Saturday 1st April,200612238العددالسبت 3 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

مسؤولية الكلمة مسؤولية الكلمة
د. إبراهيم بن ناصر الحمود/وكيل المعهد العالي للقضاء

كل إنسان مسؤول عما يقول ويفعل {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} جاء معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل نحن مؤاخذون بما نقول. فقال عليه الصلاة والسلام: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم). وعجباً لمن يطلق لسانه في أعراض المسلمين دون وازع من دين أو ضمير. ومن المجالس في العصر الحاضر مجالس لا تعمر إلا بالغيبة والنميمة ثم يتفرق أهلها وكأن شيئاً لم يكن، حتى أصبحت هذه المجالس وأمثالها خطراً يهدد المجتمع لما تفرزه من عداوة وبغضاء وزور وبهتان فضلاً عما يلحق صاحبها من الجزاء في الآخرة كما قال عليه الصلاة والسلام: (وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً) فالكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. والكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة تبث سمومها وتفسد من حولها.
ومن المؤسف أنك تسمع التنابز بالألقاب بين أبناء المسلمين حتى أصبح من العادات المألوفة. ومن الناس من يسخر ويستهزئ بغيره وقد نهاه الله عن ذلك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.وقد كثر في العصر الحاضر تلقي الشائعات دون تثبت أو تروٍ وهذا يؤثر على تماسك المجتمع ولمِّ شتاته حين يدب النزاع وتحصل الفرقة بسبب كلمة خرجت دون أن توزن بميزان العقل والحكمة، فكم كلمة قالت لصاحبها دعني. وكان أبو بكر رضي الله عنه يمسك بطرف لسانه ويقول: (هذا الذي أوردني الموارد) وما أحسن قول القائل:


لسانك لا تذكر به عورة أمرئ
فكلك عورات وللناس ألسن

أخي القارئ الكريم تذكر قول الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت). فكم أوقدت الكلمة الخبيثة من فتنة، وكم أهلكت من أمة، لاسيما إذا كان مستثمروها من الفساق الذين يروجون للباطل تحت ستار (حرية الكلمة). حين يجد أهل الباطل مسلكاً لبث أقاويل كاذبة ويحرفون الكلم عن مواضعه من أجل التمويه والتضليل والترويج لأفكارهم فيلبسوا الحق بالباطل ويكتموا الحق وهم يعلمون.
إن من يتولى كبر الشائعات وترويج الأكاذيب وقلب الحقائق لا يعرف قدر مسؤولية الكلمة، وإنما يعمل على إثارة الفتن بين الناس.
إن حرية الكلمة لا تعني الخوض في الباطل، وإنما الكلام المطابق للواقع. كما أنها وقبل ذلك كله لا تعني القول على الله ولا على رسوله بغير علم فالله تعالى يقول: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
فالكلام هو فعل اللسان واللسان هو أداة البيان، والبيان إما حق وإما باطل فإن كان حقاً فهو نعمة وإن كان باطلاً فهو نقمة، فالإنسان مسؤول أمام الله عما يجره بقلمه أو ينطق به لسانه فضلاً عما يفعله بيده. فما أكثر من يخوض في الكلام، ويدعي الخير للناس وهو أبعد الناس عنه، والله يعلم المفسد من المصلح.
فاكس: 2495486

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved