وجهٌ كوجهِ الشمسِ في كبد السَّماءِ
كبشائر الفجر المُشعَّةِ بالضياءِ
وجهُ ابتهالٍ للبراءَةِ فيه سحرٌ
يُدْني اشتياقَ الأرضِ من شَغَفِ الفضاءِ
عينان يسبح فيهما طُهْرٌ جميلٌ
غنَّتْ به أجفانُها أحلى غناءِ
نَبْعانِ لو جَرَيا لأبصرنا زهوراً
تَلْتَفُّ ضاحكةً على نهر النَّقاَءِ
خرجَتْ من البيتِ المعطَّرِ باشتياقٍ
لجمال ضِحْكَتِها البريئةِ والبكاءِ
خرجت (ثلاثٌ من سنيِّ العمر) تمشي
وقد ارتدَتْ من طُهْرها أنقى رداءِ
تمشي كما تمشي السعادة في نفوسٍٍ
مسكونةٍ بالحب ضاحكةِ الصَّفاءِ
تمشي على قدمين من حُلُمٍ وحُبّ
لقيَتْهما طرق المدينةِ باحتفاءِ
لكأنني بالرَّمْلِ هَشَّ إلى خُطاها
شَغَفاً بها وغدا لها أغلى وِطاءِ
ماذا تخافُ طفولةٌ نَشْوَى، عليها
ثوب البراءةِ طرَّزتْه يَدُ الوفاءِ؟
مشت الطفولة في ظِلال الأمن جَذْلَى
نقشت خُطاها في الطريق بلا عَناءِ
مشت ابتهالٌ كالنَّدَى في الرَّوضِ يُهدي
أزهارَه سرَّ التألُّق والرُّواءِ
أين الطفولةُ، كيف غابت، مَنْ رَمَاها
بالغدر، مَنْ أَدْمَى قلوبَ الأبرياءِ؟!
أين الطفولةُ، يا تُرَى مِنْ أَيِّ صخرٍ
في أرضنا قُدَّتْ قلوبُ الأشقياءِ؟!
أو هكذا، والشمس تَرْفُل في ضُحاها
يُطْوَى جَلالُ الحُبِّ في ثوبِ الخفاءِ؟!
أَوَ هكذا تغدو الطفولةُ، وهي نَبْعٌ
للحبِّ في الدنيا، مجالاً للعِداءِ؟!
حَسْبُ الطفولةِ، أنَّها رَمْزٌ جميلٌ
لجمال دنيانا المليئةِ بالشقاءِ
حَسْبُ الطفولةِ أنَّها نفحاتُ عطرٍ
تسري إلى كلِّ القلوب مع الهواءِ
حسب الطفولةِ أنها نَبْعٌ نقيٌّ
ينساب نَهْرُ الحبِّ منه بلا غُثاءِ
حَسْبُ الطفولة أنها قَمَرٌ جميلٌ
نَجْمٌ تَلأْلأَ في قلوب الأوفياءِ
يارَبِّ، لُطْفَكَ بالطفولةِ من قلوبٍ
جُبِلَتْ على سوء الطويَّةِ والجفاءِ
أعدِ الطفولةَ والبراءَة، كي نراها
نَشْوَى تغرِّد بالسعادةِ والهناءِ
هي في جواركَ حيثما كانت، فَهَبْها
أمناً تعيش به إلى يوم اللقاءِ
أين ابتهالٌ؟ يا سؤالاً فيه شوقٌ
لبشارةٍ بدنوِّها بعد التَّنائي
يا أمَّها صبراً، وصبراً يا أباها
فالصبر عند اللهِ محمودُ الجَزاءِ