Sunday 19th February,200612197العددالأحد 20 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"عزيزتـي الجزيرة"

مَن دفع ثمن الشهادات المزورة؟ مَن دفع ثمن الشهادات المزورة؟

عندما يتم توظيف مصطلح الإنسانية بغير مكانه الحقيقي فنحن بذلك قد ساهمنا بتشويه ومسخ الدلالة اللغوية والمعنوية لهذه الكلمة، وأصبحنا كأننا نقلب الحقائق والمفاهيم بطريقة كوميدية كاريكاتيرية هي أقرب إلى هزلية السلوك التقديري للبشر عن أي بعد إنساني يمكن تطويعه قسراً لتبرير إخفاق إجرائي ساخر، فالبعد الإنساني أقدس من أن يندرج تحت صيغة وفاء لطرف أخلّ بأبسط مبادئ الإنسانية.ولعل اللجوء إلى هذه المقدمة يسهل الدخول إلى صلب القضية التي تتمثل بما نشرته جريدة الجزيرة الموقرة بالعدد 12184 وتاريخ 7-1-1427هـ وبقلم عبدالله الهاجري من أبها تحت عنوان (هندي وهندية يعملان في صحة عسير بشهادة مزورة) ولكي يطلع القارئ الكريم على بعض التفاصيل وحسب ما جاء في نص الخبر (انهت الشؤون الصحية بعسير خدمات فنية تمريض هندية الجنسية كانت تعمل أكثر من ثمانية عشر عاماً في محافظة ظهران الجنوب بشهادة مزورة وقد قامت صحة عسير وفي موقف إنساني بصرف حقوق (المزورة) وتم ترحيلها إلى بلادها فيما تمكن صيدلي هندي الجنسية كان يعمل في محافظة رجال ألمع من الهروب بعد اكتشاف أمره بأن شهادته الصحية (مزورة) على الرغم من أنه يعمل لأكثر من أربعة وعشرين عاماً، وذلك حين قدم للجوازات على أنه مخالف لنظام الإقامة، وتم ترحيله دون أن يستفيد من حقوقه التي كانت وزارة الصحة ترغب في تسليمه إياها على خدماته الممتدة لأكثر من أربعة وعشرين عاماً) انتهى.
والمقصود بالحقوق هنا المتعلقات المالية وعلى رأسها مكافأة نهاية الخدمة وهي بمثابة راتب شهر عن كل سنة من الخدمة، وطالما أننا غرقنا في الإنسانية لكي ننتشل حقوق المزورين فأين حقوق أهلنا في ظهران الجنوب ورجال ألمع الذين دفعوا ثمن الجريمة المهنية، وأي حقوقٍ تعاقدية يجب علينا احترامها طالما أن العقد في الأصل ليس صحيحاً وما بني على باطل فهو باطل، ولعل المفارقة الغريبة هنا تكمن بالمفهوم المعكوس لتبعات الحدث فعوضاً عن مطالبة الجاني بالتعويض للمتضرر نجد أن معاملته تمت دون جزاء أو عقاب أما فيما يتعلق بالصيدلي، فالأمر طامة كبرى فالمسكين الذي عاش بيننا أربعة وعشرين عاماً بشهادة مزورة هرب دون الحصول على حقوقه علماً بأن الجهة المعنية كانت ترغب بتسليمه حقوقه كاملة إلا أنه سامحه الله هرب دون تحقيق ذلك لاعتقاده الخاطئ بأن ما فعله طيلة هذه السنوات كان خطأً وكان يظن المسكين أن التزوير وتزييف الشهادة جريمة صارخة بحق الأنظمة واللوائح وشريعة التعاقد، وهو أيضاً لم يكن يدرك تساوي وتكافؤ الفرص بين الصيدلي الحقيقي والصيدلي المزيف.
وأخيراً ألا ترون معي أن هذا الإفراط بالمثالية الإنسانية يعتبر بمثابة إعلان طمأنة لكل مزيف ومزور شهادة يعمل أو سوف يعمل بيننا، وألا ترون أيضاً أننا نطمئن المزور بأننا نحتاج لربع قرن من الزمن لكي نكتشف أمره، وفوق ذلك كله ألا ترون أن على كل مقيم يريد المغادرة بصورة ملتوية فما عليه إلا تسليم نفسه للجوازات مدعياً أنه مخالف لنظام الإقامة حتى لو كان مقيماً عندنا لمدة أربعة وعشرين عاماً.

علي بن سليمان الحجي - عنيزة

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved