تعتبر المتاجرة بالمخدرات هذه الأيام أحد أكبر مجالات كسب المال في العالم، إذ تبلغ قيمتها حوالي 500 مليار دولار في العالم. والتجارة في المخدرات دولياً تفوق تجارة النفط، وتأتي في المرتبة الثانية بعد تجارة الأسلحة.
ويتم إنتاج معظم المخدرات في الأقطار النامية، لسد الطلب عليها في البلدان الصناعية. وليست زراعة نباتات المخدرات غير مشروعة على الدوام، فالهند مثلاً منتج كبير للأفيون المرخَّص، وبوليفيا وبيرو تنتجان معاً حوالي 20.000 طن من أوراق الكوكا المسموح بها كل عام، للاستخدامات التقليدية أو الطبية.
وصناعة المخدرات الآن بالغة التطور والتعقيد فهي تستخدم وعلى نطاق واسع أنظمة اتصال بمساعدة الحاسوب لإدارة عملية التوزيع وتحريك الأرباح حول العالم. وتغسل عصابات المخدرات حوالي 85 مليار دولار في الأسواق العالمية المالية كل عام.
وإذا كانت البلدان المنتجة تستفيد مالياً من صناعة المخدرات، فإنها تتحمّل أيضاً عبئا ثقيلاً، لا من حيث ملايين الدولارات المطلوبة من أجل المواجهة، فحسب، بل من ناحية التفكك وعدم التماسك الاجتماعي، والآثار البيئية الضارة والعنف وتقويض القيم والأخلاقيات.
إذن، ما الذي يمكن عمله بخصوص المخدرات؟ هذه واحدة من القضايا التي يدور حولها جدل ساخن في العالم. وتتدرج الحلول والمعالجات المطروحة لمشكلة المخدرات، من إعلان حرب مكشوفة على المخدرات، إلى سلوك طريق التوعية والثقيف وتجهيز الحملات الهادفة الموجهة إلى المستهلكين إلى الحل المتطرف للمشكلة وهو السماح بالمخدرات.
ولقد ظلت معظم الحكومات حتى الآن تحاول الحد من المخدرات عن طريق القضاء على زراعة المخدرات وتعطيل قنوات التوزيع.
وإذا كان لإنتاج المخدرات في البلدان النامية أن ينقص، فينبغي دفع كل من له علاقة بتلك الصناعة (صناعة المخدرات)، المزارعين المنتجين والتجار، إلى المشاركة في تيار الاقتصاد الوطني، هذه هي إستراتيجية التنمية البديلة.
إن الإستراتيجيات البديلة، ما زالت، إستراتيجيات تستحق المتابعة، هدفها صرف المزارعين عن زراعة المخدرات.
وفي الدول النامية أصبحت ظاهرة انتشار المخدرات ظاهرة اجتماعية واقتصادية وسياسية، إذ أصبحت تهدِّد الاقتصاد على المستوى الفردي والمجتمعي والقطري والإقليمي، وكذا استنزفت جهود التنمية. علاوة على ذلك فإن جلب المخدرات من الخارج ليستخدم حوالي 50% من العملات الحرة المتداولة في الأسواق غير المشروعة.
ففي مصر مثلاً، يقدَّر ما ينفقه المصريون على شراء المخدرات بما يعادل 3 مليارات جنيه مصري سنوياً.
وحسب الإحصاءات فإن 50 مليون شخص يستخدمون المخدرات، وأن الخسارة الاقتصادية تبلغ 10مليارات دولار سنوياً بسبب المخدرات.
يقول ويز جونسن: قيود الزواج تحطّمت، الأطفال كبروا دون تربية أو توجيه، الاقتصاد يتدهور، كلها بسبب المخدرات,.
وقد ذكرت منظمة مكافحة استخدام الكحول في بريطانيا أن الإفراط في تناول الخمور والمخدرات قضى على حياة أكثر من27 ألفاً من البريطانيين خلال عام واحد. ووصفت المنظمة الكحول بأنه القاتل الحقيقي. وقدّرت التكلفة السنوية لتناول الكحول في بريطانيا بأكثر من مليوني جنيه إسترليني.
كما أكَّدت أكثر من دراسة وأكثر من تقرير على أن حوالي 14 مليون يوم عمل يضيع في بريطانيا سنوياً بسبب إدمان بعض العاملين على المشروبات الكحولية.
وأظهرت الأبحاث أن مجالات العمل التي تنطوي على مخاطر أكثر بسبب المشاكل الناجمة عن الكحول والمخدرات تشمل الفنادق والمطاعم والحانات والسفن والطائرات والقوات المسلحة.
إنها أرقام وإحصائيات مخيفة، وحقائق مرعبة، تستدعي منا، وقبل فوات الأوان، أن نقول جميعاً وبصوتٍ واحد مسموع: لا للمخدرات.
|