سرطان الثدي هو أكثر الأورام التي تصيب السيدات، وعند إصابة سيدة بسرطان الثدي قد يكون الخيار الوحيد هو إزالة الثدي جراحياً. إن فقدان السيدة للثدي له أثر عاطفي ونفسي كبير، فليس من السهل على المرأة فقدان أحد أهم مصادر أنوثتها، حتى وإن كانت الأسباب ضرورية كالتخلص من الورم والمحافظة على حياتها وسلامتها.
لقد ظل خيار الثدي الصناعي الذي يوضع خارجياً لتحسين المظهر مع الملابس، هو الخيار الوحيد حتى تحافظ المرأة على شكل خارجي طبيعي. في العشرين سنة الماضية، حدث تقدم كبير في الجراحة الترميمية للثدي، مما أدى إلى إمكانية حصول السيدة على ثدي وشكل أقرب ما يكون للطبيعي.
ورافق هذا التطور أيضاً تقدم كبير في عمليات إزالة الثدي، إ ذ إن الجراح قد لا يزيل الثدي كاملاً، بل جزءاً منه. وعند إزالته كاملاً قد لا يزيل الجلد، مما يتيح ترميماً أفضل. من الممكن الآن ترميم الثدي أثناء عملية الاستئصال، وهذا يؤدي إلى تخفيف معاناة المريضة بعد إجراء العملية. إذ تجد بعد العملية أن الشكل أقرب إلى الطبيعي، وكأنها لم تفقد شيئاً من جسمها.
عمليات الترميم تحتاج لاختيار جيد من عدة نواحٍ، منها صحة المريض، نوع الورم، الحاجة إلى العلاج بالأشعة، الحاجة إلى أخذ العلاج الكيماوي. معظم السيدات التي تجرى لهن عملية استئصال الثدي تكون حالتهم الصحية تسمح بإجراء عملية الترميم في نفس الوقت.
ولكن في بعض الأحيان، قد تكون السيدة لديها مشكلات طبية، كارتفاع في الضغط أو في السكر أو سمنة زائدة أو الحاجة لأخذ العلاج بالأشعة، وهذا قد يزيد مضاعفات العملية. ويكون من الأفضل تأجيل إجراء عملية الترميم.
قبل إجراء العملية، يقوم الفريق المشرف على حالة المريضة المصابة بسرطان الثدي بنقاش الحالة من جميع النواحي. وأيضاً، تعطى المريضة الخيار المناسب لترميم الثدي. ولكن لكل نوع من العمليات فوائد ومشكلات التي يتم عرضها على المريضة لكي تكون على إطلاع وعلم تام قبل الإجراء الجراحي.
وقد يساعد عرض بعض الصور لبعض الحالات التي أجريت لها عمليات الترميم، أو التحدث لبعض السيدات اللاتي أجريت لهن هذه العمليات. وهذا مهم جداً لفهم جميع جوانب الإجراء الجراحي. من أهم أهداف عملية ترميم الثدي هو استعادة الشكل الطبيعي وتحسين الحالة النفسية للمريضة.
هناك عدة طرق لترميم الثدي..
أولاً، وصنع ثدي صناعي (Breast implant)، وهو بالون مصنوع من السليكون، تحت الجلد. وهذا يتم في الحالات التي لا يحتاج فيها لتوسيع الجلد. ثانياً، وضع موسعات للجلد (Tissue expanders) أولاً، وبعد ذلك نستبدل البالون بالموسعات. ثالثاً، استخدام أنسجة الجسم (autologous) من المريضة نفسها لترميم الثدي. وهذا قد يتم مع أو من دون ثدي صناعي. عند اختيار موسع الجسم لترميم الثدي، وهذا يكون عادة للسيدات اللاتي لم يخضعن للعلاج بالأشعة، يقوم الجرّاح بوضع بالون تحت الجلد والعضلات في منطقة الثدي المستأصل. وبعد وضع البالون بثلاثة أسابيع، يبدأ الجراح بوضع محلول ملحي معقم في صمام البالون أسبوعياً مدة ثلاثة إلى أربعة أشهر. بعد توسيع الجلد بشكل كافٍ، يقوم باستبدال بالون دائم ببالون التوسيع. من مشكلات البالونات الدائمة أو موسعات الجلد هو صعوبة تساوي الثديين على المدى الطويل، وذلك نتيجة أن البالون جسم غريب يؤدي إلى أن يقوم الجسم بتكوين أنسجة حول البالون، وهذه بدورها تقوم بتغيير الشكل تدريجياً، فلا يتساوى الثديان. في السنوات العشر الماضية، زادت نسبة عمليات الترميم بأنسجة الجسم، سواء كانت من البطن أو من الظهر أو من الفخذ.
من أهم فوائد هذه العملية أن المريضة تحصل على عملية تجميل للبطن بالإضافة إلى ترميم للثدي، هذا عند اختيار أنسجة البطن للترميم. هذه العمليات معقدة، ومدتها أطول من عمليات الترميم بموسعات الجلد. ولكن نتيجتها على المدى البعيد أفضل، من جهة تساوي الثديين أو الحاجة إلى إجراء عمليات في المستقبل. بعد الانتهاء من عملية ترميم الثدي، وعندما يأخذ الثدي الشكل المناسب، يقوم الجراح بعملية صغيرة لإصلاح الحلمة.
وعادة ما تكون هذه العملية بعد ثلاثة إلى ستة أشهر من عملية الترميم. إذ ترفع شريحة صغيرة من الجلد في المكان المناسب بعد تلوين الجلد بوشم مقارب للون الطبيعي. وهي عملية بسيطة لا تحتاج إلى تنويم في المستشفى.
قد يناقش الجراح المريضة قبل الترميم أو بعده لإجراء عملية في الثدي السليم، وذلك إما بتكبيره أو بتصغيره لكي يتساوى مع الثدي المرمم. مضاعفات ما بعد عملية الترميم تنقسم إلى قسمين: قسم عام، وهي المضاعفات التي تنجم عن أي إجراء جراحي، كمضاعفات التخدير أو مضاعفات الجروح كالنزيف والالتهاب. وقسم خاص، وهي حسب نوع الترميم. فعندما يكون الترميم بموسعات الجلد والبالونات، فإن من أهم المضاعفات هي عدم تساوي الثديين نتيجة تكون أنسجة حول البالون (Capsule contracture) التي قد تؤدي إلى تغير الشكل، وفي حالات نادرة إلى الألم. وهذا يستدعي إلى إزالة البالون أو تغييره.
أما عندما يكون الترميم بأنسجة البطن، فإن أهم المضاعفات هي نقص تروية الأنسجة المنقولة بالدم، مما يؤدي إلى فشل جزء أو كل الأنسجة المنقولة. أيضاً، في بعض الأحيان، ضعف جدار البطن. في الحالات التي تستخدم فيها أنسجة الظهر، فإن أهم المضاعفات هي تجمع السوائل في الظهر (Seroma)، وهذا قد يستدعي إلى إدخال إبر لسحب هذه السوائل. ومن المهم شرح هذه المضاعفات للمريضة لكي تكون الصورة واضحة لديها.
من أهم النقاط التي يجب على المريضة تفهمها قبل الوصول إلى قرار ترميم الثدي هو التحدث بصراحة مع الطبيب وجراح التجميل. فعلى الرغم من نسبة نجاح عمليات الترميم العالية، فإنها قد لا تكون مناسبة لجميع الحالات. وهذا ما يمكن تحديده من خلال النقاش بين المريضة والفريق المعالج.
استشاري الجراحة التجميلية والترميمية |