سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد: فقد أحزنني الخبر المنشور بجريدة (الجزيرة) على الصفحة الأولى بالعدد رقم (12234) في تاريخ 28-2- 1427هـ بعنوان (مدارسنا بحاجة إلى مرشدين نفسيين، وزير التربية: تخفيض نصاب المعلمين والمعلمات يؤدي إلى البطالة) وخلاصة الخبر أن الوزارة بحاجة إلى مرشدين نفسيين، وسوف تعمل على تلبية هذا الاحتياج، وأن تخفيض نصاب المعلمين والمعلمات يدخلهم إلى عالم البطالة، وأن الوزارة تدرس تقديم موعد اختبارات الدور الثاني للصف الثالث ثانوي. ولأنني مدرس متقاعد أعرف تمام المعرفة ما يعانيه المعلم والمعلمة في مجال التربية والتعليم، ولأن الله يحاسبنا على كتمان العلم بالشيء، فلهذا أرجو من جريدة (الجزيرة) أن تنشر معرفتي في مجال التربية والتعليم لإظهار الحقيقة التي قد تغيب عن بعض المسؤولين.
ولقد كنت جندياً ثم كاتباً في القطاع العسكري مدة ثلاثين عاماً، ثم بعدها دخلت في مجال التربية والتعليم مدة تزيد على تسع سنوات حتى طلبت الإحالة على التقاعد عام 1423هـ.
كان عملي السابق جميلا ولم أشعر خلاله بأي تعب لا عملي ولا نفسي، ولكني حينما كنت معلماً تغيرت الحال بالكامل؛ فكنت أشعر بثقل المسؤولية والتعب العملي والنفسي لما أعانيه من سوء السلوك من بعض الطلاب في المرحلة التي كنت أدرس فيها وهي المرحلة المتوسطة، وبقيت قائماً بواجبي حتى حصلت على التقاعد المبكر، فلما تقاعدت أحسست بالراحة النفسية والعملية، وانطلاقاً من مبدأ الحرية في الرأي وصولاً إلى المصلحة العامة التي يعمل الجميع على تحقيقها، فإنني أستغرب الخبر الذي نشرته الجريدة إلا ما يتعلق بتقديم موعد اختبارات الدور الثاني لجميع الطلاب والطالبات؛ لأنني أتفق مع الرأي الذي يرى تقديمه وجعله بعد اختبارات الدور الأول بأسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وأرى هذا التقديم يتفق مع مصلحة الطلاب والطالبات في جميع مراحل التعليم العام.
أما فيما يتعلق بموضوع المرشدين النفسيين فإنني أضع هذا السؤال: هل صارت مدارسنا بحاجة إلى عيادات نفسية للطلاب والطالبات حتى للمعلمين والمعلمات؟! بل هل وصلنا إلى عدم الثقة بأنفسنا إلى درجة اختراع عيادة نفسية في كل مدرسة من مدارسنا في التعليم العام؟!.
لا، لسنا بحاجة إلى ذلك كله، والأمر بسيط جداً لا يحتاج إلى مرشد نفسي، فإذا حدثت مشكلة طالب أو طالبة تحل هذه المشكلة عن طريق التعاون المفيد بين المدرسة وولي أمر الطالب أو الطالبة.
ولم أتوقع من وزارة التربية والتعليم أن ترى تخفيض نصاب المعلمين والمعلمات يؤدي إلى عالم البطالة، بل كيف يسمى تخفيض نصاب المعلمين والمعلمات بطالة؟! أما مفهومي للبطالة فهو عدم وجود عمل للشخص.
بل كنت أتوقع من وزارة التربية والتعليم أن تقف مع المعلمين والمعلمات وتسعى إلى راحتهم جميعاً؛ لأن المعلمين والمعلمات كرام، والكريم تملكه بالإكرام.
بل كنت أتوقع من وزارة التربية والتعليم أن تسعى إلى تعيين المعلمين والمعلمات على المستوى الذي يستحقه كل واحد منهم، متجاوزة تمريرهم بالمستويات الأدنى من استحقاقاتهم، وعلى وزارة التربية والتعليم التمسك بالنظام الذي يعطي كل خريج وخريجة من الجامعة المستوى الرابع أو الخامس، ولا يوجد بالنظام المرور بالمستوى الأول أو الثاني أو الثالث إلا لمن يستحق هذا المستوى من المعلمين والمعلمات فيما سبق في السنوات الماضية.
كنت أتوقع من الوزارة أن تسعى إلى تحقيق التعيين المباشر لجميع المعلمين والمعلمات دون المرور في روتين وزارة الخدمة المدنية، وكنت أتوقع من الوزارة أن تسعى إلى تحقيق التقاعد المبكر لجميع معلمات التعليم العام لمن ترغب الإحالة إلى التقاعد المبكر بعد خدمة خمسة عشر عاماً في مجال التربية والتعليم.
إن المعلمين والمعلمات مسؤولون عن أسر بعضهم يدرس في مدارس التعليم العام وبعضهم يدرس في الجامعات، بالإضافة إلى أعمالهم التعليمية والتربوية في المدارس، ولا يوجد لديهم فراغ حتى تخشى عليهم الوزارة من عالم البطالة!. إن الوزارة الموقرة تعرف أن لدى معلميها ومعلماتها واجبات طلابهم يقومون بتصحيحها، ولديهم اختبارات دورية ونهائية يقومون بإعدادها ومن ثم تصحيحها، ولديهم مستلزمات أسرهم يقومون بتأمينها.. فمن أين يأتيهم الفراغ الذي تخشى عليهم الوزارة من ضررة؟!.
إن الذي يصف لك حال المعلم وهو يعرف همومه العلمية والتربوية يختلف عن الذي يصف لك المعلم وهو على كرسي المبنى الإداري!.
كيف يكون موقفي إذا كنت مسؤولاً عن بشر ولم أطالب بحقوقهم ولم أسعَ إلى راحتهم؟!.
إنني أستغرب من الإنسان الذي ينكر فضل الله ثم فضل المعلم أو المعلمة عليه.. إن المجتمع الذي لا يقدر دور المعلم يعتبر مجتمعاً ناكراً للجميل.
وخلاصة القول: رفقاً بالمعلمين والمعلمات؛ فهم بشر يحتاجون قسطاً من الراحة والتقدير المعنوي والمادي.. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
سالم بن عبدالله الخمعلي |