رغم أن الذين يحتلون العراق ويمسكون بمفاصل البلد يؤكدون عدم إمكانية اندلاع حرب أهلية في العراق.. ورغم أن الذين يقودون الحياة السياسية في العراق من قادة الكتل والتنظيمات السياسية يجارون الأمريكيين في نفيهم توقُّع حرب أهلية، إلا أن الجميع يُعدُّ لهذه الحرب بل ويمهِّد لها، فالكتل السياسية ذات التكوين الطائفي والعنصري استكملت إعداد مليشياتها، بل وبدأت تهيئة (المسرح) الساحة العراقية، وتشهد المناطق والمحافظات محاولات مكشوفة للسيطرة عليها من قِبَل الميليشيات، وفي حين أحكمت مليشيات الاتحاد الكردستاني (البشمركة) سيطرتها على محافظات كردستان العراق، تحاول مليشيات الثورة الإسلامية حزب الحكيم عن طريق (منظمة بدر) ومليشيات الصدر (جيش المهدي) السيطرة على محافظات الجنوب وبغداد.
ورصد المتابعون لهذه المحاولات عملية اغتيال اللواء بدر حاتم الدليمي قائد الفرقة السادسة التي كانت مسؤولة عن أمن بغداد، وكون هذا القائد العراقي الكبير من (السنة) وفرقته التي تضم عشرة آلاف مقاتل التي استطاعت أن تمنع أياً من المليشيات الاستئثار بالعاصمة، فإن الشكوك تتجه للأحزاب والمليشيات الطائفية التي تسعى للسيطرة على العاصمة، ويعزز هذه الاتهامات نجاح عملية اغتيال قائد كبير برصاصة أطلقت على رأسه وهو ينتقل في قافلة دورية.
ويستغرب ضباط كبار في الجيش العراقي نجاح عملية الاغتيال التي يتطلب تنفيذها الحصول على معلومات داخلية، ويثبت أن الجيش الذي جند ضباط أمريكيون أفراده على مدى العامين الأخيرين اخترقه أفراد ميليشيات طائفية مستعدون للإيقاع برفاقهم من الجنود.
وقال ضابط كبير: مَن هم خارج الجيش لهم أياد في الداخل. وقال آخر: المسلحون في كل مكان، وقال القائد الأمريكي السابق في بغداد: إن مقتل اللواء بدر حاتم الدليمي وهو سُني كان يقود الفرقة السادسة المكونة من عشرة آلاف جندي في بغداد، قد يكون جزءا من محاولة لإقامة سيطرة شيعية على العاصمة.
وقامت الفرقة وهي من بين أفضل القوات العراقية الجديدة تجهيزا بدور أساسي في جهود منع اندلاع حرب أهلية في أعقاب العنف الطائفي الذي اندلع قبل نحو أسبوعين؛ بسبب تفجير مزار شيعي بمدينة سامراء السنية.
وسلمت القوات الأمريكية السيطرة على العمليات في نحو 70 في المائة من مناطق بغداد إلى القوات العراقية، في إطار خطة سيتم بموجبها انسحاب القوات الأمريكية الموجودة حاليا بالعراق والبالغ عددها 133 ألف جندي تدريجيا، مع تدريب القوات العراقية لتولي السيطرة. ويمكن للعنف الطائفي أن يعرض تلك الاستراتيجية للخطر.
وقال المسؤول في وزارة الدفاع إن الدليمي الذي كان قائد فرقة في عهد صدام حسين والمعروف بشجاعته، كان في قافلة من العربات المدرعة في منطقة بغرب بغداد ينشط فيها المسلحون السنة.
وكان قد خرج من مقره عند العصر للتحقيق في معركة بالأسلحة النارية. وأضاف أن الدليمي كان يرتدي درعا واقيا للبدن.
وفتح باب عربته التي كانت ضمن 14 عربة في القافلة فأصابته رصاصة واحدة في رأسه قبل أن يضع خوذته، وقال كانت لدى المسلح معلومات دقيقة.
وقال اللواء عبد العزيز محمد مدير العمليات بالوزارة وهو يغالب انفعاله بشأن وفاة صديقه وزميله: مشكلته أنه كان شجاعا جدا. وبرغم تقارير تحدثت عن وقوع مزيد من إطلاق النار، فقد قال مسؤولون إن رصاصة واحدة أطلقت، وقد أطلقها قناص من فوق مبنى عال فيما يبدو.
وقال مصدر في المستشفى إنه لم يستقبل أي جنود جرحى، وقال ضابط عراقي برتبة لواء في حديث خاص: إن حادث القتل قد يكون من تدبير أي جماعة من بين كثير من الجماعات، بدءا من المسلحين السنة إلى الميليشيات الشيعية الموالية للحكومة التي تسعى للسيطرة على القوات المسلحة الجديدة في أي حرب أهلية.
وشكا ضباط أمريكيون كبار من جهود من جانب الحكومة التي يقودها الشيعة لفرض قادتها على المدينة في مواجهة الاعتراضات الأمريكية على مستوى كفاءتهم، والدليمي هو أكبر ضابط يقتل في العراق منذ الغزو الأمريكي.
وقال الميجر جنرال وليام وبستر الذي كان حتى يناير - كانون الثاني القائد الأمريكي في بغداد لصحيفة واشنطن بوست: فَقْدُ قائد قوي حتى لفترة وجيزة في بغداد يمكن أن يتسبب في مزيد من انتقال مركز الثقل نحو ما يبدو أنه سيطرة للشيعة على المدينة.
|