|
انت في"الرأي" |
|
يغضب بعض الآباء من تأثر أبنائهم بما يجول في البيئة المحيطة بهم من ألفاظ أو حركات أو تصرفات، بل قد يؤنب ابنه لترديده هذه المفردات أو فعله أي تصرف يستنكره منه، والواقع أن جل ما يتحدث به الأطفال لا يخرج عن تلقين البيئة المحيطة بهم ووسائل الاتصال، وعلى أي حال فالبيئة لا يوجد فيها أطفال من كوكب آخر وهذا يعني أن التحول في سلوكيات الطفل بسبب البيئة ومفرداتها وهي في النهاية كنتيجة حتمية سبب التحول في سلوك الكبار في جزء كبير منه، وبتغير أساليب المعيشة والتعامل بين الكبار والصغار من جهة وبين مفردات التربية والتعليم متمثلة في المدرسة والطلاب، وما يرد أو ما يعرض من خلال القنوات الفضائية، وخصوصا قنوات الأطفال التي لم تتضح رؤية التوجه فيها، فما بين الترفيه والتلقين أو مجرد التسلية والكسب المادي يصعب التكهن بمدى الفائدة منها، ولو على المستوى القريب؛ فالترفيه عن الطفل يجب أن يصاحبه التلقين السلوكي المعرفي المنضبط بالضوابط التي تهيئ النشء لمزيد من تلقي القيم والتعاليم والمبادئ والتغيرات ومواجهتها؛ أي التثقيف بالترفيه، وأن لا يكون كما هو حاصل في غالب القنوات التي تعمل على حصر أذهان الأطفال في شخوص وتعابير تتكرر بشكل دائم من خلال الشاشة بل قد يترتب على ذلك التعلق بمن يقومون بها أو يحاكون القيام بها؛ فالمجتمع الذي يزداد عمق التحول السلوكي واللفظي لأطفاله وتناقله المفيد والضار وتداوله فيما بينهم يدل على اتساع دائرة تلقيهم بشكل مباشر من الشارع وأجهزة الاتصال المختلفة أو بشكل غير مباشر ممن يلتقطونه ممن يكبرونهم في السن، وتزداد سعة الاطلاع والحفظ لدى الصغار مما تزيد معه نسبة تأثرهم وتلقيهم من الغير. وعندما نبحث عن منطقية معاقبة أو تأنيب الطفل لتناقله لفظاً أو حركة معينة فهذا غير مقبول من جهة أن الطفل تلقى هذا من مجتمعه وممن يكبرونه في السن والفهم والإدراك والشارع والبيئة ووسائل الاتصال المهولة التي تحيط به وما يدور فيه مجتمعه هو جزء من تركيبة البيئة التي تكتنف وجود شريحة الأطفال. وعلى أي حال فالطفل لا يبقى طفلا فهو يتغير ويتحول بشكل سريع بدنيا وذهنيا، لكن الشيء الذي لا يتغير هو استمرار القصف للكثير من المبادئ والقيم والتعاليم السلوكية والعادات والتقاليد وتهميش جزء مما يعلمه ويلقنه الأبوان لأبنائهما أو مما تتعب المدرسة في تثبيته في عقولهم وأذهانهم. إن مراجعة أجواء الشارع ووسائل الاتصال وما يدور فيها من سلوكيات وأخطاء من خلال المتابعة والمراجعة من قبل الوالدين بشكل دائم هي سبيل الكشف عن بؤر أو نزعات سلوكية غير طيبة قد تخلق معها جيلاً من المتمردين على قيم وتعاليم المجتمع، ومما يزيد من قوة تأثير الشارع على الطفل في بدايات تلقيه وتعليمه أن هناك ما هو أشبه ما يكون بالهوس بالقنوات الفضائية والخروج للشارع واللعب وملاقاة الأصدقاء. ومن ناحية أخرى فإن تفاوت أعمار الأطفال في الشارع قد يوجد مناخا لتلق غير مفيد ممن يكبرونهم سنا فضلا عن المحاذير الأخرى من وجود كبار مع أطفال صغار ومركبات تجوب الشوارع بعنجهية من مراهقين هم من ولادة هذه البيئة. والله الموفق. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |