اقتصرت زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز على كوالالمبور، وهي العاصمة الاتحادية لماليزيا، وتعني كلمة كوالالمبور ملتقى النهرين، والمقصود بالنهرين نهر جومباك ونهر كلانج، ومن يزور هذه المدينة العصرية ذات الثقل المالي والصناعي والتجاري، لن تغيب عنه صورة الوجه الآخر للمدينة ذات التميّز سياحياً وترفيهياً.
ومن هذه المدينة الجميلة تم الخروج بتلك المكاسب الاقتصادية الكبيرة التي تحققت بفضل الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين، والتي ستعطي - بنظرنا- آثارها الإيجابية بعد أن يبدأ التطبيق الفعلي لكل ما تم الاتفاق عليه من تفاهم حول مجمل مجالات التعاون بين المملكة وماليزيا، وبخاصة أن هناك تصميماً على تسريع العمل بما تم الاتفاق عليه، تقديراً من القيادتين لأهمية استثمار الوقت في بناء معالم وشواهد لمشاريع مربحة هنا وهناك.
تأتي زيارة الملك عبدالله لماليزيا بعد أربعين عاماً كثاني ملك سعودي يزور ماليزيا، إذ إن الملك فيصل كان قد زارها قبل أربعين سنة، وها هو الملك عبدالله يزورها للمرة الثانية، فقد سبق له أن زارها حين كان ولياً للعهد وهو اليوم يزورها بوصفه ملكاً للمملكة، مما يؤكد حرصه على تعزيز الروابط بين الدولتين بهدف توفير الرخاء للشعبين.
وللملك عبدالله تقدير خاص لدى الماليزيين رأيت مظاهره بنفسي، وقد أشار إليه الأمير سعود الفيصل - وزير الخارجية - بقوله: إن هناك تقديراً ماليزياً للدور الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين، وقد أدّى ذلك إلى هذا التطور الكبير في العلاقات خلال السنين الماضية وبخاصة خلال السنتين الماضيتين.
لم يترك خادم الحرمين الشريفين فرصة لرجال الأعمال كي يثيروا تخوفهم من الاستثمار في المجالات المتاحة في كلٍّ من البلدين، فقد سارع إلى القول - في كلمة له ألقاها في حفلٍ أقامته جمعية الصداقة السعودية الماليزية بكوالالمبور تكريماً له - بأن حكومة المملكة وحكومة ماليزيا الشقيقة قامتا بالواجب تجاه ربط الإطار القانوني والتشريعي الذي يفتح الباب في البلدين للاستثمار.
هذا يعني أن المشاركة بين رجال الأعمال السعوديين والماليزيين في مشاريع استثمارية تنسجم مع توجّه القيادتين نحو تعزيز الروابط الأخوية والإسهام في تعميق الشراكة الاقتصادية التي تتطلبها مصلحة البلدين في ظل حماية قانونية ملزمة ترعاها حكومتا المملكة وماليزيا، وهو يعني للمرة الثانية طمأنة أصحاب رؤوس الأموال على أن استثماراتهم محميّة ومصانة وموظّفة في مكانها الصحيح.
ولن أزيد على ما قاله الملك عبدالله، ولن أزايد عليه، فقد اختصر القول وأوضح ما كان يحتاج إلى كلام طويل وتفاصيل كثيرة، وطمأن رجال الأعمال بما شجعهم على المضي بخطوات متسارعة نحو اقتحام ميدان المشاركة التجارية والصناعية مع نظرائهم الماليزيين.
لكن التوسع المدروس والمتنوع بين رجال الأعمال في الدولتين في الشراكة الاقتصادية التي يتطلبها الاقتصاد المتطور في كل من المملكة وماليزيا، ربما احتاج الأمر في المستقبل إلى الإفصاح عن النتائج التي يحققها مثل هذا التعاون، حتى يكون ذلك محفزاً لنجاح المشروع الاقتصادي الكبير الذي سعى إليه خادم الحرمين الشريفين في زيارته إلى ماليزيا.
وغداً نواصل الحديث |