* تحقيق - أبو إيهاب:
في العام الماضي بلغت المقاصف التعاونية المدرسية تسعمائة وأربعين مقصفاً مكونة في مدارس ابتدائية وما فوق ابتدائية، وهذا العدد بمقارنته بالسنوات الماضية يدل على أن هناك نمواً متزايداً في تكوين المقاصف التعاونية في مدارس المملكة.. ويعطينا صورة عن تغلغل الوعي التعاوني لدى الطلاب وفي المدارس. على أن هناك عدداً كبيراً من المدارس لا تزال مقصرة في تكوين المقاصف بها.. إما لعدم الإيمان بالمقاصف نفسها.. وإما لرغبة عند مديري بعض هذه المدارس في استثمار المقصف لحسابهم الخاص أو تأجيره على أحد الأشخاص بمقدار معين من الريالات. هنا.. في هذا التحقيق سنلقي شيئاً من الضوء على المقاصف.. نظاماً وواقعاً.. والهدف من وراء ذلك تعريف بهذه المقاصف.. وتذكير لمديري بعض المدارس الذين لديهم عزوف عن تكوين المقصف التعاوني في المدرسة بأن يسعوا على أن يوجدوا الوعي التعاوني في المجتمع الطلابي.
أهداف المقاصف
ولكن ما هي أهداف المقاصف التعاونية؟!
- تهدف المقاصف التعاونية كما ورد في نظامها إلى تحقيق أهداف التربية الاجتماعية في مجالاتها الاقتصادية، ومن أهم هذه الأهداف:
- غرس روح التعاون في الطلاب قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى...}.
- تدريب الطلاب على تحمل المسؤوليات والعمل المشترك وممارسة أعمال التنظيم والتسجيل والبيع والشراء قال الله تعالى: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا... } .
- تدريب الطلاب على آداب المعاملة والسلوك والعمل الجماعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدين المعاملة).
- تزويد طلاب المدرسة بما يحتاجون إليه أثناء اليوم المدرسي من أدوات مدرسية ومأكولات ومشروبات بأسعار معتدلة، ولا يجوز أبداً أن تزيد على أسعار السوق قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا...). ونظام المقاصف يلزم كل مدرسة بإنشاء مقصف تعاوني بها يساهم فيه طلاب المدرسة الراغبون في الاشتراك، ويبقى باب العضوية مفتوحاً للطلاب الراغبين طوال العام الدراسي كما أنه لا يجوز اشتراك موظفي المدرسة من إداريين أو مدرسين أو مستخدمين في المقصف، ولكنه في حالة عدم توافر رأس المال الكافي لتشغيل المقصف يجوز أن يساهم فيه كل أو بعض موظفي المدرسة، شريطة ألا تزيد أسهمهم عما ساهم به الطلاب، أما أرباح أسهم هؤلاء الموظفين فتخصص للنشاط المدرسي ويمنع النظام صرف شيءٍ منها لهم.
النظام المالي
للمقصف نظام مالي يضبط المساهمة والإيرادات والصرفيات وتوزيع الأرباح.. يحدد قيمة الأسهم في المقصف على أن قيمة السهم في المرحلة الابتدائية بريال واحد، وفي المرحلة المتوسطة بريالين وفي المرحلة الثانوية وما في مستواها بثلاثة ريالات، ولا يجوز للعضو أن يساهم بأكثر من عشرة أسهم ومن حق المشرف على المقصف أن يخفضها على ضوء العدد الإجمالي للمشتركين، وبعد أن يسجل الطالب ويدفع قيمة الأسهم لا يسمح له المقصف باسترجاعها أثناء العام - الدراسي - إلا إذ ترك المدرسة فيمكنه أن يسترجع قيمة أسهمه.. وكإجراء نظامي ضابط يستلزم على المشرف على المقصف ومجلس إدارته أن يجرد المقصف كل ثلاثة شهور وتحسب الأرباح خلال هذه الفترة وتصادق على ذلك الجمعية العمومية (مجموع المساهمين في المقصف) ثم يتم توزيع الأرباح على الطلاب لكل فترة كما يلي: 40% للطلاب المشتركين حسب قيمة الأسهم، 60% تخصص للنشاط المدرسي.
60% كيف...؟!
وهذه النسبة (60%) تصرف لخدمة النشاط المدرسي على أن أوجه الصرف تتبين فيما يلي:
- لمساعدة الطلاب الفقراء ببعض الأدوات المدرسية أو بقيمة اشتراكهم في الرحلات المدرسية أو الملابس الرياضية أو ما شابه ذلك.
- للمساهمة في تمويل مشروعات الخدمة العامة المحيطة بالبيئة المدرسية. وشراء بعض الكتب المناسبة للمكتبة المدرسية.
- الإسهام في تمويل الحفلات الثقافية والاجتماعية. وتزويد الجماعات المدرسية الثقافية والاجتماعية والفنية بما يلزمها من أدوات وخامات.
- نسبة الـ60% المخصصة للنشاط المدرسي لفترة الثلاثة الأشهر الأخيرة يحتفظ بها للعام الدراسي التالي لتهيئة أعمال المقصف وللصرف منها على النشاط المدرسي للثلاثة الأشهر الأولى من العام الدراسي الجديد. وسيتوارد في ذهن القارئ أنه طالما أن هناك نسبة كبيرة من أرباح المقصف مخصصة للنشاط المدرسي فإذن هي لم تحسم من أرباح المقصف إلا لأنه ليس هناك مبالغ تخصصها وزارة المعارف للنشاط المدرسي. على انني أود أن أوضح أنه ليست هذه النسبة سوى مكملة لما تصرفه الوزارة من مبالغ كبيرة على مختلف الأنشطة المدرسية في مختلف المراحل، ولك أن تسأل إحدى المناطق التعليمية في المملكة عن المبالغ التي وزعت عليهم ضمن بيانات مقننة، عقب صدور الميزانية، مخصصة للأنشطة المختلفة، ناهيك عن ميزانيات المراكز الصيفية في خمس عشرة منطقة تعليمية والرحلات الطلابية الصيفية وأثناء العام، بالإضافة إلى المهرجانات الختامية في المناطق والمعسكرات الكشفية والمعارض الفنية. ما سبق ذكره.. لمجرد الأمثلة لا الحصر.. ورغبة في ضبط صرف نسبة الـ(60%) فقد روعي ألا يُصرف شيء من الأرباح المخصصة للنشاط إلا بعد موافقة مجلس إدارة المقصف على ذلك. وأن يُصدر قرار بالموافقة منه على الصرف، أما إدارة المدرسة فعليها أن ترفع لإدارة التعليم تقريراً من نسختين عن المقصف وحسابه الختامي وبيان توزيع أرباح الطلبة موقعاً منهم، وبيان أوجه صرف نسبة 60% لكل فترة من الفترات الثلاث في العام الدراسي على أن يكون موقعاً من مجلس إدارة المقصف فتقوم إدارة التعليم بتصديقه من كل من موجه التربية الاجتماعية بالمنطقة والمفتش الإداري ورئيس قسم رعاية الشباب ويعتمد من مدير التعليم فتحتفظ المنطقة بصورة من ذلك، وترسل النسخة الأخرى إلى المدرسة للاحتفاظ بها لديها.
المشرفون مقصرون
أستطيعُ أن أعزو ضعف إقبال الطلاب على المساهمة في المقاصف التعاونية المكونة في نواحٍ عدة من بينها أن هناك تقصيراً واضحاً من المشرفين على المقاصف التعاونية في المدارس ومن المشرفين الاجتماعيين على أن يعطوا الإعلام داخل المدرسة حقه، فلك أن تتصور طالباً في السنة الرابعة أو الخامسة الابتدائية - بل وأكثر - وقد دخل عليه المدرس داخل الفصل وألقى كلاماً عشوائياً ومرتجلاً عن نية المدرسة في تكوين مقصف تعاوني، وهذا مع عشوائيته أجده أكثر قبولاً من آخر يلصق إعلاناً على لوحة الإعلانات في المدرسة ويدعو الطلاب فيه إلى المساهمة في المقصف التعاوني. مع إسقاطي لكل الاعتبارات، ولأفرض أن كل الطلاب قرءوا هذا الإعلان، واستمعوا إلى محاضرة أخينا السابق، ولكن هي يعني هذا أن الوعي التعاوني وجد له مكاناً في أفكارهم، وهل انتزعت كل المخاوف والاحتمالات من أن تضيع ريالاتهم التي ساهموا بها في المقصف، وانهم سيحصلون على أرباح في نهاية العام..؟! إن الاجابة عن هذه الأسئلة بالإيجاب أجد أنه من الصعوبة بمكان أن تخرج على اللسان بسهولة.
سجلات المقصف
وضماناً لانتظام سير العمل بالمقاصف، وضبطاً لتطبيق نظام المقاصف التعاونية بكل مشترطاته ومواده فقد عممت مؤخراً المديرية العامة لرعاية الشباب بوزارة المعارف نشرة تتضمن نماذج سجلات المقاصف، وقد ورد في مقدمة هذه النشرة أنه لوحظ أن تنظيم كيفية التكامل في المقاصف قد شابه كثير من عدم الاهتمام في التنفيذ والتطبيق مع أن نظام المقاصف المعمم على المناطق ليس فيه لبس أو غموض وإنما فيه وضوح كامل في الأهداف وطريقة التكوين والنظام المالي والسجلات ثم القواعد العامة، وقد أدى -
ما زال الكلام كما ورد في المقدمة - عدم الاهتمام في التنفيذ والتطبيق إلى حدوث مشاكل في مدارس بعض المناطق التعليمية بين مديري هذه المدارس والمشرفين على المقاصف، وتختتم المقدمة بأنه لكي تتم عمليات التسجيل في سهولة ويسر مما يؤدي إلى حسن سير العمل بها وضبط الحسابات لكي تقوم بدورها في تحقيق الأهداف التربوية للطلاب فإنه جرى تعميم نماذج سجلات المقصف.
ولكن ما هي السجلات المطلوب توفرها في المقصف؟
إنها خمسة سجلات يفرض على المقصف أن يوفرها وأن يستخدمها في عمليات المقصف المختلفة وهي:
- سجل المشتريات وبيان الفواتير والمبيعات اليومية.
- سجل بيان العهد المستديمة واللوازم الموجودة بالمقصف.
- سجل العضوية واجتماعات الجمعية العمومية ومجلس الإدارة.
- سجل حسابات الأرباح والخسائر.
- سجل لكل لجنة من اللجان الأربع (لجنة الدعاية والخدمات - لجنة الشراء - لجنة البيع - لجنة الحسابات والمراقبة) لتدوين محاضر اجتماعاتها. ويتولى رئيس كل لجنة الإشراف على التسجيل في السجل الخاص باللجنة على أن يكون ذلك تحت إشراف رائد الفصل، وتختم جميع السجلات بختم المدرسة الرسمي مع مراعاة ترقيمها، ويقوم المفتش الإداري بإدارة التعليم بالاطلاع على سجلات المقصف عند زيارته للمدارس وعندما يجد مخالفة للتعليمات التي نص عليها نظام المقاصف التعاونية من الناحية المالية يعقد اجتماعاً لمجلس إدارة المقصف لمعرفة أسباب تلك المخالفة، ويرفع بعد ذلك تقريراً مفصلاً لإدارة التعليم.
التأجير.. التأجير
ومع أن النظام نص بأنه على كل مدرسة أن تؤسس مقصفاً تعاونياً بها، وأنه يجب على مدير كل مدرسة عدم السماح لإدارة المدرسة بتأجير المقصف، ويعتبر مسؤولاً أمام إدارة التعليم والوزارة في حالة مخالفته لذلك، إلا أن التأجير مازال قائماً في بعض المدارس، وعند الطلب أستطيع أن اسميها، وذلك ناتج - مع الأسف - عن عدم إيمان بعض مديري المدارس بالفوائد التربوية للمقاصف التعاونية التي تعود على الطلاب، أما القسم الآخر منهم فهو ناتج عن الرغبة في الاستفادة المالية من المقصف، إلا أن الوزارة - كما قال لي مصدر مطلع - تسعى بكل اهتماماتها إلى أن تعمم المقاصف التعاونية في جميع المدارس، ولا تدخر وسعاً في انتشار الوعي التعاوني عن طريق النشرات المتواترة والتي تحمل بين طياتها إيضاحات وتوجيهات.
وهناك صعوبات
على أننا لكي نكون على جانب من الموضوعية نجد أن هناك صعوبات عديدة تواجه المقاصف، فلماذا لا نأتي على إيرادها..؟!
من واقع التقرير السنوي العام عن نشاط التربية الاجتماعية للعام الدراسي الماضي 91-92هـ نستخلص من صفحته الرابعة أنه من تقارير المناطق التعليمية تبين أن صعوبات عدة تواجه المقاصف من بينها:
- عدم وجود أماكن مناسبة في بعض المدارس لتتخذ مقراً للمقصف.
- الحاجة إلى إيجاد سجلات موحدة ومبسطة لتسهيل العمليات الحسابية.
- ضيق زمن الفسحة مما لا يدع فرصة للطلاب للعمل في المقصف.
- الحاجة إلى موظف حسابي يتبع تفتيش التربية الاجتماعية بالمناطق التعليمية الكبيرة يختص بمراجعة حسابات المقاصف التعاونية بمدارسها وتدقيقها تمهيداً لاعتمادها.
- تلجأ المدارس إلى صرف النسبة المقررة للنشاط المدرسي من أرباح المقصف على متطلبات المدرسة بشكل عام بحجة عدم وجود متفرقة، أو تخصيصه لناحية من النشاط دون أخرى.
- عدم رغبة بعض مديري المدارس بافتتاح مقاصف تعاونية بها.
- ضعف الإمكانات في بعض المدارس سواء من ناحية قلة عدد الطلاب بها أو لضعف حالتهم المادية مما لا يمكنهم من الاشتراك في المقصف أو للشراء منه.
- صعوبة تزويد المقاصف التعاونية التي تنشأ بمدارس في القرى بحاجياتها لبعدها عن الأسواق.
- تقديم الوجبة الغذائية المجانية لطلاب بعض المقاصف كفتهم عن المقاصف، وقل إعطاء أولياء الأمور الأموال لأبنائهم.
- عزوف بعض المدرسين عن قبول الإشراف على المقصف بمدرسته.
- كثرة الباحة المتجولين بالقرب من المدارس وبيعهم أشياء غير موجودة في المقاصف.
و... النهاية
وفي ختام هذا التحقيق أود ألا أنسى أنه بناء على التقرير المقدم من هيئة اليونيسيف المتضمن تشجيع بيع الحليب ومنتجاته بمقاصف المدارس بدلاً من المياه الغازية وكذلك بيع الفواكه بدلاً من السكريات والحلويات فقد عمم سمو وكيل وزارة المعارف للشؤون التعليمية والإدارية على المناطق التعليمية ومكاتب الإشراف باعتماد ذلك في المقاصف على أن يكون بثمن يتفق مع ميزانية الطلاب لتحسين القيمة الغذائية لما يستهلكونه من المقاصف.
|