Saturday 18th February,200612196العددالسبت 19 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاخيــرة"

رحلة ملك (15) رحلة ملك (15)
بقلم: خالد المالك

الهند بعواصمها الثلاثة - السياسية والصناعية والثقافية - ليست ضريح تاج محل، ولا يمكن اختصار التعريف بها في جانب واحد من جوانب ثرائها المعرفي والتاريخي والتراثي، فهي عن حق وحقيقة الدولة التي لها أن تفاخر وتعتد بمساجدها ومعابدها وكنائسها وحصونها وقلاعها ومناطقها وقصورها ومنقوشاتها وأحجارها الكريمة ومجوهراتها وأضرحتها وتوابلها وفن العمارة الإسلامي والهندوسي فيها، وكل ما يثير الشهية للمشاهدة والقراءة عن هذا الجزء المهم من العالم.
إنها من جانب آخر، مخزون القمح، الغنية بمنتجعاتها البحرية، الساحرة بمناظر ومشاهد جبالها وسهولها وأوديتها مع إشراقة صباح كل يوم وعند موعد الغروب، على الرغم مما يعانيه الإنسان الهندي من تدنٍ في دخله، وتواضع في مستوى معيشته، في زمن تحقق فيه الهند كل هذه النجاحات صناعياً وتجارياً واستثمارياً.
أجل إن عبد الله بن عبد العزيز لا يزور بلداً يفتقر إلى مقومات المستقبل الواعد بالكثير من النجاحات القادرة على أن تتغلب على ما يئن الشعب فيه من أوضاع مأساوية في جزءٍ من الحياة هناك، ولكنه يدلف بوابة العهد الجديد من التعاون مع دولة كبرى مساحةً وسكاناً، مع دولة هي سوق كبرى لاستيعاب جزءٍ كبيرٍ من صادراتنا من البترول، الدولة القادرة على أن تكون شريكاً معنا في عددٍ من الصناعات، ومعنا في الاستثمار في كثيرٍ من المجالات، بفرصٍ هي الآن ومستقبلاً تتنامى وتزيد بشكلٍ يثير الانتباه.
لاحظوا أنه في زيارة الملك عبدالله تم التوصل إلى تأسيس الشركة السعودية الهندية للاستثمارات المشتركة، ومصنع الزامل للحديد، وشركة لخدمات المياه، وتوسعة مصنع إميانتيت بالهند، وتطوير تكنولوجيا صناعة التلفزيون السعودي، وعقود أخرى تشمل: الرعاية الصحية، والتمويل العقاري، وإنشاء وكالة للمواد ومعدات النفط والغاز، وشركة هندسة الطاقة والبترول، ومستشفى، وبنك استثماري، فما الذي تعنيه كل هذه الاتفاقيات أكثر من أنها خطوات جادة لتأسيس شراكة اقتصادية ناجحة بين المملكة والهند باهتمام شخصي من خادم الحرمين الشريفين.
الملك عبد الله شجّع رجال الأعمال في البلدين، وثمّن عالياً توجههم للاستثمار المتبادل، والتعاون المثمر، بل إنه رحب برجال الأعمال الهنود ودعاهم إلى الاستثمار في المملكة في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية والتجارية، وبخاصة في قطاعات تقنية المعلومات والاتصالات والدواء والتعدين والطاقة والخدمات.
أما رئيس وزراء الهند مان موهان سنغ فيرى في زيارة الملك عبد الله للهند وبوصفه ضيف الشرف الرئيس في حفل يوم الجمهورية الهندية، بأنه يشكل دليلاً واضحاً على رياح التغيير الجديدة التي تهب على العلاقات بين المملكة والهند، وهو تغيير مهم بحكم أن الهند تعد الآن رابع أكبر شريك تجاري للمملكة.
إن أي كلامٍ نكتبه عن زيارة عبد الله بن عبد العزيز للهند، طال أو قصر هذا الكلام لن يغطي كل النجاحات التي تحققت، لكن العبرة في كل ما تم إنجازه، أن ضيف الهند مع مضيفيه تمكنوا من توفير المناخ المناسب الذي ساهم وساعد في التوصل سريعاً إلى ما كان يسعى إليه الطرفان، وسببه الصدق والوضوح والشفافية التي سادت الاجتماعات والمباحثات، مسنودة بالرغبة الجادة بأن تكون العلاقة بين الدولتين على هذا المستوى من التعاون فيما بينهما.
وأحسب أنني أعطي بما أكتبه إشارات ليس إلا عن هذا الجو الجميل الذي كان يسود هذه الزيارة، بما سيبقيها خالدة وبالتالي يحتفظ التاريخ بها كواحدةٍ من أهم الزيارات التي منحت الدولتين شرف هذا التعاون الذي سيفيد شعبي البلدين وسيكون انطلاقة جديدة نحو ما نتمناه من مستوى متقدم ومتطور ومستمر للتعاون بين السعودية والهند.

وغداً نواصل الحديث

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved