بعض الأزواج ربما ينطبق عليه المثل الشعبي المعروف: (وجه بن فهرة). وهذه العبارة تُقال لذلك الشخص الذي لا يقدر المواقف ولا يحسب للنتائج أي حساب.
إن الدبلوماسية في الحياة الزوجية لها دورها في نجاحها وإدخال السعادة عليها، وإن انعدامها يؤدي إلى حصول انهيار أو شبه انهيار في الحياة الزوجية.
ولعل من المناسب أن أذكر بعض الحالات التي انعدمت فيها الدبلوماسية والتي وقعت في المجتمع ونقلت لي من أصحابها أو ممن شاهدها:
رجل وزن زوجته ما يقارب 128 كيلو جراماً وتسأله زوجته قائلة: هل أنا رشيقة يا زوجي؟ فيقول لها: (ما خليت الرشاقة إلا لك يا حبيبتي)، فتقول مستحسنة ما قال: (أشوى أننا توافقنا في الآراء). مع العلم أن زوجها يعلم علماً يقينياً أن زوجته لو تخاصمت مع أربع من النساء لهزمتهن بالضربة القاضية من بدانتها.
ورجل آخر لديه زوجة رشيقة مثل السابقة، وزنها ما يقارب 133 كيلو جراماً، وكان دائماً يتحدث ببعض الكلمات الجارحة لزوجته بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكان من ضمن كلامه لزوجته أن يقول لها: (لو اشتركتِ في بطولة العالم للجمباز كان أخذتِ المركز الأول)، وكان هذا الكلام الذي يقوله سراً بينه وبين زوجته وعلانية أمام بعض الناس من الأقارب. إن كلاماً جارحاً من هذا الزوج يوتر العلاقة الزوجية كثيراً.
ورجل آخر تسأله زوجته وتقول له: هل تحبني يا زوجي العزيز؟ فيقول لها: اعطيني فرصة أفكِّر عدة أيام ثم أرد عليك. (وهل هذا الأمر يحتاج إلى تفكير؟!)!! ما ضره لو قال: أحبك يا زوجتي.
ورجل آخر يرى زوجته قد لبست فستاناً جديداً، فيتأمل فيها وفي الفستان برهة من الزمن ثم يقول: الله، ما هذه الحلاوة، والله إنك أنتِ من جمَّلتي الفستان. فتبتهج الزوجة بما قال وتسر برأيه، وربما أنها تعرف أن رأيه فيها مخالف للحقيقة، ولكنها قدرت مشاعر زوجها تجاهها.
وزوج آخر يرى زوجته قد تزيَّنت ولبست فستاناً جديداً وتتباهى بهذا الفستان أمامه، فيقول لها بعد تأمل: كأنك في هذا الفستان بطريقاً!! فتتحطم مشاعرها وتتأثر من ذلك الوصف الجائر من زوجها (هداه الله).
وكذلك النساء لديهن بعض المواقف المتضاربة في الدبلوماسية وانعدامها، ومن أمثلة ذلك ما جاء عن امرأة تولَّدت لدى زوجها موهبة كتابة الشعر، فكان يصبحها بقصيدة ويمسيها بأخرى، وكان ينوع في ذلك، فتارة يكتب قصيدة من البحر البسيط، وتارة من المتدارك، وهكذا. فكانت تقابل محاولاته بتشجيعه، وتصفه مرة بالمتنبي، ومرة بالبحتري، ومرة بمارادونا (لاعب كرة قدم)، فكان يسر بذلك سروراً بالغاً، مع العلم أن تلك المرأة عندها يقين أن زوجها يتقن كل شيء إلا الشعر، ومع ذلك استخدمت معه الدبلوماسية وكسبت وده بعبارات لا تكلفها أي شيء.
وفي المقابل امرأة ينطبق عليها ما يقوله العوام: (وجهها مغسول بمرق)، عندما يأتي زوجها وقد اشترى ساعة بثمن وقدره تستقبله بقولها: (ما لقيت تشتري إلا ذا الساعة اللي مثل وجهك)، فيتحطم الزوج من هذه العبارة التي خلت من الدبلوماسية من جانب الزوجة.
إن دراسة أولويات الحياة والجوانب المهمة فيها والعوامل المؤثرة عليها من الأمور التي تساعد على بروز الدبلوماسية في العلاقات الزوجية، وإن الجهل بهذه الأولويات المهمة يؤدي إلى عدم تطبيق الدبلوماسية في الحياة الزوجية، وهذا يؤدي إلى تفاقم المشكلات في الحياة الزوجية؛ لذا ينبغي لكل زوج وزوجة أن يكون لديهما الإدراك الكامل والثقافة الواسعة التي تخص العلاقة الزوجية، وهذا يتم عبر برامج التوعية من خلال المحاضرات العلمية التي يلقيها أصحاب الفضيلة العلماء والمفكرون، وكذلك الكتب المتوفرة في المكتبات العامة التي تُعنى بمثل هذه الموضوعات.
سعد بن محمد الموينع
|