ماذا أقولُ؟ وهل يليقُ ثنائي؟
بمقامك المحمود في العلياءِ
يا أيها المبعوث فينا هادياً
قد حِرتُ بين مهابتي ورجائي
تصبو إليك مشاعري مشبوبةً
لكن يهابُ القول فيك حيائي
عُذراً أبا الزهراء تلك وسيلتي
إن القريضَ وسيلة الشعراء
أفديك في غار التبتل عابداً
أخذت بعقلك روعة الآلاء
ترنو بعيني خاشعٍ متأملٍ
وتُقلِّب الأنظار في الأجواء
حتى أتتك من السماء بشارةٌ
بالحقِّ تجلو حيرة الإصغاء
هذا أمين الوحي أقبل بالهُدى
يُقريك من آياته الغرَّاء
آيات صدقٍ ما أُحيْلى رجعها
معذوبةً قُدسية الأصداء
تُليت عليك فروَّعتك مهابةٌ
خشعت لها أعطاف غار حراء
ورجعت خفَّاق الجوانح واجفاً
تخشى مساسَ الجنِّ بالبيداء
فلقيتَ زوجاً صادقاً ومُصدِّقاً
تحنو عليك برقةٍ ووفاء
وتقول أبشر يابن عمي لا تخف
إنِّ الذي يأتيك وحي سماء
حاشا رسول الله تنطق عن هوىً
أو تستميلك نزعة الأهواء
مَنْ واصل الأرحام حين تقطعتْ
أوصالها والنَّاس كالغرباء!
مَنْ كافل الأيتام حين تمنَّعت
عنهم يد الأشراف والكبراء!
من ذا الذي تُعطي يداه سخيةً
ويُعين في البأساء والضرَّاء!
صدَقَت خديجة يوم أن لك صدَّقت
بيقينها يا سيد العقلاء
أوَ لستَ من وهبتك زيداً عبدها
فوهبتَه حريَّة الأبناء
وجعلتَه من بعد ذلك قائداً(1)
حتى قضى بطلاً مع الشهداء
أوَ لم تكن رمز المروءة والنَّدى
إذ كان عمُّك مُثقل الأعباء
هذا عليٌّ شاهدٌ ومؤِّيدٌ
ربَّيته في ظلِّك الوضَّاء
فأضاء من نور اليقين طريقه
حتى غدا عَلَماً من الخُلفاء
يا من له في كل موطن رحمةٍ
شرفٌ ينوء بذكره إحصائي
أنا لستُ أنسى ذلك الفتح الذي
فُتحت عليه مشارق الغبراء
لما عفوتَ فكنتَ أكرم قادرٍ
ورفعتَ بالإحسان خيرَ لواء
قالوا: كريمٌ من سلالة هاشمٍ
قلتَ: اذهبوا أنتم من الطُلقاء
أنا لستُ أنسى في (هوازن) موقفاً
من دونه قصُرت يدُ العظماء
إذ يذكرون لك الرضاع تقرُّباً
كيما ينالوا منك حقنَ دماء
فذكرتَ مَنْ كفلوك طفلاً يافعاً
وبسطتَ للشيماء.. أيَّ رداء
أثنى عليك الله في قرآنه
ماذا أقول؟ وهل يليق ثنائي؟
يا سيِّد الثَّقَليْن ذكرُك خالدٌ
في كل قلبٍ نابضٍ بولاء
صلى عليك الله ما برق السنا
وتنفَّس الإصباحُ في الظلماء