Thursday 20th April,200612257العددالخميس 22 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"عزيزتـي الجزيرة"

ما ذنبك يا (غصون)؟! ما ذنبك يا (غصون)؟!

لا زال إرهاب العنف ضد الأطفال يفتك بأرواحهم وأجسادهم الغضة البريئة بداية بالطفلة المسكينة رهف التي لا تلبث تتجرع مرارة هذا العنف وهي في هذه المرحلة الغضة، وصولاً إلى الطفلة (غصون) التي ودعت بسبب هذا العنف دنيانا الفانية قبل أيام قليلة وقد نشرت جريدة الجزيرة جزءاً من تفاصيل قصتها في أحد الأعداد الماضية.
إن قصة الطفلة غصون ما لبثت مرارتها غصة في حلق كل من تابعها، خصوصاً من رأى صورتها وكيف تحولت في اللحظات الأخيرة من عمرها إلى وضعية تقشعر لها النفوس السوية، فقد كانت غصون في مراحلها الأولى من العمر وردة ندية - حسب ما تشير له صورها في بداية عمرها - وفي الأخير وعندما بلغت مرحلة الاحتضار أصبحت شبحاً ممهور تقاطيع جسدها الغض بندبات الضرب المبرح وملامحها مكسوة بآثار التعذيب النفسي القاسي.
لا تملك وأنت تقارن بين صورة غصون وهي تتدرج في طور مراحل عمرها القصير حتى وصلت إلى المراحل الأخيرة التي قضت فيها إلا أن تذرف العبرات لما آلت إليه المسكينة عندها لا يساورك أدنى شك بأن ما تعرضت إليه الطفلة من عنف كان سينوء بحمله الكبار فما بالنا بطفلة غضة!!.. يا لله كم أصابنا الأسى بسبب ذلك.. أيام ليست بالقليلة كنت أنظر للصحف التي نشرت مأساة الطفلة وأشعر بلوعة مرة استرخصت بها هذه الحياة التي يقضي بها على طفلة عاشت في هذه الدنيا عمر الفراشات ولكنها كانت مقصوصة الجناحين فلم تبتهج أو تعيش حلاوة الطفولة كغيرها من أترابها بل كانت مهمتها في هذا العمر القصير أن تكون استهدافاً لسياط العنف البذيء وتكون ضريبة لخلاف الوالدين وتدفع ذلك من ألمها الجسدي الطري وتكون أداة لتنفيس شحنات الغضب من الآخر تجاه الآخر.
غصون ليس لها البتة نصيب من اسمها الجميل.. غصون مجموعة أغصان لشجرة زرعت وسط صحراء قاحلة أجدبت حولها الأرض وانقطع عنها الماء فيبست أغصانها وهبت عليها رياح كلها سموم فاقتلعتها وكسرت أغصانها ورمت بها في مكان سحيق.
غصون عاشت تفاصيل المأساة من أقرب الناس إليها والأولى بالحنان عليها من غيره أنه والدها، وهل ثمة أسمى من هذه الصفة التي هي منبع الحنان والأمان.
غصون كانت تنام في مدخل المنزل تحرم من الغذاء وتمنع من المدرسة تتعرض للاحتقار والعذاب النفسي. غصون قصة طويلة ومأساة عريضة لن تطويها الأيام ولا الشهور أو السنون بسهولة.. غصون ستظل في قلوبنا نجتر عليها الأسى ونذرف العبرات من أجلها كلما رأينا أترابها أمامنا نتلمس ملامحها بينهم وهي تقفز وتلهو.. ولكن أنى لنا ذلك وهي لم تتعلم حتى أبجديات القفز.

محمد بن سند الفهيدي - بريدة

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved