Monday 24th April,200612261العددالأثنين 26 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

هل قتل الهوامير السوق هل قتل الهوامير السوق
ومشوا في جنازته؟!!
منيرة المشخص

الهوامير: مصطلح يطلق على كبار السوق أو تجارة (أي سوق) باعتبارهم أسماكاً كبيرة، قادرين على التهام الأسماك الصغيرة دون رحمة، وهم صغار المتعاملين في السوق.
و(الهوامير) الذين نقصدهم هنا هم هوامير سوق الأسهم المتحكمون في اتجاه السوق صعوداً ونزولاً ومقدار ذلك التحكم.
وهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وليست مشكلة يؤمن بها المتعاملون في أي سوق، ومهما حاول البعض أن يقول إن النظام قادر على ضبط تحكمهم في السوق، ذلك أن الهوامير لديهم من الوسائل والطرق التي يمتلكونها، خاصة إذا تكتلوا، ما يمكنهم من صناعة أو كسر أو عصر النظام إضافة لقدراتهم على التحايل والالتفاف عليه إذا أرادوا ذلك.
والسؤال هنا.. إن كان الأمر كذلك.. فلماذا لا تتذمر جميع الأسواق؟ وجواب ذلك: بأن الهوامير ينقسمون الى نوعين: الأول: استراتيجي ذو نظرة بعيدة يؤمن بقليل دائم خير من كثير منقطع. وهؤلاء هم صمام الأمان للأسواق فهم يصنعون القوانين لصالح السوق وليس لصالح الشركة، ويحققون مصالح الربحية بتحقيق مصالح السوق والمجتمع، ويرفضون كل دخيل او متلاعب يؤثر على سمعتهم او سمعة السوق، وأما النوع الثاني: ذو نظرة قصيرة لا تتعدى أرنبة أنوفهم يتسمون بالجشع، مقولتهم المشهورة: أنا ومن بعدي الطوفان. إذا صنعوا قانونا فهو لتحقيق مصالحهم المباشرة وليس لمصلحة السوق، يفضلون الكثير المنطقع ولو على حساب تدمير السوق والأضرار بالمجتمع حتى ولو تضرر من ذلك بطريقة غير مباشرة.
والخطر كل الخطر إذا ساد النوع الثاني في أي سوق، ففي هذه الحالة يحل الدمار الذي لا يبقي ولا يذر، إذ تسود الأنانية والنظرة القصيرة والمنافسة غير الشريفة ويمعن المتعاملون في اكتشاف طرق متفردة في الغش والاحتيال والنصب، فيمر السوق بمرحلة تجعل الحليم حيران لا يعرف ماذا يحدث؟ ولماذا؟ فلا يلبث أن يرى انهيارا مروعا للسوق نتيجة لاختلاط الأمور وتداخلها بطريقة لا يمكن لأكبر المتخصصين تفسيرها.
وما لحق بسوق الأسهم السعودية من أضرار تبعتها الآلام شديدة بصعوده الحاد ونزوله الجنوني غير المتوازن ما هو إلا صنيعة الهوامير الجشعة الغبية المتشبعة بالأنانية، هذه الهوامير أوجدت بما لديها من المكانات مالية وفنية عالية وبما وجدت من أسماك صغيرة كثيرة لا تعمل العقل في حركاتها بقدر ما تعمل العاطفة، فالتهمت كميات كبيرة وبطريقة بشعة أدت الى قتل متعمد للسوق بكامله، حتى أصبح خربا وكأنه مدينة حل بها زلزال شديد فدمرها وجعل أهلها يصطرخون ولا احد يستطيع الاجابة، فالشق اتسع على كل راقع مهما كانت قدراته وامكاناته، والمصيبة الأشد أن هؤلاء الهوامير الجشعون لم تكتف بقتل السوق بل تلاعبت على جراح المصابين وأنينهم ولا أكون مبالغة اذا قلت بل رقصوا رقصة المنتصرين المنتشين تخللهم رغبتهم الجامحة بتحميل تلك الجريمة أي طرف كان، فأخذوا يبحثون عن مصدر لكل ما يحدث فأشاروا بأصابع الاتهام لهيئة السوق المالية متهمة إياها بتدمير السوق وقتل ضحاياه، رغم علمهم العلم الأكيد أن الهيئة لا دخل لها بقوى العرض والطلب الحقيقية او المصطنعة، وان ليس لها من الأمر شيء غير قوة النظام الذي لا يصمد أمام طوفان حيلهم وألاعيبهم وتكتلاتهم مهما كان هذا النظام قوياً ومحكماً، بل ان المقزز في الأمر أنهم اتخذوا من تطبيق الهيئة للنظام حجة لتوجيه الاتهام لها.
قالوا لكل من فقد عقله، وقادته عواطفه ورغبته بالانتقام لماله، بأن دم السوق برقبة الهيئة وتحديدا في رقبة رئيسها جماز السحيمي، أما هم فليسوا إلا مثلهم مثل صغار المستثمرين ضحايا وأبرياء!!
يا إله العالمين يقتلون السوق ويمشون في جنازته، يولولون ويبكون مطالبين بطلبين متناقضين، احدهما اخماد صوت المتحدث الرسمي والآخر اظهار صوت الرئيس وعندما ظهر الأخير اكدوا صدق نظرياتهم بلي عنق الحقائق والتلاعب على عواطف الناس وقلة وعيهم في سوق الأوراق المالية. ونسوا أنهم من قتل السوق وتلذذوا أثناء القيام بذلك عندما أعادت الهيئة الـ 10% بعدها هللوا ضد قرار الـ 5% باعتباره القرار الذي قتلت به الهيئة السوق، وتناسوا ايضا أن الهيئة لم ترفع السوق بجنون بالتحايل على الأنظمة، وأن من فعل ذلك من استحدث أنظمة المجاميع السرية التي توجه السوق الى أعلى (بالنسب) من خلال اصطناع عروض وطلبات وهمية تعجز أكبر أجهزة المراقبة عن رصدها ضمن ملايين العمليات التي تنفذ يومياً.
لهم من الذكاء ما لو استخدم في تطوير السوق والمحافظة عليه لرأينا سوق الأسهم السعودي من آمن الأسواق العالمية، فلكي يوهموا الجهات الحكومية الرقابية بأنهم ضحايا كصغار المستثمرين وأنهم يعانون من خسائر فادحة تركوا محافظهم مليئة بالأسهم ومن كل الأنواع التي اشتروها بأسعار عالية، ونسوا او تناسوا أننا نعلم حجم الأموال التي اخرجوها الى حساباتهم داخل وخارج البلاد كلما حققوا أرباحا خيالية على حساب صغار المستثمرين في كل مرحلة من مراحل نمو السوق المصطنع.
نعم، إنهم يريدون ان يوهمونا بأن الأسهم التي في محافظهم ليست ستوكات لا يمكن اخراجها بعدما حققوا ارباحا خيالية تكفيهم وابناءهم بل وأحفادهم الى يوم الدين.
ولكن لا نقول إلا( حسبنا الله ونعم الوكيل)، فهو القادر على ان يقتص من كل مجرم جشع أمثال هؤلاء، قد تلاعب على العباد ونسي أن رب العباد بالمرصاد له.
والذي أود قوله ختاما بأن السوق السعودي لم يمت بإذن الله بل رجع الى الوضع الطبيعي الى المكررات الطبيعية وسوف يتعافى إن شاء الله وينمو نموا طبيعيا لا سرطانيا بالتعاون المثمر بين هيئة السوق المالية وكبار المضاربين الاستراتيجيين أصحاب النظرة البعيدة، إضافة الى وسائل الإعلام الناضجة التي ترتقي بالطرح الإعلامي بما يؤسس بيئة استثمارية واعية بماهية وأهمية الأوراق المالية، ومتعاملين أكثر وعياً يعملون بعقولهم ويفرقون بين الحلم والحقيقة والغث والسمين، كل ذلك تحت قيادة حكيمة تسعى لإسعاد المواطن بتوفير متطلبات العيش الكريم.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved