إن مسايرة التقدم في الدول المتقدمة التي أصبحت في الوقت الحاضر بفضل نظمها الإدارية والفنية تنعم بمنتجات وصناعات وتكنولوجيا الصورة المثلى لمقدرة الشعوب على النهوض بدولها، وذلك مرجعة الاهتمام بالتربية والتعليم والاهتمام بأسلوبها التربوي واهتمامها بالبحث العلمي، وصرف أكبر قدر من المال من دخلها القومي على التربية والتعليم؛ لإدراكها أن تطوير التربية والتعليم من مورثها الوطني وماضيها والأساس في متطلبات التجارة الدولية، لذا وفرت كل الوسائل الممكنة لاستثمار التعليم استثماراً جيداً في جميع نواحي الحياة، ولا يخفى على رجال التربية والتعليم كيفية التخطيط والتدريب والتهيئة النفسية والمادية وهم الأجور على ذلك ولذا تطورت هذه البلدان.
فإذا نظرنا إلى البلدان التي لا تهتم بأساليب التربية والتعليم وتطويرها على أسس علمية وتوفير المناخ المناسب لها تبقى متأخرة عن ركب حضارة هذه الأمم، فيجب عليها إذا أرادت اللحاق بالدول المتقدمة التغيير ليشمل المنهج التعليمي وأن يصاغ مع أسلوب يعتمد على البحث العلمي وعلى أسلوب يعتمد على تنمية التفكير والبحث عن الحقيقة من جانب المتعلم ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين ووضع أهداف تتمشى مع خطط هذا المنهج لتشمل المعلم وطريقة إعداده لتطبيق هذا المنهج والاختيار الأمثل للمعلمين ووضع ضوابط تساعد على استمراريتهم في العطاء وتقديم الأفضل وإعطائهم المرونة والصلاحية الكافية ومحاسبتهم، والبعد عن المركزية في العمل التربوي والاهتمام بتصميم المباني المدرسية حسب البيئة المحيطة بحيث تتناسب مع محتويات المنهج المراد تطبيقه وتصميم الفصول الدراسية والمختبرات وقاعدة البحث العلمي، وتوفير الوسائل المساعدة وتهيئة المناخ المناسب ومشاركة هيئة التدريس والطلاب وأولياء الأمور في مسيرة التربية والتعليم لكسب تعاطفهم وتقبلهم من أجل الرفع من الوطنية لديهم ويعطيهم الثقة في أنظمتهم التعليمية والتنموية ويحقق تطلعاتهم ويخلق مناخا تربويا وتعليميا يتناسب وأهداف التربية وتطلعات الدول والمجتمع، ولذا فإن تأطير الأنظمة التعليمية وتسخير جميع مؤسسات المجتمع لخدمة التربية والابتعاد عن إهدار المال والوقت على أساليب التربية القديمة التي تعتمد على التلقين والحفظ والمعرفة السطحية التي لا تساعد على التفكير والإبداع لدى المتعلمين، وإنما يدفع بهم إلى المسايرة والانصياع ويشجع السلطة الفردية من أعلى ويقيد حركة المتعلم في التفكير والتفاؤل والنقد والخروج على النص، مما ينتج شخصيات سلبية لا تعرف أسلوب الحوار ويزرع في المتعلم تصديق ما يقال له ويصبح متلقيا، فالمتعلم لبنة من لبنات المجتمع فإذا طورت التربية والتعليم تطور هذا المنهج وأصبح البلد له موقع مميز بين الأمم بالتقدير والاحترام.
|