* الرياض - عبدالعزيز المعطش:
في عصر سطوة الآلة الإعلامية ونفوذها وسلطتها التي لا تخفى على أحد، صار على كل صاحب بضاعة أو منهج أو منتج يريد تسويقه من خلال الوصول إلى الجمهور أن ينفذ عبر شاشات الفضاء، وقد أنشئت قنوات متخصصة لتحقيق أهدافها، وإيصال رسالتها أياً كان نوعها، وقد رأينا كيف أن الفضائيات المتخصصة استطاعت الوصول إلى جمهورها المستهدف بكل بساطة، بل صار الكثير ينشؤون قنوات خاصة للتواصل مع الجمهور عبر هذه المنابر الخاصة لتأطير اللقاء وتنكيه التواصل.في هذه الظروف، وبهذا المفهوم الإعلامي والعصري، لم يكن دعاة الصحوة المواكبين والمتابعين، بمعزل عن هذه النقلة التقنية، فهم يعيشون كل تطوراتها، ويعايشون تفاعل المجتمعات معها، وكانوا أكثر حرصاً على توظيفها في الجانب الإيجابي، حتى لا يكون استغلال الناس لها فقط في جوانب الهدم، فرأى الكثيرون منهم ضرورة، أن تكون وسائل الإعلام الحديثة من أبرز منابر الدعوة، والاستفادة من قدرتها العالية في الوصول إلى أكبر نطاق في أسرع وقت لتبصير الناس بأمور دينهم، وتبليغ الدعوة إلى الله على نهج الوسطية، وعلى طريقة أهل السنة والجماعة، بعيداً عن التشويش والمغالاة والبدع.
ومن هذا المنطلق رأينا بعض المشايخ الذين أنشؤوا عدداً من الفضائيات (بُغية) الوصول إلى أوسع قطاع من المشاهدين، وإيصال رسالة الحق بأسلوب عصري يراعي كافة المتغيرات ويستوعب التطورات ويحقق صلاحية الدين الإسلامي لكل زمان ومكان، فها هو الشيخ الدكتور عايض القرني ينشئ قناة (القرار) وهي قناة دينية تسعى للوصول إلى المشاهدين من كل الشرائح والفئات، كما أن الشيخ الدكتور محمد العريفي هو المسؤول عن قناة زواج.
وفي الأفق مشروع قناة فضائية إسلامية جديدة يحمل لواءها الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، وهو كما يعرف الجميع له باع طويل في هذا المجال وقد خبر مداخل الدعوة من خلاله، أما الشيخ المقرئ مشاري العفاسي فهو أيضاً حرص على تولي قناة فضائية تهتم بشؤون القرآن الكريم وعلومه.هذه النقلة في أسلوب الدعوة، وهذا الاتجاه والمنعطف في مسيرة علماء نهج الصحوة تأتي مواكبة لمتطلبات العصر، ومسايرة إيقاع الحياة بحيث يكون الدين وتكون الدعوة صالحة ومتفاعلة في كل الظروف والمواقف، لأن البث الفضائي أصبح حقيقة واقعة، وأصبح الإنسان لصيقاً به، لذلك أراد العلماء أن يقتربوا من هذا الواقع بدلاً عن انتزاع الناس منه ودعوتهم للدين عبر المنابر التقليدية التي تظل لها أهميتها وضرورتها دون أن يتم التفريط في شريحة واسعة يمكن استهدافها من خلال البث الفضائي، فالمشاهد إذا بحث عن هؤلاء المشايخ سيجدهم في قنواتهم الفضائية المعروفة، خصوصاً أنهم يقودون برامج قوية وهادفة لديها القدرة على الجذب وتحقيق الفائدة لكل من يبحث عن الحقيقة والنصيحة ودين الحق، سواء في البرامج الفقهية، أو الاجتماعية، أو الفتاوى، وغيرها من البرامج المفيدة لكل مسلم.هذه مجرد نماذج لهذا التوجه الجديد في الدعوة، ولا شك أن الأيام حبلى بالكثير من التجارب المماثلة، والفضائيات الإسلامية الواعدة التي تصب كلها في رصيد الدعوة وإيصال رسالة الإسلام عبر أحدث وسائل الإعلام والاتصال العصرية.
|