تولي مكتبة الملك عبد العزيز العامة اهتماماً متزايداً بالكتاب والقراءة ، إذ تنطلق المكتبة في رؤيتها لأهمية دور القراءة، من أن القراءة تتعدى كونها وسيلة من وسائل اكتساب المعرفة، إلى كونها غاية تساهم في تشكيل شخصية الفرد و تطويرها ، و تتجلى هذه الرؤية في اهتمام المكتبة الدائم بتنمية مهارة القراءة السليمة بين جميع شرائح المجتمع و فئاته،بدءاً من تعرّف ميولهم و اتجاهاتهم نحو القراءة الحرة ،وانتهاء بمعالجة أسباب عزوف بعضهم عنها ..ولذا .. كان التحدي الأكبر الذي واجهته مكتبة الملك عبد العزيز العامة في بدايتها - وما تزال - هو إرضاء مرتاديها ، بتلبية احتياجاتهم .. وتعزيز ارتباطهم الدائم بها ؛ لا بتطوير خدماتها المكتبية المقدمة لهم فحسب ، بل بجعلهم عنصراً فاعلاً من المكتبة وفيها ..وبالرغم من أن معدل قاصديها السنوي قد قارب 300 ألف قارئ وقارئة ، إلا أن مكتبة الملك عبد العزيز العامة - كمؤسسة حضارية تعنى بنماء وطن بكامله - غالباً ما تتجاوز في طموحاتها جانب ( الكم ) - حتى وإن كان حافزاً مهماً ومبهجاً للقائمين عليها- لتغلّب دائماً جانب ( الكيف ) .. إذ لا تقف طموحاتها - عندما يتعلق الأمر بخدمة روادها - عند حدود ( كم يبلغ عددهم؟) .. بل تتجاوزها .. لتجيب على ( كيف تبلغ رضاهم؟ ) .
وتتبع مكتبة الملك عبد العزيز العامة في تنفيذ خدماتها المكتبية و القرائية و المعلوماتية المقدمة لمرتاديها من مختلف شرائح المجتمع وفئاته ، أحدث التقنيات في حقل المكتبات و المعلومات ، إذ يقوم كل قسم من أقسامها بدءاً من الثامنة صباحاً وحتى العاشرة مساءً ، و طوال أيام الأسبوع ، باستقبال قاصديه، وتلبية احتياجاتهم،والرد على أسئلتهم واستفساراتهم، بما يكفل بلوغ الأهداف الرئيسة للمكتبة ، ويحقق عنصر الجودة في كافة خدماتها المقدمة لمرتاديها والمستفيدين منها ، و ينسجم و جوهر رسالتها : تقديم خدماتها بجودة ترقى إلى مستوى توقعات المستفيدين من هذه الخدمات، وتلبي احتياجاتهم، وتحقق رضاهم .
ولهذا كله ، فعّلت المكتبة - وعلى أرض الواقع - اهتمامها بالكتاب ، لتعمل فعلياً على تكريس عادة القراءة بين أفراد المجتمع ،وذلك من خلال تنفيذها لأربعة مشاريع ثقافية كبيرة ، كان نصفها موجّه للطفل ،وذلك لاعتبارات تتعلق بإيمان القائمين على المكتبة بجدوى تأسيس النشء مبكراً على دعائم الثقافة والمعرفة.. وهذه المشاريع الأربعة والتي تعنى بشكل محدد بدعم القراءة والكتاب،جاءت لتتكامل وباقي مشاريع المكتبة وبرامجها ، في النهوض بمستوى وعي أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم ..
1- المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب :
يأتي المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب في الوقت الذي تعددت فيه مصادر اكتساب المعلومة و تنوعت ، مما أدى إلى عزوف البعض عن القراءة ، ظناً منهم بتضاؤل دور الكتاب و انحساره ، لينطلق هذا المشروع الوطني الثقافي معلناً البدء في إقامة علاقة عصرية جديدة تربط ما بين الكتاب و القارئ ، و تتواكب و معطيات العصر وتحدياته ، ليستعيد الكتاب مكانه ومكانته من جديد ، و بصيغة تتكامل ومصادر المعرفة المتعددة .
و لارتباطها الوثيق بالكتاب و القراءة من جهة ، و لموقعها كمقر للأمانة العامة للمشروع من جهة أخرى ، فقد أولت مكتبة الملك عبد العزيز العامة المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب عنايتها التامة ، إذ قامت بتخصيص إدارة مستقلة لمتابعة انطلاق المشروع و تقدمه ، ليصل إلى هدفه المنشود ..
ويهدف هذا المشروع الثقافي في مجمله إلى تقوية الصلة بالكتاب ، إلا أنه في تفاصيله يمتد إلى بلوغ أبعد من هذا الهدف ، إذ سيساهم في إعداد جيل محصن بالعلم و الثقافة ، و ذلك بتنمية مهارة القراءة لدى كافة شرائح المجتمع ، و العمل على نشر الوعي بأهمية القراءة و التعريف بفوائدها .
2- برنامج النشر العلمي و الترجمة :
تولي مكتبة الملك عبد العزيز العامة اهتماماً خاصاً ببرنامج النشر العلمي والترجمة ، و الذي يتم من خلاله اختيار الأعمال العلمية الأجنبية التي تدخل ضمن اهتمامات المكتبة ، و تساهم في تحقيق أهم أهدافها المتمثلة في إيمانها بضرورة المشاركة في تذليل العوائق اللغوية أمام الباحثين و الدارسين ، و طلاب الدراسات العليا ، و غيرهم من المهتمين بالنتاج الفكري الأجنبي ، الذين لا تسعفهم مقدرتهم اللغوية على إدراكه بلغته الأصلية .
و يشتمل نتاج برنامج النشر العلمي والترجمة على مختلف الموضوعات التاريخية والاجتماعية والأدبية والثقافية والعلمية ، ومن أبرز إصداراته : الطريق إلى مكة / د. محمد أسد ، فيلبي الجزيرة العربية / إليزابيث مونرو ، بداية الدعوة الإصلاحية في المملكة العربية السعودية ( إنجليزي ) / جورج رينتز ، مداخل أعلام الجزيرة العربية في الأرشيف العثماني / د. سهيل صابان ، حضارة الكتابة ( ألماني ) / د. سعيد السعيد .
3- نادي كتاب الطفل :
انطلاقاً من اهتمامها بالطفل و شؤونه ، تبنت مكتبة الطفل بمكتبة الملك عبد العزيز العامة فكرة تأسيس نادي كتاب الطفل ، لتتضافر جهودها في نشر الوعي بأهمية القراءة بين مختلف شرائح المجتمع . و يعد هذا النادي هو الأول من نوعه في المنطقة ، من حيث الدقة والتنظيم ، إذ انطلق لينسجم و التوجه العام لمكتبة الملك عبد العزيز العامة ، والهادف إلى بناء طفل سعودي محصن بالمعرفة و العلم .
و يقوم نادي كتاب الطفل بتوفير الكتاب المناسب لكل طفل مشارك ، إذ يتولى النادي و في مطلع كل شهر هجري ، مهمة إرسال كتابين بالبريد ، يتناسبان وعمر الطفل المشارك ، مقابل رسوم اشتراك رمزية سنوية لا تتعدى ( 300 ) ريال . وتصاحب الكتابين ورقة نشاط للطفل ، تحوي العديد من الأنشطة الذهنية ، و اللغوية ، و الترفيهية . بالإضافة إلى نشرة للآباء و الأمهات ، تتناول قضايا تربوية ، و نصائح إرشادية، ليساهم النادي بذلك في كل ما من شأنه أن يؤدي إلى نشأة الطفل في بيئة صالحة ، و جو صحي ، ليصبح بذلك في المستقبل عنصراً فاعلاً في بناء مجتمعه و وطنه .
ويهدف نادي كتاب الطفل إلى التقريب ما بين الطفل و الكتاب من خلال إيجاد مكتبة منزلية غنية بالكتب المفيدة لكل طفل مشارك ، بالإضافة إلى تعزيز ثقة الطفل بنفسه ، و إشعاره بأهميته ومكانته في المجتمع ، و ذلك بانتمائه إلى نادٍ خاص به ، ووصول ظرف بريدي يحمل اسمه، مما سينعكس إيجاباً على شخصيته في المستقبل .
4- مشروع نشر كتب الأطفال المتميزة :
تحرص مكتبة الملك عبد العزيز العامة على استقبال نصوص الكتاب و الكاتبات الموجهة للأطفال، وذلك لينال المناسب منها فرصة النشر و الظهور بمستوى راق ٍ و متميز ، و يأتي هذا في ظل تطلعات المكتبة إلى نشر المزيد من كتب الأطفال المتميزة ، نظراً للنقص الكبير والذي تعاني منه مكتبة الطفل العربية .
كما ترحب المكتبة بالنصوص المكتوبة بأقلام الأطفال ، على ألا يتجاوز عمر الطفل الخامسة عشرة ، و أن تكون لغة النص موافقة لمرحلة الطفل العمرية ، و ذلك لاستفزاز المواهب الكامنة في نفوس الأطفال ، بغية إخراجها ، لتتم رعايتها و تطويرها، إذ تولي المكتبة ومن خلال مكتبة الطفل ، عنايتها التامة ورعايتها للأطفال ، أملاً في أن ينشأوا في جو ثقافي معرفي صالح ، كي يساهموا في صناعة مستقبل بلادهم و أمتهم .
ويهدف مشروع نشر كتب الأطفال المتميزة هذا ، و الذي تتبناه المكتبة ، إلى المساهمة في إثراء مكتبة الطفل العربية ، و إلى طرح موضوعات و قضايا تهم الطفل العربي المسلم بشكل عام والسعودي بشكل خاص ، كما يهدف إلى الارتقاء بمستوى كتاب الطفل العربي تأليفاً و رسماً و إخراجاً.بالإضافة إلى تشجيع الأطفال على القراءة، و كذلك تشجيع و رعاية كتّاب و رسامي كتب الأطفال في العالم العربي .
|