا معهم بكل صراحة ووضوح، وشرحنا لهم مدى خطورة التأخير والتأجيل أو ربط هذه المساعدات بحل قضايا أخرى كقضية دارفور أو شرق السودان مثلاً لأن ذلك سيعطّل مسيرة السلام ويعقد المشاكل القائمة أصلاً، وقد ربط بعضهم تأكيداتهم بتكوين حكومة الوحدة الوطنية وها هي اكتملت وقد سبقها المجلس الوطني والدستور والمفوضيات، وبالتالي لا أرى أي حجة أو مبرر لتأخير إيفائهم بوعودهم، ولكن نحن يجب ألا نعوّل عليها كثيراً لأنه كانت هناك لهم اخفاقات كثيرة وهذا ما توضحه تجربتهم تجاه فلسطين ولبنان وأفغانستان والآن العراق، ولذلك على الدولة أن تعد العدة لوضع ميزانيات لتساهم بفاعلية وسنمضي في هذا الاتجاه بمشيئة الله.
* كيف تقرأ مستقبل السودان بعد ست سنوات؟ وما هي خططكم في وزارة الخارجية التي تدعم توقعاتكم المستقبلي؟
- السودان لديه خطة موضوعة ومرسومة بمعايير محددة ومفصلة في دستوره وفي اتفاقية السلام ومعها إرث السودان الكبير وإمكاناته المقدرة، فإذا ما تضافرت جهود الشعب السوداني وتجاوزوا كافة الخلافات الحزبية الضيقة والتيارات الجهوية والعشائرية والعنصرية سيكون السودان حينها الدولة المحورية الأولى في المنطقة كلّها، وما أراه أن أبناء الشعب السوداني بعد هذه المسيرة الطويلة من المرارات والعذاب والاحتراب والمعاناة بجانب الإرث الذي تركه الآباء بعد حركة الاستقلال والحركات التي بدأت منذ المملكة السنّارية مرورا بالدولة المهدية ودور حركة القوى الحديثة لمؤتمر الخريجين والحركة الوطنية في بداياتها عقب الاستقلال، بقادرين على أن يلتقوا عند الشدائد ولحظات الملمات ليصنعوا وطناً يعم خيره الجميع.
أما فيما يتعلق بخططنا في وزارة الخارجية التي تدعم هذا الاتجاه، أقول: إن الوزارة ملتزمة التزام تام بالإطار العام للسياسات التي تنبثق من وثيقة اتفاق السلام والدستور، عاكسة صورة حقيقية للسودان وجاذبة لكل من ينوي عمل خير ويسعى لعمل تتبادل فيه المصالح مع السودان، بغية خلق شراكات استراتيجية مع دول تربطنا بها مفاهيم ومبادئ ومثل وقيم من خلال مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والديمقراطية والسلام.
* تشهد العلاقات بين السعودية والسودان على وجه التحديد نمواً مطردا.. أين تقف هذه العلاقات الآن؟ وماذا تقول عن قبول منظمة الجارة العالمية لانضمام السعودية؟
- اعتاد السودان الوقفة المشرفة دائماً من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، لفطنته وحضوره في كل القضايا والمحافل الدولية ولذلك فالعلاقات بين البلدين لا تقف عند حد معين وهي قديمة متجددة ومتجذرة ولها إسهامات طيبة ليس فقط في دعم القضايا السودانية ولكن العربية والإسلامية، أما قبول منظمة التجارة لانضمام السعودية فهو نقلة تاريخية ولكنه نتاج طبيعي للمجهودات التي دأبت القيادة السعودية على بذلها بلا كلل ولا ملل في سبيل تحقيق النجاح تلو الآخر.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved