وداعاً أبا أسعد.. أقولها والقلب محزون.. وداعاً أكتبها والعين تملؤها الدموع.. وداعاً أرددها، واللسان يلهج بالدعاء.. عشر سنوات مضت ونحن معاً يجمعنا عمل واحد ومكتب واحد.. تقابلنا كل صباح بابتسامتك المشرقة وتودعنا نهاراً بأخلاقك الدمثة.. لم نرك يوماً عابس الوجه أو متضجر النفس.. كم كنت متفانياً في عملك مخلصاً في واجبك أميناً في أدائك. رحلت تاركاً مكانك فارغاً إلا من ذكراك لتجدد كل يوم حزننا عليك ونرفع أكفنا بالدعاء لك، فمكتبك يسأل عنك وأوراقك تبحث عنك.
رحلت إلى جوار ربك وأنت تسعى لزرع الابتسامة على وجه أبنائك ونشر الفرحة في قلوبهم.. لم يكونوا يعلمون أن النزهة البحرية التي وعدتهم بها ليفرحوا بها ستكون آخر لقاء بك وآخر نزهة معك.. كم كان البحر ظالماً عندما أجبرهم على أن يعود بلا أب بلا قلب حنون ليصبحوا يتامى.. كم كان البحر قاسياً عندما ابتلعك ليعطر مياهه بأنفاسك العطرة ويخلط أمواجه بروحك الطيبة ولينزلك منزلة الشهداء الذين قال فيهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : (الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله).. تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك وذويك الصبر والسلوان..
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
|