Friday 24th February,200612202العددالجمعة 25 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"أفاق اسلامية"

أثر الداعية في محاربة الجريمة أثر الداعية في محاربة الجريمة
زياد بن محمد السعدون *

{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}
إن الدعوة إلى الله -عز وجل- أعظم أساليب مكافحة الجريمة والوقاية منها، لأن مقصد الدعوة إلى الله -عز وجل- هو إصلاح النفوس وتهذيبها، وتحقيق سعادة الدنيا والآخرة لها، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}(97)سورة النحل.
إن الإنسان يقدم على الجريمة حال ضعف الإيمان في نفسه، وعندما يقل الخوف من الله -عز وجل- في قلبه، فتمتد يده لمال غيره، وتستمرئ الرشوة والاختلاس، وتزل قدمه بالوقوع في الفواحش والجرأة على الجرائم بأنواعها، وفي الحديث (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن...) بل قد يصل به الأمر إلى إزهاق الأنفس المعصومة، وإن الإيمان بالله - عز وجل- الذي يغرسه الداعي إلى الله -عز وجل- في النفوس، ووعظه الناس بآيات القرآن وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، يحرك في نفوسهم الوازع الديني، ويوقظ ضمائرهم، ويذكرهم بعظمة الله -عز وجل- ومراقبته لهم، فيكون ذلك من أكبر أسباب بعد الناس عن الجريمة، واستقباحهم لها، ويقود النفس البشرية لكل خير، ويجعل في الإنسان رقابة داخلية تبعده عن الجريمة مهما غفلت عنه العيون، لأنه يؤمن بقوله تعالى :{إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء} (5)سورة آل عمران.
إن الداعي إلى الله - عز وجل- رجل أمن، فهو عندما يذكر الناس بالمحافظة على الصلاة إنما هو يدعوهم في حقيقة الأمر إلى البعد عن الجريمة والوقوع في الخطأ {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ } والواقع ماثل أمامنا، فإن أبعد الناس عن الجرائم هم أهل إقامة الصلاة، وإن أهل الاختصاص بالقضاء- حتى القانونيين منهم- يدركون أثر الوعظ في مكافحة الجريمة، ولقد ارتكب كثير من الناس جرائم عظيمة، ودخلوا السجن مرات عديدة، ولم يتغير حالهم إلا عندما زارهم الدعاة في سجنهم، وأخذوا بأيديهم ونصحوهم ووجهوهم.
ومن هنا نتذكر جميعاً أن الدعوة إلى الله -عز وجل- كما هي سبب في صيانة الإنسان من الجريمة ابتداء فهي سبب عظيم في صيانته من تكرار الخطأ والعودة لجرمه، لأن الدعاة إلى الله -عز وجل- يأخذون بيد الجاني ويفتحون له باب الأمل والتوبة إلى الله - عز وجل-، ويخرجونه من حالة الإحباط التي يعيشها، فيتحول ذلك المجرم إلى رجل صالح، بل ومصلح في الغالب {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}ومن يزر السجون، ويطلع على أخبارها، يعرف مدى تأثير الدعوة إلى الله -عز وجل- في إصلاح المجرمين، وربَّ زيارة واحدة لأحد الدعاة الموفقين تحول كثيراً من السجناء من حال الضياع والفوضى إلى الهدى والتقوى.
ولقد سمعت بعض الدعاة في الغرب، ممن كانوا يزورون السجون هناك، ويدعون إلى الإسلام يذكرون أنهم وجدوا كل ترحيب من المسؤولين بهذه السجون، مع أنهم ليسوا بمسلمين، ووجهوا لهم الدعوة لتكرار الزيارات، لما وجدوا من آثار إيجابية، فبعد زيارتهم يتحول السجن من مصدر إزعاج إلى غاية الهدوء والانضباط وتتحسن أخلاقه.
إن أعظم شاهد على أثر الدعوة إلى الله -عز وجل- في مكافحة الجريمة، حال المجتمع العربي قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فالقتل والسلب والنهب والتعدي، كانت قيماً يفتخر بها الكثيرون، ولا يأمن المسافر على نفسه إلا في الأشهر الحرم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الله -عز وجل- وآمن الناس، وخافوا الله تبارك وتعالى، وانقلب الحال من الإجرام والخوف إلى الأمن والطمأنينة.
وفي عصرنا هذا كان للدعاة إلى الله -عز وجل- أثر كبير في مكافحة الفكر المنحرف، وجرائم الإرهاب، بتبصير الشباب بمنهج أهل السنة والجماعة، الذي يحفظ الدماء المعصومة،ويحارب منهج الغلو وتكفير المسلمين والإفساد في البلاد.
وولاة الأمر -وفقهم الله- يدركون أهمية الدعاة إلى الله- عز وجل- في إصلاح حال المجرمين، ورد الضال إلى طريق الحق، فمكنوا الدعاة من زيارة السجون، وشكلت لجان لمناصحة من سار في الطريق الخطأ، بل ودعمت الندوات والبرامج مالياً لتحقيق هذا الغرض {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}(9) سورة الإسراء.

*رئيس محاكم منطقة الجوف

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved