Monday 27th February,200612205العددالأثنين 28 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"عزيزتـي الجزيرة"

حين يرتدي سمسار الطب (المعطف الأبيض)! حين يرتدي سمسار الطب (المعطف الأبيض)!

المكرم رئيس تحرير جريدة الجزيرة الموقر:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
فقد طالعت في عددكم الصادر يوم الجمعة تاريخ 27-12- 1426هـ مقالاً بعنوان (سمسار يرتدي المعطف الأبيض) كتبه الأستاذ سلمان بن محمد العمري، وقد شدني الموضوع لأهميته من ناحية وبحكم التخصص من ناحية أخرى، كما أنه ذكرني بحادثة حصلت في بداية ممارستي لمهنتي الطبية في قرية صغيرة يعمل فيها طبيب عام هو الطبيب الوحيد في هذه القرية، حيث يقوم بكتابة وصفات طبية بناء على رغبة شخص يكون له تأمين صحي بحكم وظيفته، وذلك من أجل مقايضة الأدوية المكتوبة على الوصفة بما يقابلها بالسعر مع مركبات أخرى من الشامبو ومعجون الأسنان وغيره، وكل ذلك مقابل مبلغ من المال يتقاضاه الطبيب.
وأعود هنا إلى أساس الموضوع, فإن كتابة دواء معين لشركة دون أخرى كثيراً ما يقع تحت تأثير وجود علاقة مشبوهة مع شركات الأدوية وغالباً ما تكون هذه الأدوية من النوع الباهظ الثمن، بحيث تشكل عبئاً مادياً على المريض وخصوصاً المريض الفقير، وتكون المشكلة أكبر عند وجود أمراض مزمنة تستدعي الاستمرار على العلاج لفترات طويلة قد تكون طول العمر.
إن غياب رقابة الضمير والوازع الديني هي أهم أسباب المتاجرة بآلام المرضى وقد يتجاوز الأمر ذلك إلى كتابة أدوية منتهية الصلاحية بالاتفاق مع صيدلي مجاور مثلاً أو كتابة أكثر من مضاد حيوي في وصفة واحدة دونما حاجة.
وعلى الرغم من أن الطبيب هو إنسان مثله مثل أي إنسان وأن الرشوة وسباق الحصول على المال بشكلٍ بشع موجود كمرض بين البشر، إلا أن وجوده عند الطبيب مرفوض أكثر ووقعه في النفس أشد خصوصاً أن المريض وهو الأخص بالرعاية والمساعدة هو الذي يدفع الثمن، وإذا كان الأمر في حدود الابتزاز المادي فقد يكون أخف وطأة من نوعٍ آخر من الاخلال بأخلاقيات مهنة الطبيب مثل إجراء عمليات جراحية كاستئصال أجزاء من جسم الإنسان دون لزوم، مثل استئصال الزائدة الدودية دون وجود علامات لالتهاب الزائدة الحاد.
وأخيراً وليس آخراً فإنني أقول إن وجود مؤسسات صحية تعمل على رقابة دقيقة ومنظمة هو أمر ضروري للحد من تلاعب قلة من الأطباء وبعض الصيادلة من جهة وشركات الأدوية من جهة أخرى، إلا أن الأهم هو الوازع الديني ورقابة الضمير، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعمل رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقال صلى الله عليه وسلم: (فهلا جلس في بيت أبيه أو أمه فينظر أيهدى له أم لا، والذي نفس محمد بيده، لا يأخذ أحد منكم شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، وإن كان بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر) أخرجه البخاري.
وفي الختام أود أن أشكر أخي الأستاذ سلمان على طرحه مثل هذه الموضوعات، كما أنني اتوجّه بالشكر إلى جريدة الجزيرة إسهامها في نشر الثقافة والتوعية الصحية لدى القراء الكرام.
وتقبلوا تحياتي

د. محمد طه شمس باشا
إخصائي الأمراض الباطنية والمشرف على خدمة طبيب على الإنترنت
بمستشفى الحمادي بالرياض

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved