* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد الصادق - محمد حسين
النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الإسرائيلية التي جرت مؤخراً لم تحمل جديدا للشارع العربي، فحزب (كاديما) الذي أسسه رئيس وزراء إسرائيل المريض أرييل شارون ويرأسه خليفته إيهود أولمرت رئيس الوزراء بالوكالة قد فاز كما هو متوقع، وإن كان بتقدم ضئيل عن حزب العمل الذي يترأسه عمير بيرتس، ولكن الجديد كما أكد المراقبون والمحللون السياسيون هو اختفاء الزعامات التاريخية مثل نتنياهو وبيريز وشارون. وأشار الخبراء إلى أن الحكومة الجديدة التي سيشكلها (كاديما) ستحمل نفس الأفكار التي كان يحكم بها شارون خصوصاً فيما يتعلق بالانسحابات الفردية وعملية التسوية.
ولكن السؤال الأهم في الشارع العربي الآن كيف سيكون شكل الصراع العربي الإسرائيلي في ظل وجود حكومتين من التيار اليميني في فلسطين وإسرائيل؟
يؤكد الدكتور رشاد الشامي أستاذ اللغة العبرية بجامعة عين شمس انه بفوز كاديما سيواصل أولمرت الدور الشاروني ويعمل على إنجاز مشروعه، لأن قادة كاديما يتقدمهم إيهود اولمرت عازمون على مواصلة مشروع شارون السياسي، فسياسة كاديما ترتكز على اتخاذ الإجراءات بشكل احادي مثلما حدث مع شارون الذي انسحب من غزة بشكل أحادي الجانب ومن دون توقيع اتفاق بذلك مع السلطة الفلسطينية، فيعتزم الحزب القيام بانسحاب احادي الجانب من أمكنة في الضفة مع تجميع المستوطنات الرئيسة والاحتفاظ بالشريط الحدودي على نهر الأردن وعدم تقسيم القدس ويستند مفهوم الفصل الأحادي الجانب على مفهوم السور الذي تمت إقامته في الضفة ما سيضمن تقسيم الضفة وابتلاع الجزء الأكبر وضمه للقدس الكبرى. وأظهر أولمرت تشدده باقتحام سجن أريحا والقبض على زعيم الحركة الشعبية أحمد سعدات ورفاقه في إشارة إلى تحدي حركة حماس الفائزة بالانتخابات وللتدليل على أنه لا ينوي التساهل ولا حتى التفاوض مع حركة حماس وإيقاف التعامل مع السلطة الفلسطينية بعد أن جرى إضعافها وعزلها.
وحول العملية السلمية يضيف الشامي أنها ستدخل على الأرجح إطار التجميد والشلل خصوصاً أن الساحة الفلسطينية تعيش تحولات فوز حماس وتشكيلها الحكومة وضعف السلطة الفلسطينية وتراجع دور منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الدولة محمود عباس.. ففي ضوء هذه الأجواء لا يبدو أن هناك أي فرصة للتقدم في عملية تسوية سياسية بل على العكس فإن الأجواء مهيأة لتوتر وانفجار آخر قادم في إيران، إذ دخلت الحل السياسي نفقا مظلما علاوة على استمرار التورط الأمريكي في العراق واقترابه من خطر الحرب الأهلية إضافة إلى إمكانية انفجار الوضع في لبنان في ضوء تطورات الحوار الداخلي المتأزم، وإمكانية أخرى لانفجار الأوضاع في دارفور بالإصرار على إرسال قوات دولية هناك وبالطبع فان هذه الملفات العربية المتعثرة وكلما نجح العرب في نزع أزمة انفجرت أزمات أخرى.. ومن جهته يرى الدكتور إبراهيم البحراوي المحلل السياسي ان أولمرت امامه عدة خيارات إما انه سيلجأ إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب العمل وجبهة الثورة المتحدة وميريتس وسيمكن هذا الائتلاف من المضي قدما في خطته بإخلاء المستوطنات المعزولة عن الضفة الغربية. وأضاف البحراوي أن الاحتمال الثاني أن يلجأ أولمرت إلى تشكيل ائتلاف مع بيتا وشاس والاتحاد الوطني اليميني إلا أنه سيجد صعوبة في تنفيذ خطته الأحادية للانسحاب أما الاحتمال الثالث الذي يصعب حدوثه فهو لجوء أولمرت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم العمل والليكود إلا أن أولمرت سيجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى أرضية مشتركة بين الليكود والعمل في عدد من القضايا السياسية والاقتصادية كما يصعب تخيل أن ينضم نتنياهو إلى حكومة بقيادة أولمرت. وحول مسار العلاقة مع حماس في الفترة القادمة يقول البحراوي: إن إسرائيل تنظر بغضب الى فوز حماس وستقوم إسرائيل حسبما قال أولمرت نفسه بإزالة جميع المستوطنات الواقعة على الجدار الفاصل الذي بنته في الضفة الغربية، ويعد أولمرت فوز حزبه اقتراعاً على الثقة في التجميع وهو المصطلح الذي يطلعه على الخطوات أحادية الجانب لوضع الحدود النهائية لإسرائيل بحلول عام 2010 من خلال إزالة مستوطنات نائية بالضفة الغربية ودعم الجيوب الاستيطانية الاكبر، مشيرا إلى ان هذه الخطوات ستكون ملاذاً أخيراً إذا استمر عدم تحقيق تقدم فيما يتعلق بخطة خارطة الطريق التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية. ويعد الفلسطينيون هذه الخطوات محاولة لحرمانهم من إقامة دولة قادرة على البقاء وضم أراضٍ احتلتها إسرائيل عام (67). من جهة أخرى كانت الانتخابات مقررة في نوفمبر المقبل لكن تم تقديم موعدها عندما قرر شارون إثر إصابته بجلطة دماغية الانسحاب من حزب الليكود ليؤسس حزب كاديما وهذا التعجيل يؤكد الإصرار على انجاز مشروع شارون. وأوضح الدكتور حسن نافعة رئيس قسم العلوم السياسية جامعة القاهرة أن الواقع الذي أفرزته الانتخابات الذي حرم معسكري اليمين واليسار من تشكيل كتلة مانعة سيجعل تشكيل الحكومة مهمة غاية في الصعوبة، وعرضة لابتزاز الأحزاب الصغيرة ما سيجعل الحياة السياسية الإسرائيلية غير مستقرة.
|