Monday 24th April,200612261العددالأثنين 26 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

بريدة تودِّع السلمان بريدة تودِّع السلمان
صالح بن عبد العزيز الصقعبي

رحل ابن بريدة البار ... رحل أحد الأوفياء ... رحل رمز من رموز الكفاح ... انطفأت عصر يوم الأربعاء الماضي شمعة اضاءت على مدى نصف قرن أو أكثر العديد من الدروب المظلمة ... قدّمت الدفء للكثير من الأجساد الباردة ... إعادت الثقة لعشرات الأكف المرتعشة موّلت بلا مَن أيدي خاوية ... وهذا كله من خلال مواقف يسكنها النبل ويزيد من شموخها شعاع الوطنية الصافية البعيدة عن التكلُّف والتزلُّف الذي يرتقي دائماً على الذات مؤثِراً الآخر المتمثل في الوطن وأبنائه ... كل أبنائه بلا معايير عرقية أو فوارق طبقية.
في عصر يوم الخميس 22-3-1427هـ كان الوفاء بحجم العطاء .. خرجت بريدة شيباً وشباباً في موكب وداع مهيب لابنها البار (صالح العبدالله السلمان) - رحمه الله رحمة واسعه وأسكنه فسيح جناته -.
كانت مواقف (أبو سليمان) تحث هذا وذاك على الوصول إلى الجامع الذي ستقام به صلاة الجنازة على جثمانه بأسرع وقت فما زال الجميع يستذكرون دعمه اللامحدود للأنشطة الشبابية بالمنطقة بشكل عام وفي بريدة بشكل خاص .. فقد كان (أبو سليمان) داعماً رئيسياً للكثير من الأنشطة من خلال ترأسه لأعضاء شرف نادي الرائد، وهذا لم يبعده عن تقديم الدعم لنادي التعاون وجمعية الثقافة والفنون وغيرها الكثير .. تختزل الذاكرة مواقف شخصية مع الفقيد من المستحسن عدم التطرُّق لها في هذا المقام، وإن كنت سأعود للكتابة عنها ذات يوم، فسيرة ومسيرة الفقيد ثرية بالمواقف الرجولية التي تستحق التسجيل.
وفي ركن متميز من ذاكرة بريدة يتربع (صالح العبدالله السلمان) مبرهناً بالأفعال قبل الأقوال على حبه الصادق لمدينته وأهلها .. فتجده يوافق على توظيف فلان في مؤسساته الخاصة، وإن لم يتوفر لديه الوظيفة المناسبة يقوم بتبنِّي الأمر ولا يتردد في التوسُّط لدى هذا التاجر أو ذاك، حتى يتم إيجاد عمل لطالبه.
ولبريدة لغة خاصة مع أبنائها فهي تختزل الكثير من المعادلات الوطنية وإقرار المصداقية الكثير الكثير في لغة بريدة الضمنية تجاوزها الراحل بصفاء النقية وصدق الطوية ووضوح الطريق والانتماء.
رحم الله (صالح السلمان) فقد كانت لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه، وكان المؤشر الوطني أكثر تأثيراً في كيانه وقراره من الربح الذاتي المغلّف بالوطنية والمحشي بنقيضها .. كانت ابتسامته الصادقة السر وراء هذا الحب الذي اختزلته بريدة عبر السنين لابنها البار (صالح العبدالله السلمان) .. وهنا وبعد أن أقدم أحر التعازي وأصدق المواساة لبريدة أرضاً ونخلاً وأهلاً في واحد من أبنائها النبلاء، ورث الكثير من القيم وعبّر عنها وعمل، ومات وهو يحلم بتقديم المزيد، بحب متدفِّق وصدق تنطق به ابتسامته .. وأثني بتعازي الصادقة لأبناء وبنات وإخوة وأُسرة الفقيد - تغمّده الله بواسع رحمته، وألهمنا وإيّاهم الصبر والسلوان.
وأود أن نقف جميعاً .. كمدينة احتضنت هذا الرجل، وكأُسرة كوّنها هذا الرجل، في محاولة لإرساء قيم النُّبل والعطاء، من خلال تخليد النماذج الفعّالة أمثال (أبو سليمان) - رحمه الله تعالى -.
بريدة كأمانة ومواطنين مطالبة بتخليد اسم الشيخ السلمان، من خلال إطلاق اسمه على أحد الشوارع المهمة في قلب بريدة، والتعليم في المنطقة مطالب بإطلاق اسمه على إحدى المدارس .. وجماهير نادي الرائد والتعاون مطالبة بنشاط سنوياً باسم الفقيد .. أمّا أُسرة السلمان وأبناء الفقيد بشكل خاص، فإنّ عليهم واجباً تجاه المرحوم يتمثّل في إقامة مركز ثقافي في بريدة يُعنَى بالإبداع ويتبنّى المبدعين ويكون حلقة وصل اجتماعية وثقافية، وهذا جزء من الرسالة التى نذر المرحوم نفسه لها، ولكي نحافظ على وميض شموعنا المنطفئة لتوقد العديد من شموس الأمل القادمة داخل عقولنا وفي كلِّ أمور حياتنا.
رحم الله ابن بريدة البار وأسكنه فسيح جناته.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved