كانت مملكة ماليزيا في الثلاثين من يناير من عام 2006م الموافق للثلاثين من ذي الحجة من عام 1426هـ على موعد مع زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ضمن جولته الآسيوية الرسمية لأربع من أهم دول القارة، وكان واضحاً أنه تم التحضير للزيارة الملكية جيداً من الجانبين رغبةً منهما في تفعيل العلاقة السياسية والاقتصادية فيما بينهما.
وماليزيا - كما هو معروف - هي إحدى الدول الإسلامية، وتقع في جنوب شرق آسيا، تتكون من إقليمين هما شبه جزيرة ماليزيا وسرواك وصباح ويفصل بينهما بحر الصين الجنوبي، ونظامها ملكي دستوري لكنه يمارس النظام الجمهوري ذا التمثيل النيابي، وعاصمتها كوالالمبور، ويشكِّل المسلمون خمسين بالمائة من السكان الذين يقدَّر عددهم بحوالي خمسة وعشرين مليون نسمة.
وصل الملك عبدالله إلى مطار كوالالمبور الدولي، وحسب البروتوكول، استقبله بالمطار رئيس الوزراء ووزير الخارجية، ولا يعد استقبال المطار هو الاستقبال الرسمي للزعماء الذين يزورون ماليزيا، ولهذا فقد توجَّه ضيف ماليزيا الكبير مباشرة من المطار بصحبة رئيس الوزراء إلى مقر البرلمان لحضور مراسم الاستقبال الرسمية هناك.
وفي مقر البرلمان كان جلالة ملك ماليزيا توانكو سيد سراج الدين بوترا جمال الليل في استقبال الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث نصبت منصة الشرف وتم عزف السلامين واستعراض حرس الشرف، فيما كانت تطلق المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحيةً لخادم الحرمين الشريفين.
في مساء اليوم الأول من الزيارة، أقام الملك الماليزي حفل عشاء على شرف ضيفه الكبير، وكانت الفرصة مناسبة ليصافح الملك عبدالله بن عبدالعزيز إخوة وأخوات ملك ماليزيا، وأن يوقِّع على السجل التذكاري، مع إتاحة المجال للمصوِّرين لالتقاط الصور التذكارية، وأن يسلِّم أعضاء الحكومة الماليزية وأعضاء الوفد السعودي على ملكي المملكة وماليزيا، مع تبادل الهدايا بين الزعيمين.
وكان هذا جزءاً من الترتيبات المعدة مسبقاً لحفل العشاء الملكي لعبدالله بن عبدالعزيز، وهو حفل استغرق وقتاً طويلاً امتد حتى منتصف الليل، حضوره كان كبيراً ضم كبار الشخصيات الماليزية في الدولة والقطاع الخاص وأعضاء الوفد السعودي المرافق للملك عبدالله، وقد تبادل أعضاء الوفد السعودي مع مضيفيهم الأحاديث والمناقشات الأخوية الصادقة.
أكثر ما ميَّز حفل العشاء الخطابان اللذان ألقاهما الملك والملك، فقد حدَّدا بوصلة وجهة العلاقة السعودية الماليزية القادمة، وأبانا للحضور نقاط الالتقاء، ومجالات التعاون، وتحدثا عن الفرص المتاحة للشراكة الاقتصادية الجادة بين بلديهما.
وكان من الواضح لمن استمع أو قرأ خطابيهما أنهما كانا على درجة عالية من الحماس والجدية والرغبة الصادقة في بناء أوثق العلاقات بين المملكة وماليزيا، فهناك قواسم مشتركة بين دولتين نظامهما ملكي وديانتهما الإسلام، بما يشجع على إطلاق الرغبة المشتركة في توسيع قاعدة التعاون والمشاركة والتكامل فيما بين الجانبين.
يقول ملك ماليزيا في كلمته: إننا نفهم أن حكومة المملكة تحاول حالياً جذب الاستثمار الأجنبي من أجل تطوير القطاعين الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، وأن القطاع الماليزي الخاص قد استجاب بصدق لهذا، وها هو يعمل على تطوير مشروع الشعيبة 3 للمياه والطاقة، ويبني جامعة الملك فيصل بالرياض، ونأمل أن تُمنح الشركات في ماليزيا مزيداً من الفرص للإسهام في جهود التطوير بالمملكة.
ويقول خادم الحرمين الشريفين رداً على كلمة ملك ماليزيا: يسعدني أن أكون في رحاب ماليزيا الشقيقة، الدولة التي نعتبرها تجربة رائدة استطاعت التوفيق بين ثوابت الإسلام ومتطلبات العصر، كما نعدها نموذجاً للتنمية الاقتصادية الناجحة، ونتطلَّع إلى إقامة شراكة حقيقية معها في كل الميادين.
وغداً نواصل الحديث |