Sunday 12th March,200612218العددالأحد 12 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

حتى يبقى الوطن حتى يبقى الوطن
د. خالد بن عبد الله بن فهد الفيصل الفرحان آل سعود

إن حب الوطن والتعلّق به والحنين إليه - ولا شك - من الأمور الفطرية التي جُبلت عليها النفوس البشرية؛ فليس غريباً أبداً أن يُحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه، وشبَّ على ثراه، وترعرع بين جنباته، فعشق أرضه وسماءه، وارتبط بسهوله وجباله وأشجاره ووديانه، وألف حره وبرده وتقلباته، ويحس فيه بالراحة والأنس والسعادة.. نعم.. لا يعرف ألم الحرمان ومرارة الغربة ولوعة الأحزان إلا من اضطر لهجرة وطنه وأصبح دائم التنقّل والترحال بين الديار والأوطان، ولا يشعر بمدى قدر الوطن وفضله وقيمته إلا من سُلب منه وطنه وفقده.
هذا نبي الأمة وخير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم تحكي لنا صفحة من صفحات سيرته النبوية الشريفة كيف استدار إلى مكة المكرمة - وهو راكب على راحلته - قبيل هجرته إلى المدينة المنورة ناظراً إلى أفقها البعيد، ومفارقاً أغلى وطن وأحبه إلى نفسه، ويودعها بتلك الكلمات التي تدمع لها العين وينفطر لها القلب وهو يقول: (والله إنك لأحب البقاع إلى الله، وإنك لأحب البقاع إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت).
كم هي نعمة عظيمة ومنة كريمة أن يكرمنا الله سبحانه وتعالى في وطننا الغالي بأنواع النعم، وأن جعل بلادنا آمنة مطمئنة وهيأ لنا فيها من أسباب الراحة والسعادة ما لا قبل لنا بشكره ولو صرفنا في ذلك العمر كله.. كم هي نعمة لا تُقدَّر بثمن أن يرزقك الله الأمن والأمان والطمأنينة وراحة البال في حين أن الناس إلى جانبك ومن حولك يتخطفون كل يوم من الخوف، لا يهنأ لهم عيش ولا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار.
إن الأمن والأمان هما - ولا شك - أساس تقدّم الدول ونهضتها بين الأمم، فلا حياة بلا وطن ولا وطن بلا أمن، ولأننا نعيش الآن في عالم تسوده الأوضاع المضطربة، وفي ظل ظروف بالغة التعقيد بات القاصي والداني يعرف دقتها ويدرك مخاطرها فإننا مطالبون جميعاً الآن - قبل أي وقت مضى - باليقظة والحيطة والانتباه وبالحذر والوعي التام في كل خطواتنا.. مطالبون بأن نضع الوطن بين أهداب جفوننا، ونغمض عليه عيوننا، ونحميه بكل جوارحنا وسواعدنا، استشعاراً بما للوطن علينا من أفضال سابقة ولاحقة - بعد فضل الله تعالى - ومجازاة للإحسان بالإحسان، فالذين يتربصون بخير الوطن وثرواته يتصيّدون الفرص ويحاولون اختراق الثغرات من أجل المساس بأمنه والنيل من مكتسباته وخيراته.
إننا بحاجة لتوقيع عقد اتفاق مع الوطن.. عقد نلتزم فيه بأن نكون مواطنين صالحين نضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأمنه أولوية لا نساوم أو نزايد عليها، فمن غير المعقول أن يوضع جندي على رأس كل مواطن أو أمام كل بوابة أو في منعطف كل طريق، فالرقي بهذا الوطن وتقدّمه ودفع الضرر عنه وحماية مقدراته والحفاظ على مقوماته وإنجازاته هي مسؤولية جميع أبنائه بلا استثناء؛ فعلماؤنا ومشايخنا الأفاضل عليهم واجب، ورجال الفكر والفن والإعلام عليهم واجب، ويبقى دور المواطن هو أهم أضلاع هذا المثلث؛ فالمواطن مطالب بأن يكون يداً لرجال الأمن، بل هو مطالب بأن يمارس دوره كرجل أمن، ومطالب بأن ينمِّي روح المواطنة في أعماقه ويغرسها في كل أفراد أسرته، فالأسرة هي ركيزة المجتمع وهي دعامة أمنه واستقراره.
بقي أن نقول إن مملكتنا الغالية - كنز الكنوز ودرة الأوطان ومضرب المثل في الأمن والأمان - لم ولن تنال منها بحول الله وقوته يد الغدر العابثة بهجمات إرهابية التي لا تقرها شريعة ولا تقبلها فطرة سليمة، وسيقف جميع أبنائها المخلصين صفاً واحداً وفي خندق واحد - كل في موقعه ومكانه - في وجه كل فكر دخيل على مجتمعنا أو حاقد يسعى للمساس بأمننا في سبيل إفشال مخططاتهم وإحباط مؤامراتهم والقضاء على جذورهم وتجفيف منابعهم ومن يساندهم
ويؤيّدهم ولا يستنكر عملهم.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved