المؤشر يا هيئة السوق!!
لا يزال سوق الأسهم السعودي يعاني من فقدان الذاكرة حتى صار يتراقص يومياً بشكل عجيب تبعاً لحركة المؤشر العام؛ مما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول آلية إدارة السوق. ولا يزال سوق الأسهم يحتاج إلى الكثير من التدابير الإجرائية التي تؤمِّن على الأقل القدر الكافي من الاستقرار النفسي الذي لا يزال مطلب الجميع. فإذا كنا قد استبشرنا خيراً بعودة اللون الأخضر التي نأمل أن تسهم في إزالة المخاوف لدى الكثير من المتعاملين فإننا بلا شك نتطلع إلى أن تستمع هيئة سوق المال الموقرة لنداءات المحللين والمختصين وتسارع إلى تلافي المسببات الرئيسة التي تقف خلف الخلل الكبير الذي يعاني منه سوق الأسهم.
ولعل من أهم المطالب تلك التي تنادي بعدم صحة الاعتماد على المؤشر العام لكونه في الواقع لا يمثل حقيقة الأسهم المتداولة في السوق، ولكونه قد أصبح أداة ضغط نفسية تخدم أغراض المضاربين وكبار المستثمرين والمحافظ البنكية وتسهم في التغرير بصغار المتعاملين الذين ذهبوا ضحية لهوامير السوق. فإذا كانت نسبة كبيرة من أسهم الشركات التي تمتلك الدولة فيها حصة لا تقل عن 70%؛ مثل شركة سابك والاتصالات السعودية والكهرباء، لا يتم تداولها في السوق، ومع ذلك تحتسب في المؤشر العام، وإذا كانت حصة الشريك الأجنبي في بعض البنوك مغيبة عن التعاملات اليومية فإن من غير المنطقي قبول فرضية تعبير المؤشر عن حالة السوق، ومن غير المقبول الاعتماد عليه في عملية تفسير حركة السوق اليومية. بعبارة أخرى الاستمرار في الاعتماد على المؤشر الحالي ربما يعتبر من قبيل التغرير بالمتعاملين الذين يستجيبون لاحمراره واخضراره دون إدراك لحقيقة هذا المؤشر غير المنصفة. ولقد شاهدنا يوم الخميس المشهود حركة غريبة للمؤشر العام الذي ظلَّ منخفضاً لأكثر من 700 نقطة طوال فترة التداول، ثم يقفز في آخر دقيقتين ليغلق على ارتفاع بلغ 33 نقطة متأثراً بارتفاع ثلاث شركات فقط، هي: سابك والاتصالات والراجحي، بينما أغلقت معظم شركات السوق على النسب الدنيا.. فهل يمكن بعد هذا المشهد المضحك أن نقبل بفرضية عكس المؤشر العام لواقع السوق؟! وهل يمكن بعد هذا الترقيص المقصود أو غير المقصود أن تظل الهيئة بعيدة عن معالجة هذا الواقع غير المبرر؟! فإذا كانت هيئة سوق المال قد بادرت بالتدخل لحماية المتعاملين عندما ارتفع سعر سهم شركة بيشة بشكل غير مبرر بحجة حماية صغار المتعاملين من التغرير المقصود فإننا أيضاً نطرح على طاولة البحث المسببات التي أبقت على هذا المؤشر على الرغم من كونه قد أصبح من أهم أدوات الضغط على السوق وإرهاب المتعاملين وبخاصة الصغار منهم.
في ظني أن عدم تحرك الهيئة العاجل لتغييب هذا المؤشر والاعتماد ولو مؤقتاً على المؤشرات القطاعية سيصيبنا بكارثة وطنية ربما تتسم بتزايد الفقراء المرضى النفسيين، وسيصيب اقتصادنا الوطني فترة كساد عظيمة نتيجة لفقدان المواطنين لمدخراتهم وممتلكاتهم. وبالتالي فإن من أهم الإجراءات الاحترازية التي يلزم اتخاذها في هذا الوقت تحديداً إعادة النظر في مؤشر السوق لكونه ببساطة شديدة لا يعبر إطلاقاً عن السوق ولا يخدم سوى من يستطيع الضغط على سابك وأخواتها.
|