Sunday 12th February,200612190العددالأحد 13 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

(إلا محمد) (إلا محمد)
عبد الله عبد الرحمن سليمان العايد

إن الاعتداء على رسولنا الكريم وهو رمز من رموز الإسلام، بل هو الهادي البشير من لدن عليم حكيم هو اعتداء على الإسلام وبالتالي غضبتنا هذه هي غضبة على الإسلام ومحارمه. والاستهزاء خُلق من أخلاق أعداء الله، تخلّق به الكفار والمشركون، وتخلّق به المنافقون الذين احترقت أحشاؤهم على دين الله وأهله، لذلك كشف الله تعالى هذا الخُلُقَ النبيل لنبيه محمدژ وأصحابه الكرام الذين قضوا بالحق وبه يعدلون. ولقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله تبيّن موقف الأنبياء والرسل من الاستهزاء والاحتقار، بل صرحت هذه الآيات بكفر هؤلاء الهازلين المستهزئين.
والأمر ثابت من سيرة رسول الله ژ أنه أرحم الناس بالناس، وأقبل الناس عذراً للناس، ومع ذلك كلّه لم يقبل عذراً لمستهزئ، ولم يلتفت لحجة ساخر ضاحك، فحين سخر به وبأصحابه من سخر في مسيره لمعركة تبوك وجاء الهازلون يقولون: إنما كنا نخوض ونلعب: لم يقبل ژ لهم عذراً، بل أخذ يتلو عليهم الحكم الرباني الذي نزل من فوق سبع سماوات: {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (66) سورة التوبة.
ولكي ندرك خطورة وفداحة ما ارتكبوه: ننظر إلى ملابسات حالهم، فنجد أنهم قد خرجوا في الغزو مع رسول الله ژ وتركوا الأهل والأزواج والأولاد والأوطان، وكان خروجهم في فصل الصيف، وشدة حرارته المعروفة وتعرضوا للجوع الشديد والعطش الأليم، ومع هذا كلّه لم يشفع لهم حال من هذه الأحوال حين استهزؤوا برسول الله ژ ومَن معه من الصحابة رضوان الله عليهم.
وفي هذه الأيام وخصوصاً أنها ليست أول مرة يستهزؤون على نبينا الكريم ولا آخر مرة قبلها في السويد وفي هولندا وفي النمسا والآن في الدنمارك أطلت علينا صحيفة غربية أو قناة تلفزيونية هنا أو هناك بتطاول سافر على رموزنا الدينية الإسلامية وغالباً ما يكون الهدف هو شخص الرسول المصطفي محمد ژ خاتم المرسلين، وآخر حلقة في هذه السلسلة ذلك التطاول على شخص الرسول الكريم محمد ژ من جانب صحيفة (يولاند بوستن) الدنماركية التي نشرت رسماً مزعوماً لشخص الرسول عليه الصلاة والسلام، مما أثار حفيظة المسلمين في كل مكان، والمشكلة تكمن في أنه لا يوجد أي ردة فعل بمعنى الكلمة ولكن كل الردود مواقف فردية صغيرة، ومهما كان هذا الاستهزاء من عدمه أو تضخيمه إلا أنه يذكرنا بموقف (قالت فيه الذبابة للنخلة يوماً استمسكي بنفسك إني ذاهبة عنك فقالت النخلة لم أشعر بك وأنت هابطة علي فكيف أشعر بك وأنت ذاهبة عني). ولا شك أن الحرب الشعواء التي تشنّ على رموز الإسلام لم تكن حديثة عهد، بل هي من قديم الزمن فقد قال تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليهودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِي وَلاَ نَصِيرٍ} (120) سورة البقرة. ما حدث من استهزاء بالرسول ژ جريمة بكل المقاييس يجب أن تجد صداها في العالم الإسلامي. منذ أسابيع تناقلت الصحف خبراً عن مسابقة أجرتها إحدى الصحف لفن الكاريكاتير، وتم اختيار الرسم الفائز للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، رسمه أحدهم باعتباره إرهابياً يمسك قنبلة يدوية، ومهما احتج أي مسؤول أو أي شخص ما إلا وجاء الرد من أن هناك متعللاً بحرية التعبير وهذا الرد فيه استهانة بالعقول، لأننا نعرف جميعاً أن هناك في أوروبا قوانين وأوضاع تعاقب من يخوض في الأديان أو الأعراق، أو يشكك في المحرقة، أو يتعرّض من قريب أو من بعيد للسامية التي تعني هناك اليهود فقط، لكن الأمر يبدو أنه مختلف بالنسبة للإسلام والمسلمين. وهذا يعني أن العالم الآن تبرز فيه ظاهرة جديدة، خطيرة على الإنسانية بكل أطرافها الظاهرة ومضمونها الخوض في العقائد والهجوم على الأديان مما يؤجّج وينذر بحروب ثقافية، دينية، سيسفر عنها أعمال عنف متمثّلة في الحروب والأعمال اليائسة.
وفي الختام لا أملك إلا أن أقرأ قوله تعالى: يقول الله تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (36) سورة القلم. وقوله سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أولئك فِي الأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأغلبنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِي عَزِيزٌ} (21) سورة المجادلة. لقد تأملت الآيات العظيمة التي وردت في كتاب الله تعالى والتي ذكر فيها سبحانه عقوبة المستهزئين وعقاب الله الأليم المحيط بهم، فوجدت أمراً عظيماً تتفطّر منه الأكباد، وتنخلع لهوله الأفئدة لا سيما خزي في الدنيا، وعذاب في الآخرة. سدَّد الله الخطى وبارك في الجهود، والله من وراء القصد

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved