* السليل - مبارك الفاضل:
وصل إلى مطار وادي الدواسر مساء يوم أمس اثنان من شباب السليل الأربعة الناجين من كارثة العبارة (سلام 98) قادمين من جدة بعد أن كانا تحت الملاحظة الطبية منذ عودتهما بطائرة الإخلاء الطبي من الغردقة في جمهورية مصر العربية وكان في استقبالهما في المطار أهاليهما وعدد من المواطنين وممثلو الصحف المحلية، وكان الاثنان الآخران قد وصلا نهاية الأسبوع الماضي إلى السليل قادمين من جدة، في حين تم العثور على الشخص الخامس متوفياً وتم دفنه هناك بحضور عدد من أقاربه.
وقد تحدث ل(الجزيرة) الشاب محمد بن زايد آل فرحان الدوسري موظف بمحكمة محافظة السليل الكارثة أصعب من أن توصف فهي سيناريو لا أدري عنه غادرنا ميناء ضباء حوالي الساعة الثامنة بتوقيت السعودية وبعد حوالي ساعة ونصف الساعة من تحرك العبارة بدأنا نشتم راحة النيران وهذا ليس حريقاً وإنما عطل وهي طبيعية داخل العبارة ولم يوجهوا الركاب إلى وسائل السلامة أو طرق استخدامها ثم بدأ الدخان يدخل إلى كبائن العبارة وانحرفت العبارة إلى يمين وشاهدت القبطان وطاقم العبارة يتجهون بواسطة قارب بعيداً عن العبارة وبعد ذلك لبسنا أطواق النجاة وقفزنا إلى البحر وكان معي إلى جواري أخي عبدالله زايد وزميلي عبدالله شايع (توفي رحمه الله) وكنا نطفوا جوار بعض ونتحدث وكل منا يرفع معنوية الآخر، أما الآخران شقيقي فرحان وسعد محمد فقد فقدناهما منذ نزولنا للبحر والحمد لله فقد نجينا أيضاً.
كان بالإمكان العودة إلى ضباء لحظة نشوب الحريق لكن هذا قضاء الله وقدره والحمد لله على قضائه وقدره ورحم الله الأموات.
كان الوضع مأساوياً حيث إنك تسمع صراخاً وعويلاً من الناس رجالاً ونساء وكان بعضهم يحرص على أن يتجمعوا معاً لكن هنالك أناساً كانوا لوحدهم يعانون من أمواج البحر.
وجلست أصارع أمواج البحر لوحدي أكثر من عشرين ساعة وكان الهواء شديد البرودة والشيء الذي يجب أن يعرفه الآخرون هو أنني رجل أعاني إعاقة شلل في إحدى رجلي منذ الصغر.
بعد ظهر يوم السبت بدأت ألمح عبارة سعودية تقترب منا ولما وصلت إلينا أقلتنا على الفور ونقلتنا للمستشفى لإجراء بعض الفحوصات الطبية ووجدت بقية مرافقي وتم نقلي بعدها إلى جدة.
أما فرحان بن زايد الفرحان فقال بعد أن شاهد الركاب الوضع على العبارة بدأوا يتحركون من أجل البحث عن وسائل السلامة، بدأت العبارة تغرق إلى عمق البحر وفي ليل قارس ومظلم بدأ الركاب يقفزون إلى البحر وهناك من بقي في العبارة ليستقر في قاع البحر، كان المشهد لا يوصف، وبعد أن قفزنا إلى البحر كنا نصارع الموج وكنت أشفق على أخي (محمد المعاق) وقبيل الظهر كان هناك قارب يقترب منا ومن الركاب وكان مملوءاً وحمل زيادة طلبنا منهم أخذ أخي محمد وبقيت أنا وعبدالله شايع رحمه الله ومعنا 5 مصريين توفي أربعة منهم ثم اختفى عبد الله شايع وبقيت أنا وأحد الإخوان المصريين.. كانت الجثث لا تحصى ما بين الأطفال والرجال والنساء حتى المغرب وجدنا صندوقاً به حبة طماطم وخيار وتقاسمناها أنا ومرافقي في البحر وبقينا في مساء يوم السبت وليلة الأحد وقبيل الفجر صاح بي الأخ المصري وكان في حالة الاحتضار وفك السترة وقال خذها أنا سوف أتوفى ولن احتاجها وطلبت منه ألا يفكها إلى الصباح لعل الله يفرج الكرب وكنا نلهث بالدعاء ولكن كان القدر أن توفي أمامي وبقيت إلى ظهر الأحد حيث وصلت إليّ سفينة بحث سعودية أنقذتني ونقلتني إلى مصر للمستشفى حيث كنت في حالة صعبة كما أن حبل أحد الزوارق قد لف على يدي وتأثرت كثيراً بقيت هناك يومين وتم نقلي بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية بواسطة الإخلاء الطبي إلى مستشفى الملك فيصل بجدة وكان سموه يتابعنا حتى مغادرتنا قبل قليل مطار جدة إلى أهلنا في السليل.
|